أفغانستان وباكستان بعد 20 عاما من التواجد الأميركي للـ"قضاء على الإرهاب"

أفغانستان وباكستان بعد 20 عاما من التواجد الأميركي للـ"قضاء على الإرهاب"

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 30 سبتمبر 2021ء) مع أفول شهر أيلول/سبتمبر الحافل بالأحداث التاريخية التي شهدتها الولايات المتحدة في الـ 11 منه، وتداعياته على منطقة جنوب آسيا والعالم ككل، كان هذا العام مخالفا لما سبقه، حيث أتى بعد انسحاب للقوات الأميركية وعودة طالبان لحكم أفغانستان عقب مرور 20 عاما من إحلال "الديمقراطية الأميركية" في هذا البلد.

الولايات المتحدة إلى أفغانستان للقضاء على الإرهاب وإحلال "الديمقراطية"

أيلول يحمل في طياته أحداث يستذكرها العالم من كل عام  ، يتذكر الأحداث الدراماتيكية التي شهدتها الولايات المتحدة من استهداف لأبراج التجارة العالمية والهجوم الذي شهده مبنى البنتاغون، ويُفتح هذا الملف المثير للجدل والملابسات التي صاحبته، وتبعاته التي أثرت على الخارطة الجيوسياسية والجيواستراتيجية للعالم باسره، ما زالت كثير من الأطراف تدفع ثمن هذه الهجمات، وبالطبع تتوجه الأنظار إلى هذه المنطقة من العالم " جنوب آسيا " وبالتحديد باكستان وأفغانستان، فالذريعة التي استخدمتها واشنطن وحلفائها الغربيين هو أن التنظيمات الإرهابية التي تتخذ هذه الم

نطقة مقرا لها هي المسئولة الأولى عن استهداف الولايات المتحدة​​​.

(تستمر)

غزت الولايات المتحدة وحلفائها في الناتو أفغانستان للقضاء على التنظيم الذي يعد الأخطر في العالم والذي يهدد أمن واستقرار العالم والولايات المتحدة على وجه التحديد بزعامة الإرهابي المخضرم " أسامة بن لادن" فحشدت أكثر من مئة وخمسين ألف جندي لدحر الإرهاب المتوغل والمتوحش في أفغانستان والحدود القبلية الباكستانية ـ الأفغانية ودكت هذه المناطق بلا رحمة وقتلت الآلاف من الأبرياء من المدنيين ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها الولايات المتحدة والتي تقدر حسب تقارير أميركية بنحو اثنين ونصف مليار دولار تقريبا.

طالبان المتشددة تعود إلى الحكم في أفغانستان

عشرون عاما مضت على هذه الحرب وانسحبت القوات الأميركية والأطلسية من أفغانستان في أخر آب/ أغسطس الماضي منصبة ورائها " حركة طالبان" التي جاءت من أجلها منذ عشرين عاما لدحرها والتنظيمات الإرهابية التي تتعاون معها، وفي مقدمتها تنظيم القاعدة ( جماعة إرهابية محظورة في روسيا). وها هو خليفة بن لادن في القاعدة " أيمن الظواهري" يخرج بشريط مصور بعد أيام فقط من انسحاب القوات ليهدد فيه القوى الغربية والولايات المتحدة وإسرائيل ... إذا جاءت لتدحر .. وخرجت الولايات المتحدة دون أن تقطع حتى رأس ثعبان الإرهاب.

إعلان القضاء على بن لادن " واقع عملياتي أم حتمية سياسية"

احتفلت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الثاني من شهر أيار/ مايو من عام 2011 بالقضاء على رأس الإرهاب وأعلن اوباما في خطاب تاريخي بأن الولايات المتحدة قضت على الإرهاب بعد قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في عملية نوعية جراحية قامت بها قواته داخل الأراضي الباكستانية وبالتحديد في مدينة " أيبت أباد" لتطوى صفحة الإرهاب نهائيا.

ولكن بعد مرور أحدى عشر عاما تقريبا على هذه الواقعة .. قامت " سبوتنيك" بتقصي ما حدث بالفعل في هذه العملية : شهود العيان وصحفيين باكستانيين يؤكدون بأن أسامة بن لادن تنظيم القاعدة لم يكن موجودا على الإطلاق في منزله الذي قصفته الولايات المتحدة في هذه العملية.

تحدثت " سبوتنيك " إلى أحد شهود العيان الذين عاصروا هذه العملية من ليلة القصف حتى خرج تقرير حكومي باكستاني يسمى بتقرير " لجنة أيبت آباد" يؤكد لنا بأنه كان يقطن من مجمع بن لادن ببضعة أمتار.

ويقول راجا هارون "نحن كلنا متأكدون بأن بن لادن لم يكن بالمنزل على الإطلاق ولكن ما هو مؤكد بأن عائلته كانت في هذه المنطقة وسكنت في هذا المنزل لسنوات.

وأستطرد هارون الذي أيضا عمل في المجال الصحفي الاستقصائي " ذات ليلة سمعنا دوي انفجار ضخم في مجمع بلال السكني وعندما خرجنا رأينا نيران اللهب تتصاعد من هذا المنزل حيث نحن نقف على أرضه الآن وهذا كان أمرا غريبا لنسبة لنا كسكان لهذه المدينة المعروفة بالأمن والأمان ولكن لساعات الصباح لم يدرك أحد ما ذا حدث بالفعل، ولكن عندما تنفس الفجر نوره أدركنا أن هناك غارة أميركية وحطام طائرة مروحية أميركية في المكان ذاته"

وتابع قوله " أخذ السكان ينقلون بعض من أجزاء هذا الحطام ولكن لأخر لحظة لم نسمع عن مقتل أي احد، وبعد ساعات فوجئ العالم ونحن معهم بأن وسائل الإعلام الأميركية والغربية تتحدث عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مدينتنا وعندها بدأت تتزاحم وسائل الإعلام و مندوبيها على هذا المكان من الداخل والخارج وخرجت تصريحات أوباما تهنئ الأميركيين والعالم بالقضاء على زعيم اخطر تنظيم في العالم وأن جثته أُلقي بها في البحر .. انه هراء وأمر مضحك يدعوا إلى السخرية".

مسرحية لحفظ ماء الوجه

من جانبه أفاد سهيل عباسي، أحد الذين قاموا بتغطية هذا الحدث لأحدى الصحف والتلفزة الباكستانية ، بانه يتفق تماما ويشاطر الرأي مع شاهد العيان، بأن ما حدث هنا ما هي إلا مسرحية كان تحتاجها الولايات المتحدة آنذاك لحفظ ماء الوجه أمام العالم والشعب الأميركي.

وبعد مرور كل هذه السنوات يؤكد عباسي بأن انسحاب الولايات المتحدة الأميركية وقوات الناتو من أفغانستان ماهي إلا هزيمة نكراء ومذلة لقوى العالم ، ولم تنجح واشنطن على الإطلاق في الوعود الكاذبة التي كان يتشدق بها المسؤولون الأميركيون لتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء والديموقراطية في أفغانستان.

واردف عباسي قائلا في حديث مع " سبوتنيك" في تحليله لما يجري حاليا في أفغانستان أن "مجيء طالبان الأفغانية وبالصورة المتسارعة والغريبة في الوقت نفسه ما هي إلا تمثيلية أخرى وأن ما حدث خلف الكواليس هو اتفاق أميركي ـ طالباني لتسليم طالبان زمام الأمور في أفغانستان بهذه الطريقة وبهذه السرعة التي لا يقبلها أي عقل لكي تضع أفغانستان مرة أخرى في مرمى الاستهداف الدولي بحجتها القديمة الجديدة " ألا وهي محاربة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية ولكن هذه المرة تختلف الصبغة أو الاسم " داعش" (جماعة إرهابية محظورة في روسيا) أما الجوهر فلم يتغير".

كبش فداء للفشل الأميركي

وحول موقف باكستان مما يجري من أحداث في المنطقة .. أكد سهيل عباسي إن باكستان دائما ما تكون كبش فداء للسياسيات الأميركية في المنطقة وبالتأكيد ستمارس واشنطن سياسة العصا على إسلام آباد لتجبرها في الدخول في حروب ليس لها فيها ناقة ولا جمل سوى أن مصيرها الجغرافي يربطها برباط وطيد مع جارتها الغربية أفغانستان بحدود وعرة تمتد لأكثر من ألفين وستمائة كم.

أن التحديات أمام دول المنطقة لا شك ستكوون كبيرة وجمة .. وأن دول الجوار الأفغاني ستدخل في معمعة جديدة من التناحرات وتقاطع المصالح الاستراتيجية بين دول الإقليم من جهة وتنغيص الغرب و الأميركيين أي محاولة لإدخال الدولة الأفغانية في أي مرحلة من الأمن والاستقرار من جهة أخرى.

فالمخاوف بدأت تظهر على السطح من خلال ارتفاع وتيرة هجمات المسلحين من داعش (جماعة إرهابية محظورة في روسيا) في الداخل الأفغاني وحركة طالبان الباكستانية على الحدود مع باكستان وقيامها بين اليوم والأخر بعمليات يواجهها الجيش بقوة ولكن الكل يتخوف في هذه المنطقة من قادة وسياسيون وشعوب من دخول المنطقة في نفق جديد مظلم من حرب بين الإرهاب والحكومات في المنطقة.

أفكارك وتعليقاتك