الصيد بالصقور.. رياضة الأجداد يتوارثها الأبناء

الصيد بالصقور.. رياضة الأجداد يتوارثها الأبناء

رأس الخيمة ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 29 سبتمبر 2020ء) تحظى رياضة الصيد بالصقور في الإمارات باهتمام خاص من قيادة الدولة وأهلها حيث تعلم الصبر والجلد والقوة وتعتبر لونا من ألوان التغلب على الخصم بالذكاء والقوة وتظهر ابن البادية بما وهبه الله من فطرة ومقدرة على تأنيس هذا الطير الجارح وتأديبه.

وقد اشتهر أهل الإمارات منذ قديم الزمان بحبهم للصقور ومعرفة حسن آدابها وتدريبها وترويضها ومعاملتها وتوارثوا ذلك جيلا بعد جيل وأصبحت لهم وسائل خاصة بهم في التدريب تعتبر من أحسن الطرق بين مثيلاتها عند أصحاب الهواية والممارسين لها في العالم حيث تعتبر رياضة الصيد بالصقور جزءاً من التراث الذي توارثه الأبناء عن الآباء والأجداد.

ولم تقف خبرة أهل الإمارات عند حد التدريب واستخدام الصقر في القنص فقط بل تعدتها إلى حيث معرفتهم بالأمراض التي تصيب الصقر وكيفية علاجها بكل دقة.

(تستمر)

وأصبحت رياضة الصيد بالصقور هواية ورياضة لارتباطها بالقيم النبيلة والشجاعة والفخر والمجد التي تشملها القيم العربية المرتبطة بهذه الرياضة ومن أهم الرياضات التقليدية في دولة الإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى صلتها بالحفاظ على الطبيعة والصيد المستدام، وروح الصداقة التي تربط بين الصقّارين حيث ابدع أهل الإمارات في اصطيادهم لأغلى أنواع الصقور في العالم التي تأتي مهاجرة من عدد من الدول البعيدة في هجرتها السنوية حيث يستخدمون كل المهارات وفنون الصيد لترويض الصقر البري ليصبح صيادا ماهرا ومرافقا جيدا في غضون أيام، ومع انتهاء موسم الصيد كان يتم إطلاق الصقور إلى البرية مرة أخرى.

ويبدأ موسم الصيد في دولة الإمارات العربية المتحدة كمثله في دول الخليج العربية في فصل الخريف حيث تبدأ طيور الحبارى بالهجرة إلى مواطن تكاثرها من أواخر سبتمبر وأوائل أكتوبر وينتهي في شهر مارس عندما تبدأ حرارة فصل الصيف .

ويستطيع الصقارون التعرف على بدء موسم الصيد مع بدء طلوع نجم سهيل حيث تبدأ عملية التحول التدريجي في المناخ وتأخذ درجة الحرارة في الانخفاض وتصاحب ذلك تغيرات طبيعية حيث يلاحظ اخضرار النباتات الصحراوية وانخفاض درجة حرارة المياه وتبدأ طلائع الطيور المهاجرة البرية والبحرية في الوصول إلى شواطئ الخليج العربي الدافئة وتسمى عملية نزوح الطيور إلى هذه المنطقة بـ"اللفو" كما تعرف عملية هجرة الطيور في طريق مناطق الإشتاء وعودتها إلى مواطن تكاثرها بـ"العبور".

ومن أنواع الصقور "الصقر الحر" وهو ثلاثة أنواع "الحر الكامل" و"القرموشة" و"الوكرى الحرار" ويعتبر هذا النوع من الصقور من أفرس الطيور وأكثرها صبرا على الجوع والتحمل سواء على الأرض أو في الجو ..

ومن أنواع الصقور أيضا "الشاهين" وهو من جنس الصقر الذي يفضل العيش على الشواطئ ويتغذى على طيور الماء وهو من أسرع الصقور أثناء الصيد لذا فهو مفضل دون غيره ومن أهم أنواعه "الشاهين الكامل" و"الشاهين الوكري" و"الشاهين الخميس" و"الشاهين التبع" .

أما "الحبارى العربية" فهو من الطيور الجميلة التي تعتبر من أجمل ما يصطاده الصقر ويبلغ طولها 70 سنتيمترا وهي مرقطة بالذهبي والأبيض والأسود والأحمر الذي تشوبه كدرة وميزتها أن لها ثلاثة أصابع في كل رجل توقيع يستدل به على مكمنها ويظهر بسهولة فوق الرمل وقوتها الحشرات الكبيرة والأعشاب الطرية وهي دلالات أخرى على أماكن وجودها وتعيش أما زوجا أو في سرب من 4 أو 6 وتصل أحيانا إلى عشرة طيور وهي سريعة الركض في الأرض قوية الاندفاع وخاطفة الانطلاق وسريعة الطيران أيضا خصوصا إذا ما شعرت بخطر.

ويبدأ منذ الفجر والجو لا يزال باردا وجافا البحث عن الحبارى الجميلة والبلهاء حيث يعد هذا وقت الصيد وقد يستمر إلى الساعة الحادية عشرة ليعود من جديد بعد الظهر وفترته قصيرة جدا تمتد من نوفمبر إلى ديسمبر يبدأ من خلالها الصقار بتقصي آثار أصابع الحبارى والصقر فوق قبضته ويكون الصقار قد جوع صقره ليلة الصيد ليقوى وينشط وعندما يقف على أثر أو على عشب ينزع الكمامة عن رأسه ويدعه يتحسس ريح الحبارى.

وتستخدم الصقور حاسة البصر القوية التي تمكنها من رؤية فريستها من ارتفاعات شاهقة وتعزى قوة إبصار الصقور إلى احتواء شبكية عينيها على أعداد من الخلايا العصبية الضوئية أكبر بكثير عن مثيلها في الإنسان والحيوانات الأخرى وتتجمع الخلايا الضوئية في مكان يُطلق عليه "البقعة الصفراء" تكون شدة الإبصار فيه أقوى ما يمكن وفي عين الإنسان يوجد مكان تجمع واحد من الخلايا الضوئية أما في حالة الصق فيوجد تجمعان وشكل مقلة الصقر تختلف إلى حد ما عن مقلة الإنسان والحيوانات الثديية الأخرى مما يسمح بوصول الأشعة الضوئية إلى هذين التجمعين.

وتبنت دولة الإمارات العديد من المبادرات لحماية هذه الأنواع من الصقور والطرائد الرئيسة للصيد بالصقور من الأنواع المهددة بالانقراض والحفاظ عليها مثل برنامج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لإطلاق الصقور الذي يهدف إلى إعادة الصقور إلى بيئتها في مواطن تكاثرها الطبيعية وإتاحة الفرصة لها للتكاثر واستكمال دورة حياتها بما يساهم في دعم أعدادها في الطبيعة والحفاظ على رياضة الصيد بالصقور كما يعتبر مشروع "البروفالكن لإكثار الصقور" في العين من المشاريع الرائدة للحافظ على الصقور البرية في العالم .

ويهدف المشروع إلى تحسين سلالات الصقور المتكاثرة في الأسر وتقليل مخاطر انقراض الصقور البرية الناجمة عن صيدها في الطبيعة لاستخدامها في رياضة الصيد بالصقور وإتاحة الفرصة لها للتكاثر وزيادة أعدادها.

واستكمالا لجهود دولة الإمارات في الحفاظ على هذه الرياضة الأصيلة وحمايتها من الاندثار جاءت فكرة إنشاء ناد لصقاري الإمارات الذي يعتبر الأول من نوعه في العالم العربي ليكون المظلة التي تجمع كل صقاري المنطقة ويهدف النادي إلى نشر الوعي والارتقاء بمستوى رياضة الصيد بالصقور في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي بهدف المحافظة عليها كتراث هام في المنطقة ونشر أخلاقيات رياضة الصيد بالصقور والتعريف بصفات الصقور وعاداتها وأطوار حياتها وأنواعها ومواطنها الأصلية وهجراتها ونقل إرث الأجداد في هذا الصدد إلى الأجيال القادمة تحقيقا لاستمرارية هذه الهواية على نحو سليم يحول دون تعرض الصقور والحبارى إلى الانقراض.

أفكارك وتعليقاتك