صندوق النقد العربي: النظام المصرفي أكثر استعداداً لاستيعاب تحمل الصدمات المالية والاقتصادية

صندوق النقد العربي: النظام المصرفي أكثر استعداداً لاستيعاب تحمل الصدمات المالية والاقتصادية

أبوظبي ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 10 ديسمبر 2020ء) نظم صندوق النقد العربي ومعهد الاستقرار المالي التابع لبنك التسويات الدولية ولجنة بازل للرقابة المصرفية، الاجتماع السنوي الخامس عشر عالي المستوى حول النظام المصرفي العالمي في مرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا، الذي عقد هذا العام "عن بعد" يومي 9 و10 ديسمبر الجاري.

شارك في الجلسة الافتتاحية للاجتماع عدد من أصحاب المعالي والسعادة محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إلى جانب أجوستين كارستينس، المدير العام لبنك التسويات الدولية، وفرناندو ريستوي، رئيس معهد الاستقرار المالي، والسيدة كارولين روجرز، أمين عام لجنة بازل للرقابة المصرفية ومعالي الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي.

(تستمر)

كما شارك في الاجتماع كبار المسؤولين المعنيين بقضايا الاستقرار المالي والإشراف المصرفي من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى من أبرز البنوك العاملة في المنطقة العربية إضافة إلى عدد من المؤسسات الدولية، في مقدمتها بنك التسويات الدولية ومجلس الاستقرار المالي، والبنك المركزي الهولندي، والبنك المركزي الفلبيني، وهيئة الرقابة المالية الاتحادية الألمانية.

وناقش الاجتماع موضوعات مهمة مثل القضايا والمخاطر المصرفية التي تركز عليها السلطات التنظيمية والإشرافية الإقليمية حالياً، إلى جانب التعرف على التطورات في مجال مواجهة مخاطر تغيرات المناخ في ظل أزمة جائحة كورونا، التي باتت تشكل تهديداً متزايداً للاستقرار المالي وتناول النقاش في هذا الإطار، الدروس المستفادة من جائحة كورونا التي يمكن تطبيقها للتعامل مع تغيرات المناخ، والاستعداد لمثل هذه الأزمات في المستقبل، وجوانب معالجة البنوك المركزية لمخاطر تغيرات المناخ.

كما ناقش الاجتماع كذلك الأولويات في إطار عمل لجنة بازل لمرحلة ما بعد أزمة جائحة كورونا، إضافةً إلى متطلبات تعزيز مرونة القطاع المالي من خلال الاستعداد الأمثل للأزمات القادمة المحتملة ..أخيراً يتناول الاجتماع النظر إلى الوضع الجديد للنظام المصرفي العالمي لما بعد الأزمة، ومدى الحاجة لتطوير نموذج عمل المؤسسات المالية والمصرفية.

وقال معالي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي خلال كلمته الافتتاحية إن العالم يشهد تطورات تداعيات فيروس كورونا المستجد على اقتصادات الدول وأسواقها المالية، من خلال التأثيرات على عدد من القطاعات الاقتصادية، الأمر الذي يشكل تحدياً كبيراً أمام صانعي السياسات في مواصلة دفع عجلة التنمية في دولهم.

وبيّن معاليه أن الأزمة الحالية شكلت تحدياً على الاستقرار المالي، من خلال زيادة احتمالية تعثر عملاء البنوك والمؤسسات المالية، خاصة منها المشروعات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، إضافةً لحماية الأفراد من مخاطر تعثرهم وقدرتهم على السداد، حفاظاً على تصنيفهم الائتماني، مشيراً في هذا الصدد إلى تحرك الحكومات والبنوك المركزية باتخاذ إجراءات تحفيزية ووقائية في دولهم للتخفيف من حدة الأزمة.

وأشار معاليه إلى أن النظام المصرفي اليوم أصبح أكثر استعداداً لاستيعاب تحمل الصدمات المالية والاقتصادية والمخاطر المرتفعة بسبب تطبيق متطلبات رأس المال والسيولة وفق معيار بازل III، منوهاً في هذا الصدد بأن تطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية رقم 9 الذي أخذ الجانب التنبؤي بالاعتبار، أدى إلى تخفيف مخاطر الائتمان من خلال بناء المخصصات المالية لمواجهة مخاطر التعثر.

وتطرق معاليه إلى تقرير الاستقرار المالي الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2020، الذي أظهر استمرار المصارف المركزية العربية في مراجعة وتطوير المنظومة التشريعية بغية تعزيز الاستقرار المالي، إضافةً إلى مواصلة تعزيز نظم البنية التحتية للقطاع المالي والمصرفي في الدول العربية. كما بيّن أن مؤشرات المتانة المالية للقطاع المصرفي العربي، عكست مدى صلابة القطاع بفضل انتهاج المصارف المركزية لأساليب رقابية حديثة، وسياسات احترازية متحفظة، مشيرا إلى ارتفاع نسبة تغطية مخصصات القروض إلى إجمالي القروض غير العاملة، إلى 92.8 في المائة في نهاية عام 2019، وارتفاع نسبة التسهيلات غير العاملة إلى إجمالي التسهيلات في القطاع المصرفي إلى 7.1 في المائة، ووصول معدل كفاية رأس المال للقطاع المصرفي العربي إلى ما نسبته 17.4 في المائة في نهاية عام 2019، وهي نسبة أعلى من تلك المستهدفة دولياً حسب معيار بازل III البالغة 10.5 في المائة، الأمر الذي يُشير إلى تمتع القطاع المصرفي العربي بملاءة عالية ويعزز من قدرته على استيعاب أية خسائر محتملة.

وأكد معالي الدكتور الحميدي في كلمته أهمية مراجعة وتعزيز المنظومة التشريعية وترتيب الأولويات في المرحلة القادمة، وذلك للتخفيف من المخاطر النظامية والمخاطر الأخرى التي قد يتعرض لها النظام المصرفي، مثل مخاطر الائتمان، والمخاطر التشغيلية، ومخاطر السيولة، ومخاطر السوق، أو حتى المخاطر الأخرى غير الناشئة عن النظام المصرفي، مثل أزمة فيروس كورونا، ومخاطر تقلبات أسعار النفط، وتغيرات المناخ، ومخاطر التخلي عن أسعار الفائدة المرجعية "الإيبور"، مشيداً بالحرص الذي تبديه السلطات الإشرافية في الدول العربية على تطوير التشريعات والممارسات الرقابية لتنسجم مع المستجدات والتعديلات في المبادئ والمعايير الرقابية الدولية.

كما تناولت كلمة معاليه، أهمية إيلاء مخاطر تغيرات المناخ على النظام المصرفي الأولوية المناسبة، حيث تقدم مواجهة تداعيات جائحة كورونا دروساً مفيدةً في سبل تعزيز متطلبات الاستقرار المالي لمواجهة هذه المخاطر.

في سياق آخر، أشار معاليه إلى حرص صندوق النقد العربي على مواكبة دوله الأعضاء في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية الهادفة إلى تعزيز الاستقرار المالي في المنطقة العربية، مشيراً إلى عقد سلسلة كبيرة من الاجتماعات التشاورية العديدة التي نظمها الصندوق للحوار وتبادل المعرفة والخبرات في هذه المرحلة الدقيقة، على كافة المستويات للمصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية والسلطات الاشرافية الأخرى بمشاركة واسعة من المؤسسات والأطر المالية الدولية ذات العلاقة.

ونوّه بإصدار الصندوق مجموعة من المبادئ الإرشادية للمصارف المركزية تواكب المخاطر التي تفرضها المرحلة، حيث غطت هذه الجوانب العديد من القضايا المتعلقة بتعامل المصارف المركزية مع أزمة فيروس كورونا /سواء خلال الأزمة أو في مرحلة ما بعد الأزمة/، وإدارة الكوارث الطبيعية وتغيرات المناخ، ومخاطر التخلي عن أسعار الفائدة المرجعية "الإيبور"، وتعزيز فرص الاستفادة من التقنيات المالية الحديثة.

أفكارك وتعليقاتك