دراما أسعار البترول في عام كورونا بين خفض الإنتاج وانخفاض الطلب

دراما أسعار البترول في عام كورونا بين خفض الإنتاج وانخفاض الطلب

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 25 ديسمبر 2020ء) مصطفى بسيوني. ما بين محاولات مجموعة (أوبك +) للتفاهم على خفض إنتاج البترول، وتراجع الطلب في السوق العالمي جراء وباء (كوفيد 19)، تحركت أسعار النفط طول عام 2020 على نحو درامي، ليصبح هذا العام علامة في أسواق النفط العالمية​​​.

كما بدأ عام 2020 ينتهي، فقبل انقضاء عام 2019 توصلت مجموعة (أوبك +) إلى اتفاق على خفض جديد لإنتاج البترول بمقدار 500 ألف برميل يوميا، ليصل إجمالي الخفض إلى 1.7 مليون برميل، بهدف الوصول بالأسواق للسعر المتوازن، وهو ما أتى ثماره بالفعل، فارتفع سعر برميل البترول إلى السعر المتوازن حول الـ 60 دولاراً، ولكن (كوفيد 19) كان قد سبق الجميع إلى عام 2020، ليفقد الاتفاق مفعوله سريعا مع بدايات 2020 فتتراجع الأسعار على نحو درامي في الشهور الأولى لـ 2020.

(تستمر)

وقبل نهاية 2020 تصل (أوبك بلس) إلى اتفاق جديد في مطلع كانون الأول/ ديسمبر، لتتعافى الأسعار مجددا وتتجاوز الخمسين دولاراً للبرميل، ولكن الإعلان عن نسخ جديدة من (كوفيد )19 يلاحق أسعار البترول في نهاية 2020 كما في بدايتها فتبدأ الأسعار في التراجع مجددا، ولكن على نحو أقل درامية هذه المرة، ربما بفعل مزاحمة أنباء لقاحات كورونا لأنباء نسخه الجديدة.

وبين بداية 2020 ونهايتها تقلبت الأسعار عدة مرات لتقترب من العشرين دولاراً وترتفع إلى الخمسين، بينما (أوبك بلس) تحاول ملاحقة انخفاض الطلب الناتج عن كورونا بمحاولات التوصل لتفاهمات على خفض الإنتاج، لتنجز في نيسان/ أبريل اتفاقا تستعيد به المبادرة في مواجهة كورونا لتعوض بعض خسائر الأسعار دون، وتلحقه باتفاق جديد في تموز/ يوليو، تنجح به في وقف التدهور واستعادة المنحنى الصاعد الذي بلغ 45 دولاراً في تشرين الأول/ أكتوبر، قبل أن يعود إلى الهبوط مجددا، لتلحقه باتفاق جديد في نهاية العام يرفع الأسعار إلى أكثر من 50 دولاراً للبرميل مدعوما بأنباء لقاحات كو�

�ونا، قبل أن تدفع أنباء النسخ الجديدة من كورونا الأسعار لأسفل ولكن برفق هذه المرة.

وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال يتحدث لسبوتنيك عن دراما أسعار النفط في 2020 قائلا "هناك معلومات أساسية يجب أن نضعها في الاعتبار عند الحديث عن تقلبات الأسعار في 2020، إنتاج العالم من البترول ما بين 102 و110 ملايين برميل يوميا، إنتاج دول أوبك 40 مليون برميل يوميا، (أوبك+)، أي مجموعة أوبك بالإضافة لروسيا وأميركا، 62 مليون برميل، هذه حصة كبيرة بالفعل".

وأضاف كمال "قبل كورونا كانت احتياجات العالم حوالي 90 مليون برميل يوميا وكان هناك فائض بين 10 و12 مليون برميل يوميا، في ظل كورونا تراجعت الاحتياجات إلى حوالي 70 مليون برميل يوميا، وبالتالي ارتفع الفائض لأكثر من 30 مليون برميل يوميا، وهو ما أدى لانخفاض أسعار البترول في أميركا إلى سالب 37 دولار للبرميل لمدة 48 ساعة في يونيو في حدث تاريخي، لأن أسعار العقود الآجلة ليوليو وأغسطس انتهت وهناك فائض بحاجة للتخزين ولا أحد يريد وقف الإنتاج، وهناك حاجة ملحة للتخزين وأميركا تنتج بين 12 و13 مليون برميل يوميا.

وأوضح كمال صعوبات اتفاق (أوبك بلس ) قائلا "عندما بدأت أوبك تجتمع لمواجهة الخسائر التي يعاني منها الجميع وبدأت محاولات التفاهم على خفض الإنتاج، والسؤال هو من يخفض الإنتاج، دول الخليج مثلا، تعتمد على تصدير البترول كمصدر رئيسي للدخل، الكويت مثلا 90 في المئة من دخلها من البترول، العراق 100 بالمئة دخلها من البترول، البحرين وقطر ومختلف دول الخليج قريبة من ذلك. بدأ التفكير في الخفض التدريجي للإنتاج مع عودة تدريجية للحياة وتخفيف الإجراءات بدأت الأسواق تتحسن وبدأت أسعار البترول ترتفع تدرجيا حتى خمسين دولاراً قبل بدء الموجة الثانية ثم بدأت في الهبوط

مجددا مع الموجة الثانية".

وتضم اجتماعات (أوبك بلس) 23 دولة، هي دول منظمة الدول المنتجة للبترول (أوبك) وعددها 13 دولة، بالإضافة لعشر دول منتجة للبترول من خارج المنظمة، أبرزها روسيا والمكسيك والسودان وأذربيجان وماليزيا. وانطلقت اجتماعات (أوبك بلس) في تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وكان الهدف منها التوصل للسيطرة على المعروض من البترول في السوق العالمي بعد سباق الإنتاج الذي شهدته تلك الفترة، خاصة بين السعودية وروسيا، وتوالت بعدها اجتماعات المجموعة بهدف خفض الإنتاج، وكان آخرها مطلع كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

ويرى كمال أن الأسوأ قد مر بالفعل وأن الأمور ستتجه إلى التوازن موضحا "أغلب دول العالم تطبق إجراءات مشددة خلال فترة الكريسماس (عيد الميلاد) لتفادي التجمعات، ولكن أعتقد هذه الإجراءات لن تستمر بعد الكريسماس، وسيكون هناك اتجاه أكثر للتعايش، لا يوجد اقتصاد يتحمل استمرار تلك الإجراءات، لا الاقتصاد الأميركي ولا الأوروبي ولا الصيني يمكنه الاستمرار مع تلك الأزمة".

وأضاف كمال "أعتقد أن تستقر الأسعار حول 50 و55 دولاراً، وهذا السعر ليس سيء، لأن أسعار البترول العادلة 60 دولار أكثر أو أقل خمسة دولارات، هذا هو السعر الذي يخلق التوازن بين سعر الإنتاج والسعر النهائي للمستهلك، المستهلك والمصنع هما الرابحان من تراجع الأسعار، ولكن هناك ضرر كبير يقع على المنتج جراء التراجع في الأسعار، وهو ما يؤدي إلى تراجع الاستثمارات في البترول، وهذا ما شهدناه، انخفضت الاستثمارات بين 25 و40 في المئة، وهو ما يخلق تأثيراً سلبياً على المدى البعيد، فتراجع استثمارات الكشف والتنقيب يؤدي إلى تراجع المعروض، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع الأسعا�

� مجددا حتى يصل السوق إلى التوازن والسعر العادل".

وأضاف كمال "حاليا السعر 47 إلى 48 ليس منخفضاً بشكل مؤثر، وليس بعيدا عن السعر المتوازن، ولكن الاقتصاد بشكل عام لن يحتمل الأوضاع الحالية، لذا ستكون هناك إجراءات للتعايش بعد الكريسماس تسمح بدوران الاقتصاد".

وأكد كمال "لا أتصور أن تشهد 2021 نفس دراما أسعار البترول، العام المقبل سيشهد عودة تدريجية للحياة وتعايش مع الوباء مع الإجراءات الوقائية فالاقتصاد العالمي لن يحتمل.

هناك عاملان ضروريان لضبط أسعار البترول وتحقيق التوازن، أولهما تفاهم (أوبك+)، والذي من شأنه السيطرة على العرض وتقليل فوائض البترول المعروض في العالم، وثانيهما (البترول المحروق)، وأعني بها السيطرة على البترول في مناطق الصراعات من جانب الجماعات المسلحة، في ليبيا مثلا وقبلها في العراق، والذي يطرح كميات كبيرة من البترول بأسعار منخفضة جدا لتوفير موارد للمليشيات والجماعات المسلحة، هذه الظاهرة، وإن تراجعت نسبيا إلا أنها لم تنتهي

هبوط سريع وصعود متباطئ لأسعار البترول طوال 2020، واتفاقات يهدرها الوباء، واتفاقات جديدة تقاوم الانهيار، هكذا مرت 2020 في أسواق البترول، لتنتهي تاركة أسعار النفط في عهدة 2021 بين أنباء طيبة تبشر بالسيطرة على الوباء، وأخرى سيئة تحذر من النسخ الجديدة للفيروس، وإرادة تفاهم لدى المنتجين أكسبتها الأزمة صلابة أكبر بعد ارتباك كان مكلفاً.

أفكارك وتعليقاتك