العراق 2020 في قلب العاصفة الأميركية والإيرانية ووسط كورونا واحتجاجات وأزمة اقتصادية خانقة

العراق 2020 في قلب العاصفة الأميركية والإيرانية ووسط كورونا واحتجاجات وأزمة اقتصادية خانقة

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 31 ديسمبر 2020ء) أحمد شهاب الصالحي. سريعا دخل العراق في الأحداث المثيرة لعام 2020، فبعد ثلاثة أيام فقط من بداية العام شهدت البلاد ضربة جوية أميركية بالقرب من مطار بغداد الدولي أسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، لتدخل البلاد في تحد أمني وسياسي داخلي ما دفع البرلمان العراقي في الخامس من الشهر نفسه إلى التصويت على قرار بسحب القوات الأجنبية من البلاد​​​.

وفي الثامن من ذات الشهر ردت إيران بهجمات صاروخية استهدفت قاعدتين للقوات الأميركية في العراق، واحدة في منطقة البغدادي غرب البلاد، والثانية في أربيل بإقليم كردستان، رداً على اغتيال سليماني، ومنها انتقلت الأراضي العراقية إلى ساحة صراع مستمر وغير مباشر بين فصائل مسلحة موالية لإيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، حيث شهدت البلاد طيلة أشهر العام 2020 تقريبا هجمات صاروخية استهدفت السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء المحصنة وسط بغداد وقواعد عسكرية تضم قوات أميركية .

(تستمر)

ووسط ما يعيشه العراق من أزمات سياسية وأمنية واقتصادية، يحذر رئيس مجموعة المورد والدراسات العراقية نجم القصاب من دخول البلاد في نفق مظلم.

ويقول القصاب في حديث لـ"سبوتنيك"، "عام 2020 لم يختلف عن عام 2019، التظاهرات مستمرة والقمع والاعتداء على المتظاهرين مستمر في عموم المحافظات خصوصا في الوسط والجنوب"، وأضاف "بنفس الوقت الأزمة الاقتصادية أضيفت إلى أزمات هذا العام وانتشار فيروس كورونا وتعطيل الدراسة والزراعة والصناعة وكل ما موجود من عمل استثماري في المدن العراقية".

وتابع "اعتقد الحكومة العراقية لم تستطع أن تبعد نفسها عن صراعات المحور الأميركي الإيراني بل بالعكس اصبح التصعيد أكثر مما كان عليه عام 2019".

وبشأن إجراء الانتخابات البرلمانية من عدمها خلال عام 2021، استبعد القصاب حصولها في لأن "بعض القوى السياسية والأحزاب لا ترغب في أن تكون هناك انتخابات في عام 2021 بسبب تراجعها من مؤيديها ومحبيها ومن من انتخبها في الانتخابات السابقة"، محذرا من أن "العراق يمر في مرحلة صعبة وعصيبة أما أن تكون هناك دولة وأما أن يدخل في نفق مظلم له بداية وليست له نهاية".

ويلي أهم الأحداث التي شهدتها الساحة العراقية في 2020:

ظهور وباء "كوفيد- 19 " في العراق

ضاعف ظهور وباء "كوفيد- 19" في العراق مع تسجيل أول إصابة في 24 شباط/فبراير 2020 لطالب دين إيراني في مدينة النجف، من تعقيد الظروف السياسية الصعبة التي تعيشها البلاد، وساهم انهيار أسعار النفط عالميا في تأجيج الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعيشها البلاد.

ورغم إعلان السلطات العراقية اتخاذها كآفة الإجراءات لمواجهة انتشار وباء "كوفيد – 19 "، مثل حظر التجوال الذي فرض منتصف آذار/مارس واستمر لأسابيع وتعليق الرحلات الجوية وغلق المنافذ الحدودية ومنع التجمعات و تعليق الدوام في بعض المؤسسات الحكومية و المدارس، بالإضافة إلى إغلاق المطاعم، إلا إن حالات الإصابة بالوباء كانت في تزايد، وفي 5 حزيران/يونيو 2020 تخطى العراق حاجز 1000 إصابة يوميا بعد أن أعلنت وزارة الصحة عن تسجيل 1006 حالة جديدة في هذا اليوم، وفي شهر واحد انتقل من 1000 إلى 2000 إصابة في اليوم، حتى بات العراق من أعلى الدول العربية تسجيلا للإصابات بالوب�

�ء يوميا ولأشهر عديدة استمرت حتى الأسابيع الأخيرة من عام 2020 حيث شهد العراق انخفاضا في الإصابات بعد أن وصل قبل أشهر للذروة بتسجيل أكثر من 5500 إصابة يوميا.

استمرار الاحتجاجات الشعبية في البلاد

في أعقاب اغتيال الولايات المتحدة لقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، استمرت الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في تشرين الأول أكتوبر عام 2019 في المحافظات الوسطى والجنوبية وكذلك العاصمة بغداد ضد الفساد ونقص الخدمات وانتشار البطالة وللمطالبة بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، لكن المخاوف من تفشي وباء "كوفيد- 19" وخاصة بين التجمعات تسببت في تراجع مظاهر الاحتجاج وانخفاض كبير بأعداد المحتجين، وعلقت ساحات الاعتصام في بغداد وذي قار والبصرة والنجف والديوانية وبابل فعالياتها المعتادة بالاحتجاج، واقتصرت على بعض المعتصمين لازموا خيم الاعتصام وفاء للمظاه�

ووسط هذا المشهد استمر مسلسل استهداف المعتصمين والناشطين في الساحات من قبل مسلحين مجهولين ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات منهم وكذلك عدد من الصحفيين عرفوا بنشاطهم بتغطية الاحتجاجات، فيما تم اختطاف آخرين .

وتصدّرت مدن بغداد والبصرة وذي قار قائمة أكثر المدن التي سُجّلت فيها الاعتداءات على المحتجين والناشطين والمدونين، وهو ما دفع العشرات منهم إلى مغادرة مدنهم نحو إقليم كردستان العراق أو إلى خارج البلاد، وكان من ابرز حوادث الاغتيال التي لاقت استنكارا داخليا وخارجيا هي عملية اغتيال الخبير الأمني العراقي المختص بملف تنظيم داعش الإرهابي (المحظور في روسيا) وأنصاره هشام الهاشمي الذي اغتيل في السادس من تموز/يوليو أمام منزله وسط بغداد على يد مسلحين مجهولين، ورغم إعلان السلطات العراقية تشكيل لجان تحقيقية في عمليات الاغتيال والاختطاف بحق المحتجين و

الناشطين والمدونين إلا أن نتائج التحقيقات لم تعلن حتى الآن.

اختيار مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء

بعد خمسة أشهر من الشغور الذي غطته حكومة تصريف الأعمال، وفشل محمد توفيق علاوي، وعدنان الزرفي، في تشكيل الحكومة، وانسحابهما لعدم توافق الكتل السياسية عليهما، صوت البرلمان العراقي في 7 أيّار/مايو على منح الثقة لحكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي ( رئيس جهاز المخابرات العراقي ) خلفا لعادل عبد المهدي الذي استقال من المنصب في كانون الأول/ديسمبر عام 2019 تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية المناهضة لحكومته بعد مقتل المئات وإصابة الآلاف من المحتجين، ليصبح أول رئيس حكومة يترك منصبه قبل نهاية ولايته، في عراق ما بعد العام 2003 .

وفي شهر آب/أغسطس الماضي حدد الكاظمي شهر يونيو/حزيران عام 2021 موعداً لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، في خطوة قوبلت بردود فعل مرحبة داخليا وخارجيا ووصفت بأنها رسالة إيجابية إلى حركة الاحتجاج التي تتهم الطبقة السياسية في البلاد بالفساد.

ووسط تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية على الساحة العراقية، وبعد أسابيع من زيارة مهمة قام بها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران، التقى خلالها المرشد الأعلى في إيران علي خامنئي، زار الكاظمي في التاسع عشر من آب/أغسطس واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإجراء جولة جديد من الحوار الاستراتيجي العراقي الأميركي، وخلال الزيارة أكد ترامب أن الولايات المتحدة ملتزمة بخروج سريع لقوات التحالف الدولي من العراق خلال 3 سنوات، في وقت شهد العام 2020 تسليم التحالف الدولي ثمانية مواقع عسكرية في مناطق مختلفة من العراق للقو

ات العراقية ضمن خطة للقوات الأميركية بإعادة التموضع في البلاد، وسط استمرار استهداف تلك المواقع بهجمات صاروخية من قبل من تصفهم الحكومة العراقية بـ" الخارجين عن القانون".

مسيرات حاشدة وسط بغداد في ذكرى انطلاق الاحتجاجات الشعبية قبل عام

في الأول من تشرين الأول/أكتوبر خرج مئات العراقيين في مسيرات وسط انتشار أمني للقوات العراقية في بغداد، للتأكيد على مطالب الثورة في الذكرى الأولى لانطلاقتها، إلى جانب مطالب العفو العام على المعتقلين ومحاسبة قتلة ضحايا المظاهرات.

وفي الحادي والثلاثين من الشهر نفسه أعادت السلطات الأمنية افتتاح ساحة التحرير وجسر الجمهورية أمام حركة المركبات بعد إغلاق دام أكثر من عام على خلفية الاحتجاجات، وقد شكل جسر الجمهورية وساحة التحرير مركزاً للتظاهرات التي انطلقت العام الماضي ضد الفساد.

الإعلان عن اكبر خفض لقيمة الدينار العراقي منذ سنوات

في الأيام الأخيرة من عام 2020 هيمن الحديث عن "أزمة مالية جديدة " على الشارع العراقي وفي مواقع التواصل بعد إعلان الحكومة العراقية اعتماد سعر جديد للدينار أمام الدولار في أول إجراء من نوعه منذ سنوات، حيث بدأ البنك المركزي العراقي تطبيق السعر المخفض للدينار البالغ 1450 دينارا بدلا من السعر السابق البالغ 1190 دينارا عراقيا لكل دولار أميركي.

ورغم إن الحكومة العراقية طمأنت مواطنيها بشأن قرار خفض قيمة العملة الرسمية، وأكدت أنه لن يؤثر على الطبقات التي تعتمد على السلع المحلية، لكن خبراء ومراقبين انتقدوا الخطوة ورأوا أنها ستزيد من نسب الفقر المرتفعة أصلا في بلد يشهد أسوء أزمة اقتصادية منذ عقود، فيما عزت وزارة المالية العراقية القرار إلى محاولات الحكومة معالجة الأزمة الخانقة التي يشهدها العراق من جراء انخفاض أسعار النفط، وضمان حماية الاقتصاد وتحقيق الإصلاحات التي وعدت بها قبل عدة أشهر.

وأثار القرار موجة غضب في الشارع العراقي، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي دافع عن خطوة حكومته وقال إنه كان أمام خيارين "أما انهيار النظام والدخول في فوضى عارمة، أو ندخل في عملية قيصرية للإصلاح".

استمرار هجمات "داعش" خلال 2020

رغم تجريده من مناطق سيطرته في العراق وإعلان السلطات العراقية النصر على تنظيم "داعش" الإرهابي نهاية عام 2017، إلا أن التنظيم الإرهابي شن عبر خلايا نائمة تابعة له العديد من الهجمات خلال عام 2020 طالت في اغلبها قوات الأمن العراقية ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من عناصر الأمن خاصة في محافظات صلاح الدين وكركوك وديالى.

وفي المقابل أطلقت القوات العراقية العديد من العمليات العسكرية خلال عام 2020 وخاصة في مناطق غرب وشمال البلاد لملاحقة فلول التنظيم الإرهابي، وقد أعلن جهاز مكافحة الإرهاب في العراق، نهاية العام، تنفيذ أكثر من 253 عملية عسكرية ضد تنظيم "داعش" خلال عام 2020، فيما أشار إلى قتل واعتقال نحو 500 عنصر من التنظيم.

أفكارك وتعليقاتك