تفاؤل حذر في مصر بعد توقيع "اتفاق العلا".. وشكوك حول نوايا قطر

تفاؤل حذر في مصر بعد توقيع "اتفاق العلا".. وشكوك حول نوايا قطر

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 06 كانون الثاني 2021ء) سلمى خطاب ومصطفى بسيوني. ثلاث سنوات مرت على إعلان مصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، والانضمام لثلاث دول خليجية في قراراهم بمقاطعة الدوحة بشكل كامل، لن يسهل تجاوزهم بالإعلان الذي تم أمس عن توقيع "اتفاق العلا" للمصالحة مع قطر في السعودية، خاصة وأن الكثير من النقاط الخاصة بتفاصيل بما بعد الاتفاق ما زالت غامضة لم يتم الإعلان عنها بعد.

ووقعت أمس السعودية ومصر والإمارات والبحرين اتفاقا مع دولة قطر بوساطة كويتية، يشمل الاتفاق إنهاء المقاطعة بين السعودية وقطر، وفتح المملكة لمجالها الجوي أمام الطيران القطري، ورغم تأكيد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن الدول الثلاث وافقت على هذه الإجراءات، لم تعلن أي من مصر والإمارات والبحرين إجراءات مماثلة لإنهاء المقاطعة ما أثار التساؤلات حول الخطوات التالية لهذا الاتفاق وشكل العلاقات بين قطر وهذه الدول.

(تستمر)

في حديث مع وكالة "سبوتنيك" يقول الباحث السياسي والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حسن أبو طالب أن "الواضح أن المصالحة ليست شاملة، فهي بين السعودية وقطر، ولدى الطرفين أسباب خاصة تدفعهم إلى المصالحة أو التغاضي عن ما فات، اما فيما يتعلق بمصر والإمارات والبحرين، فالأمور ليست واضحة".

وأضاف أبو طالب "حتى الآن لم نجد ما يشير إلى أن قطر تراجع مواقفها فيما يتعلق بالتدخلات السلبية الكبيرة التي لعبتها وما زالت تلعبها في المنطقة".

وخلال مؤتمر صحفي عقب التوقيع على الاتفاق أمس الثلاثاء، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان أن الاتفاق "طي كامل لنقاط الخلاف وعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية مع قطر ويخدم جميع دول الخليج ومصر أيضا"، مؤكدا أن "الاتفاق تم عبر آلية مقبولة للجميع وكل الأطراف راضية به".

وحول مدى قابلية تنفيذ هذا الاتفاق فعليا واستئناف العلاقات بين مصر وقطر، قال السفير المصري السابق لدى الدوحة محمد المنيسي لوكالة "سبوتنيك" إن "المسألة كلها متوقفة على مدى التزام قطر، وللاسف تاريخ قطر في مثل هذه الأمور غير جيد"، مضيفا "ما تم الاتفاق عليه ليس هو المهم، المهم هو التنفيذ، ومن خبرتي مع القطريين أستطيع أن أؤكد أنهم لن يلتزموا".

واستبعد المنيسي أن تعقد مصر وقطر خلال المرحلة المقبلة اي مشاورات للاتفاق على نقاط الخلاف بين البلدين، وقال " لا أتوقع أن تشهد الفترة المقبلة اجتماعات بين قطر ومصر"، موضحا "مصر لديها 3 خلافات أساسية مع قطر، أولا ان تتوقف قطر عن دعم آبي أحمد في موضوع سد النهضة، والنقطة الثانية هي التوقف عن دعم بقايا وفلول الجماعات الإرهابية الموجودة في شمال سيناء، ووقف إرسال المال والسلاح لهم عن طريق حركة حماس في قطاع غزة، والنقطة الثالثة هي التوقف عن دعم وتمويل التدخل التركي في ليبيا".

وتابع " إذا قطر التزمت وقامت ببعض الجهود في هذه النقاط الثلاث خيرا ومصلحة جيدة لمصر، إذا لم تلتزم سيكون هناك كلاما آخر"، وأضاف " قبول مصر للتوقيع يمكننا وصفه بأنه فرصة لاختبار النوايا، ورغبة في تنفيذ هذه النوايا".

على الجانب الآخر، أعرب وكيل لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري أحمد فؤاد أباظة عن "تفاؤله" بالمصالحة، وقال في تصريح لوكالة "سبوتنيك" إن "الخطوة التي تمت أمس سليمة جدا ونتمنى أن تستكمل، لأن ذلك سيسهم في استقرار الأمة العربية وتماسكها".

وأضاف أباظة "نستبشر خيرا بهذه الخطوة، وهناك أهمية لاستعادة تماسك الأمة العربية وإزالة الخلافات بينها، لأن هناك أخطار تحيق بنا من اتجاهات شتى، واستنزاف الدول العربية في خلافات بينية وسيضعف قدرتها على مواجهة تلك الأخطار".

وفيما يخص الأسباب التي دفعت مصر للتوقيع على الاتفاق، يعود الباحث بمركز الأهرام أبو طالب ليوضح أن "مصر تنظر للأمور بنظرة واقعية للغاية، إذا كانت السعودية والكويت تريدان مثل هذه المصالحة فليكن بينهم، اما فيما يتعلق بمصر فنحن نريد ضمانات، أن قطر بالفعل قامت بمراجعة مواقفها أيضا أن تقوم بتعويض الشهداء من المدنيين المصريين والعسكريين الذين تسببت في موتهم".

وأردف "مصر ذهبت بوزير الخارجية [سامح شكري] لهذا الاجتماع [القمة الخليجية] مجاملة للمملكة العربية السعودية وللكويت، ولكن هذه المجاملة لا تعني شيئا في موضوع المصالحة مع قطر، فهناك الكثير من الملفات التي ما زالت عالقة وعلى قطر الالتزام بها، وإن لم يكن هناك ضمانات كويتية وسعودية لالتزام قطر فلن تكون هناك مصالحة على الإطلاق بيننا وبينهم"، مؤكدا "حتى هذه اللحظة، لا توجد مصالحة رباعية، هي مصالحة سعودية قطرية".

كما قال وكيل لجنة الشؤون العربية في هذا السياق، "مصر كانت دائمة سباقة لما فيه خير الأمة العربية وخطواتها كانت دائما سريعة وقوية لدعم التعاون العربي"، مشددا "كل ما تهدف إليه مصر من مواقفها المختلفة هو حماية استقرار الأمة العربية ودعم استقلال الدول العربية، ومن هنا كان رفضها لأي تدخلات في شؤون الدول العربية حتى لو من دولة عربية أخرى".

وعقب توقيع مصر على الاتفاق، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا، قالت فيه نصا "غادر وزير الخارجية سامح شكري المملكة العربية السعودية الان عائداً إلى أرض الوطن بعد أن قام بالتوقيع اليوم 5 يناير الجاري على بيان العلا الخاص بالمصالحة العربية"، وأضافت الخارجية أن هذا الاتفاق جاء لـ"تكاتُف الصف وإزالة أية شوائب بين الدول العربية الشقيقة، ومن أجل تعزيز العمل العربي المشترك في مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها المنطقة"، دون الإشارة بشكل صريح إلى "المصالحة مع قطر".

ومساء أمس الثلاثاء، وصل وزير المالية القطري علي بن شريف العمادي إلى القاهرة على متن طائرة خاصة، في زيارة خاطفة استمرت لعدة ساعات، شارك فيها العمادي في افتتاح أحد المشاريع الاستثمارية القطرية بالقاهرة، وغادر دون الإعلان عن عقد أي لقاءات رسمية مع أي من المسؤولين المصريين، لكن الافتتاح حضره أيضا وزير المالية المصري محمد معيط ووزير الخزانة الأميركي ستيفين منوشين وهي الزيارة الأولى لمسؤول قطري إلى القاهرة منذ سنوات.

الزيارة هذه انتقدها أبو طالب، ووصفها بـ"اللقطة الخبيثة" التي سعت من خلالها قطر إلى "الإيحاء بأن مصر فتحت أجوائها وقبلت بالمصالحة"، موضحا "الوزير جاء لحضور افتتاح مشروع قطري، وجاء في طائرة خاصة بتصريح من السعودية وليس بتصريح من الدوحة، والطائرة جاءت من مطار سعودي وليس قطري، ولو كان الوزير قد حضر أي فعالية لها دلالة سياسية لكان الوضع اختلف، لكن الموضوع كله دعاية قطرية، والموضوع كله هامشي وعابر".

وأعلنت كلا من السعودية والإمارات والبحرين ومصر مقاطعتها لقطر عام 2017 متهمة إياها بالعمل على زعزعة الاستقرار في الدول العربية ودعم الجماعات الإرهابية.

ورفضت قطر هذه الاتهامات، كما رفضت شروطا من 13 بندا، لعودة العلاقات معها؛ مشددة على "استقلالية قرارها الوطني".

ومؤخرا، بعثت الكويت، التي توسطت بين دول المقاطعة وقطر، بإشارات إيجابية لانفراجة نحو التوصل لحل للأزمة، وكانت أولى الخطوات الفعلية بإعلان وزير خارجية الكويت أحمد ناصر الصباح، مساء الاثنين، عن اتفاق على فتح الأجواء والحدود البرية والبحرية بين السعودية وقطر، والمغلقة منذ أكثر من ثلاث سنوات.

أفكارك وتعليقاتك