نوروز إيران.. جائحة كورونا وأعباء اقتصادية تطغى على فرحة العيد

نوروز إيران.. جائحة كورونا وأعباء اقتصادية تطغى على فرحة العيد

طهران،19 مارس – ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك) ، محمد اسماعيل​​​. يبدأ الإيرانيون غدا السبت إحياء عيد النوروز، حيث يبدأ العيد المتجذر في ثقافة الشعب الإيراني منذ قرون طويلة عند حلول السنة الشمسية التي توافق فلكيا الانقلاب السنوي الربيعي، مساء 21 آذار/مارس الحالي؛ ّإذ يمتزج هذا العيد بمرارة الأعباء الاقتصادية وجائحة كورونا.

ومع بداية العام الإيراني الجديد، تبدأ احتفالات وطقوس عید النوروز المتأثرة بموروث تناقله الإيرانيون عبر أجيال، ویسعی الكثيرون في إیران هذا العيد لإحياء هذه الطقوس والتمسك بهذا الإرث ونقله لجيل المستقبل.

إلا أن مرارة العقوبات الاقتصادية و جائحة كورونا وضعف القدرة الشرائية لدى الشعب، أدت إلى ذبول ربيع العيد لدى الإيرانيين رغم ترافق زحمة السير الخانقة التي تعيشها العاصمة طهران وبعض المدن الأخرى قبل بداية العيد مع مرارة الظروف والغلاء الفاحش جراء العقوبات المفروضة على هذا البلاد وعدم قدرة الحكومة على ضبط الأسعار مادفعها إلى الارتفاع بعدة أضعاف خلال العام.

(تستمر)

هنا في العاصمة طهران، لم يخف البائعون والمتبضعون مرارة أثار هذه العقوبات والتي ترافقت مع إغلاقات عديدة للأسواق، فرضت خلال العام الإيراني جراء انتشار جائحة كورونا.

يقول محمد جهان آرا البالغ من العمر 30 عاما في حديثه لـ"سبوتنيك" :"إن الإقبال على التسوق ضعيف للغایة والأسعار ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف ولم نعد نستطيع شراء المواد الخاصة بـ العید کما فی السابق".

وأضاف "اكتفينا بشراء الحاجيات الرمزية للعام الجديد، ولن نستطع هذا العام كما العام السابق السفر إلى لزيارة أقاربنا في المدن الأخرى لكي نشعر ان هناك عيد وفرح".

اما البائع الإيراني مهدي ساروخاني فقد أوضح ل_"سبوتنيك"أنه "بسبب الضغط الاقتصادي خلال السنة الجارية والذي وصل إلى قوت الشعب بشكل كبير والارتفاع الكبير بالأسعار شهدت هذه السنة وخاصة فترة قبل العيد ركودا بحركة الأسواق بشكل كبير".

"سفرة السبع سينات والاستياء من الوضع الاقتصادي"

یقیم الایرانیین في هذا الصدد "سُفرة" تضم سبعة أشياء کلها تبدأ بحرف السين(تسمى بالفارسیة هفت سین).

الأشياء السبعة تبدأ بحرف السين باللغة الفارسية وهي:(سرکه) وتعنی الخل، و (سیب) وتعنی التفاح، (سکه) وتعني قطعه نقدیه معدنیه، (سیر)وتعنی الثوم،(سبزه) وتعنی العشب او الخضرة، (سماق) وهو نفسه في اللغة العربیة السماق، ونوع من الحلوى يسمى"سمنو" یطبخ من براعم القمح بطريقة خاصة عند الإيرانية.

والنوروز بحد ذاته کلمة فارسیة مركبة من "نو"بمعنی جدید و"روز" وتعني یوم او جدید، ویعتبر الإیرانیون حلول النیروز مع قدوم فصل الربیع وتفتح الزهور رسالة تحمل التفاؤل والحب والأمل والسلام.

الإيرانيون هذا العام خلافا للعام السابق أقبلوا بكثرة على الأسواق للتحضير لعيد النوروز ورغم الضغوط الاقتصادية الكبيرة وغلاء الأسعار بشدة بسبب جائحة كورونا لم يمتنع الناس من النزول للاسواق والتجهيز للاحتفال بالعيد.

لكن نوروز هذه السنة لم یشهد زخم التبضع کما جرت العادة في السنوات السابقة، حيث طغى تأثير العقوبات التي فرضها الرئیس الامیرکي السابق دونالد ترامب علی إیران في عام 2018 بعد انسحابه من الاتفاق النووي على الوضع.

تقول بهار عرفاني الممرضة في مشفى الإمام خميني في العاصمة طهران، لـ سبوتنيك:"لقد بدأنا السنة الجديدة في نوروز الماضي بالعقوبات وانتشار فيروس كورونا والحصار والتضخم والعديد من المشاكل الاخرى التي أدت الى القضاء على فرحة العيد".

وأضافت "في هذه السنة أيضا عندما لا تستطيع شراء حاجيات العيد بسبب قلة الدخل مقابل الخرج وغلاء الأسعار بشكل كبير مقابل القدرة الشرائية لدى الموظف فهذا أيضا ادى الى شبه القضاء على فرحتنا في العيد".

وتفاقمت الأزمة الاقتصادية وأدت إلى مشاكل اجتماعية كبيرة على مستوى البلاد، حيث رصدت سبوتنيك في الأيام الماضية في العاصمة طهران وأصفهان ومحافظات أخرى تشكل صفوف طويلة، أمام المتاجر التي تبيع مواد غذائية مدعومة من الحكومة وخاصة مراكز بيع الدجاج واللحوم.

ويقول السيد مهدي البالغ من العمر 40 عاما ويسكن في اصفهان إحدى أبرز الأماكن السياحية في إيران في حديثه لسبوتنيك"نقف هنا أمام محال بيع الدجاج لساعات للحصول على دجاجة او دجاجتين بالسعر المدعوم، الواقع صعب وهذه التجمعات قد تؤدي بنا إلى الإصابة بفيروس كورونا لكن ماذا نفعل ليس لدينا القدرة على شراء الدجاج بأسعار السوق المرتفعة".

ويضيف "أنظروا كيف أن هناك أكثر من مئة شخص متجمعين في هذه الصفوف ينتظرون ادوارهم للحصول على دجاجة او دجاجتين، وتتحمل حكومتنا عبء هذا الواقع الذي نحن فيه".

" فرحة في العام الجديد "

كذلك، أوضحت نازيلا معروفين من ذات المدينة طبيبة الأسنان البالغة من العمر 35 سنة"عشنا عاما صعبا وانخفضت القدرة الشرائية لدى العائلة الإيراني في ظل توالي الأزمات من كورونا الى العقوبات الى ضعف ادارة الحكومة للأزمة، ونأمل ان لا تتكرر هذه المأسي في العام الجديد، وعسى ان تعود لنا الفرحة في العام الجديد".

وتنتهي فترة النیروز بعد يوم رأس السنة الذي يوافق ساعة الانقلاب الربيعي فلکیا بثلاثة عشر یوما، في اليوم الثالث عشر من شهر فروردین الإيراني، وهو الشهر الأول في التقويم الفارسي الرسمي المعتمد في البلاد، یحتفل الایرانیین بیوم الطبیعة، الذي یسمونه ایضا یوم النحس، فیخرجون جميعهم من بيوتهم إلى الحدائق والبساتين والأماکن المفتوحة، ويعتبرون أن البقاء تحت سقف المنزل في هذا الیوم يجلب النحس طوال العام الجديد.

أفكارك وتعليقاتك