ميشيل كيلو … رحيل عرّاب "إعلان دمشق" المعارض السوري المثير للجدل عن 81 عاما

ميشيل كيلو … رحيل عرّاب "إعلان دمشق" المعارض السوري المثير للجدل عن 81 عاما

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 19 أبريل 2021ء) وسام متى. توفي الكاتب السوري المعارض ميشال كيلو، اليوم الاثنين، في أحد مستشفيات باريس عن عمر يناهز 81 عاماً، بفعل مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"​​​.

ولطالما نُظر إلى ميشال كيلو على أنه كاتب مستقل، ذو خلفية ماركسية وعلمانية، وإن كانت آرائه خلال الأزمة السورية قد أثارت الكثير من الجدل، لا سيما في ما يتصل بالموقف من الحركات الإسلامية المتشددة، ولا سيما "جبهة النصرة". [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من الدول].

ولد ميشال كيلو في أسرة مسيحية متواضعة من مدينة اللاذقية على الساحل السوري عام 1940.

تلقى كيلو تعليمه في اللاذقية وعمل في وزارة الثقافة والإرشاد القومي، وقد درس الصحافة في مصر وألمانيا، ونشرت كتاباته صحف عربية عدة، من بينها "النهار" اللبنانية و"القدس العربي" الصادرة في لندن.

(تستمر)

اعتقل كيلو للمرة في الثمانينيات بسبب معارضته محاكمة أعضاء من الإخوان المسلمين في سوريا، وبعد إطلاق سراحه، استقر فترة في فرنسا، قبل أن يعود إلى سوريا في العام 1991.

وبرز كيلو كشخصية بارزة في المعارضة السورية منذ العام 2000، خلال ما عرف بـ"ربيع دمشق"، وهي المرحلة التي شهدت حراكاً سياسياً واجتماعياً في أعقاب وفاة الرئيس السوري حافظ الأسد، حيث عمل، إلى جانب آخرين، في محاولة إنعاش المجتمع المدني، وكان أحد الموقعين على "إعلان دمشق من أجل التغيير الديمقراطي الوطني" في العام 2005، ومن ثم إعلان بيروت- دمشق، الذي طالب الحكومة السورية بتصحيح علاقتها مع لبنان واحترام استقلال لبنان وسيادته بداية من ترسيم الحدود المشتركة وإقامة العلاقات الدبلوماسية وانهاء الاغتيالات السياسية.

بعد توقيعه على إعلان بيروت - دمشق، تم اعتقال ميشال كيلو في 14 أيار/مايو 2006 بتهمة إضعاف الشعور القومي والنيل من هيبة الدولة وإثارة النعرات المذهبية.

غداة اعتقاله، كتب كيلو مقالة بعنوان "قصة اعتقالي واتهامي"، تساءل فيه "هل صحيح أنه تم توقيفي بسبب إعلان دمشق بيروت، لا، ليس إعلان بيروت/ دمشق سبب اعتقالي. هذه قناعتي... وإذا كان هناك من يريد الانتقام مني، فإنني أتفهم موقفه وإن لم أقبله، مع رجاء أوجهه إليه هو أن يمتنع عن وضعه تحت حيثية القانون والقضاء، كي لا يقوض القليل الذي بقي لهما من مكانة ودور".

بعد صدور الحكم بسجنه ثلاث سنوات في أيار/مايو 2007، أمضى كيلو ما تبقى من محكوميته، ليتم الإفراج عنه في أيار/مايو 2009، لكنه، وبخلاف الاعتقال السابق، فضل عدم مغادرة سوريا.

بعد بدء الأزمة السورية، ترك كيلو سوريا، وتنقل بين بيروت والقاهرة وباريس، حيث نشط في هيئات معارضة من بينها "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، قبل أن يغادره عام 2016، والمنبر الديموقراطي الذي ساهم في تأسيسه.

وكان كيلو من ضمن الشخصيات المستقلة المدعوة الى مؤتمر الرياض في منتصف كانون الأول/ديسمبر عام 2015 الذي شكل منصة جمعت فصائل مسلحة وكتلا سياسية لبحث التفاوض مع النظام السوري.

حجزت السلطات السورية على أموال كيلو المنقولة وغير المنقولة احتياطياً في العام 2012، وحكمت عليه محكمة الإرهاب بالإعدام في العام 2015.

برغم معارضته الحادة للرئيس بشار الأسد، علاوة على انتقاداته لروسيا وإيران بصفتهما داعميه، أثارت مواقف ميشال كيلو جدلاً حاداً، حتى داخل أوساط المعارضين.

من بين أكثر المواقف إثارة للجدل، قوله لصحيفة "النهار" اللبنانية، رداً على سؤال حول تصنيفه لـ"جبهة النصرة"، إنه ""طالما هي تقاتل النظام ولا تخوض معارك ملتبسة او مشبوهة مثل "الدولة الاسلامية"، فأميل الى اعتبارها قوة مقاومة ولا اعتبرها تنظيما ارهابياً، فهي بدأت كقوة مقاومة حقيقية وأتمنى ألا تجنح كما يحدث الآن نحو التحول الى قوة ارهابية".

مع ذلك، لم يتردد كيلو، خلال محطات عدة، في ممارسة النقد الذاتي لتجربة المعارضين السوريين.

على سبيل المثال، قال كيلو، في مقابلة مع صحيفة "القبس" الكويتية في العام 2018 "نعم، ارتكبنا أخطاء جدية، أولها وأهمها أننا لم نأخذ بصورة جدية واقع مجاورتنا لإسرائيل، وأن إسرائيل لا تقبل بنظام ديموقراطي في سوريا خرج الشعب إلى الشارع للمطالبة به، ولو سقط النظام في سوريا لكان النظام الديموقراطي على الأرجح هو البديل". وأضاف أن "الخطأ الثاني هو إفراط الكثير من المعارضين في الاعتقاد بأن هناك تدخلا خارجيا سيطيح بـ(الرئيس السوري بشار) الأسد وانه ليس من الضروري أن ينظموا هم انتقال التمرد الشعبي الكبير إلى حالة ثورة، لأنه لن يكون هنالك وقت أو حاجة لذلك، ب

ما ان النظام سيسقط على يد الخارج، وأن المهمة المطروحة عليهم على العمل على أخذ أكبر حصة ممكنة من السلطة المقبلة بعد الأسد، بمعنى أن ينظموا أمورهم ليتنافسوا من موقع قوة مع سواهم".

وفي مقابلة نشرتها صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في كانون الأول/ديسمبر الماضي اعتبر المعارضة السورية "فَقَدَت وحدتها، بعد أن قوّضها نفوذ الإسلاميين الذين جاؤوا بأسلحتهم، واغتالوا ثورة الحرية لقيادة ثورة مضادة، كلنا خسرنا؛ نحن والنظام".

وأضاف كيلو، في المقابلة نفسها، "كنا ساذجين، كان لابد من إيجاد حل مع النظام، قبل أن يصبح الصراع السوري الداخلي مجرد جزء صغير من الحرب"، مشيراً إلى أنه "كان من الصعب قول ذلك في أوساط المعارضة، لأن الناس اعتقدوا أن الأميركيين سيتدخّلون".

خلال الأسبوع الماضي، تناقلت مواقع سورية معارضة ما يشبه وصية كتبها ميشيل كيلو من مشفاه الباريسي جاء فيها: "لا تنظروا إلى مصالحكم الخاصة كمتعارضة مع المصلحة العامة هي جزء أو يجب أن تكون جزءا منها…  لا تنظروا إلى وطنكم من خلال أهوائكم وأيديولوجياتكم انظروا إليهما من خلال وطنكم فالتقوا بمن يختلف معكم بعد أن كانت انحيازاتكم تجعل منه عدوا لكم… - لن تقهروا الاستبداد منفردين إذا لم تتحدوا في إطار وطني وعلى كلمة سواء سيذلكم إلى زمن طويل جدا… في وحدتكم خلاصكم فتدبروا أمرها بأي ثمن.. لن تصبحوا شعبا واحدا ما دمتم تعتمدون معايير غير وطنية وثأرية في الن

ظر إلى بعضكم وأنفسكم وهذا يعني أنكم ستبقون ألعوبة بيد الأسد. الذي يغذي هذه المعايير وعلاقاتها وأنتم تعتقدون بأنكم تقاومون… اعتمدوا أسسا للدولة تسيرون عليها ولا تكون محل خلاف بينكم وإن تباينت قراءاتها بالنسبة لكم لأن استقرارها يضمن استقرار الدولة، الذي سيتوقف عليه نجاح الثورة"

وختم كيلو وصيته بكلمات "سامحوني على أخطائي فالبشر خطاؤون".

أفكارك وتعليقاتك