فوز الأسد بولاية رئاسية جديدة..​​​.كل الرسائل في أول السطر...

(@FahadShabbir)

فوز الأسد بولاية رئاسية جديدة..​​​.كل الرسائل في أول السطر...

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 03 يونيو 2021ء) محمد معروف. في أول موقف علني له بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية، وجه الرئيس السوري المنتخب بغالبية الأصوات ، رسالة لخصومه في الداخل والخارج، تميزت بألفاظ ومصطلحات حادة، تجنب الأسد استخدامها منذ اندلاع الأزمة في البلاد عام 2011 حتى مساء السابع والعشرين من شهر أيار/مايو، وتزامنت هذه المواقف مع احتشاد ملايين السوريين في الساحات "ابتهاجا" بفوزه في الانتخابات.

في كلمة متلفزة وبلهجة جديدة، وصف الرئيس السوري خصومه بانهم أصيبوا بـ "العمى العقلي" لاعتباره أنهم يرون بـ"عيونهم وليس بعقولهم"، معتبرا أن ما قام به مؤيدوه بخروجهم إلى الساحات وإقبالهم الكثيف على مراكز الاقتراع "ظاهرة تحد غير مسبوق لأعداء الوطن بمختلف جنسياتهم وولاءاتهم وتبعيتهم.

(تستمر)

. كان تحطيما لغرورهم وكبريائهم الزائف وصفعة على وجوه عملائهم وأزلامهم".

وأضاف الأسد، مخاطبا مؤيديه، أن الفرق بين الوطنية والخيانة "كالفرق بين ما سمى ثورة ثوار وما شهدناه من ثوران ثيران.. بين ثائر نهجه عز وفخار وثور يهوى الذل والعار.. وما بين ثائر يركع لخالقه وثور يخر ساجدا أمام الدولار.. عرفتم الثورة وأعدتم إليها ألقها بعد أن لوث اسمها جزء من المرتزقة وفاقدي الشرف حاملي جواز سفر سوريا".

ولد بشار الأسد في دمشق في 11 أيلول 1965 في بيت عسكري سياسي بعثي سوري حيث كان والده الرئيس الراحل حافظ الأسد، واحداً من أشهر السياسيين والعسكريين في عصره في منطقة الشرق الأوسط، حكم سوريا فعليا أكثر من ثلاثين عاما انتهت بوفاته في حزيران/يونيو عام 2000 .

وتخرج بشار الأسد من كلية الطب بجامعة دمشق عام 1988 ، مارس مهنته طبيبا في الجيش السوري وأتم دراساته العليا في مستشفى "ويسترن" للعيون في لندن ليعود عام 1994 إلى دمشق بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل، والتحق بالأكاديمية العسكرية وسلّمه والده ملف الوجود السوري في لبنان عام 1998 قبل أن ينتخب رئيسا لسوريا لأول مرة منذ 17 تموز 2000 ، بعد تعديل سريع للدستور السوري وتم تخفيض الحد الأدنى لسن الرئاسة من 40 إلى 34 سنة وهو عمر بشار في ذلك الوقت.. ونال تأييد 99.7 بالمئة من أصوات الناخبين، فكان الرئيس التاسع عشر لسوريا والخامس في تاريخ "الجمهورية العربية السورية" وأعيد انتخاب�

� عام 2007 لسبع سنوات أخرى حيث حصل على 97.6 بالمئة من الأصوات .

انتخابات 2014 ..اقتراع تحت التهديد

في 16 تموز 2014، أدى الأسد اليمين الدستورية لولاية جديدة وحصل على 88.7 بالمئة من الأصوات في أول انتخابات رئاسية في ظل الأزمة السورية، كما أنها كانت أول انتخابات متعددة المرشحين منذ وصول حزب البعث إلى السلطة في آذار عام 1963 ، حيث قدم 24 مرشحا طلبات إلى المحكمة الدستورية العليا للرئاسة، تمكن اثنان منهم فقط من دخول السباق الرئاسي إلى جانب بشار الأسد، بعد تمكنهما من الحصول على تأييد 35 عضوا من أعضاء البرلمان هما الدمشقي حسان عبد الله النوري من "المبادرة الوطنية للإدارة والتغيير في سوريا" عضو البرلمان والحلبي ماهر عبد الحفيظ حجار، البرلماني القادم من "�

�زب الإرادة الشعبية" الذي أعلن لاحقا انفكاك الحجار عنه وأنه بات يمثل نفسه في السباق إلى القصر الجمهوري، في حين خاض الأسد الانتخابات الأخيرة بوجود منافسين اثنين أيضاً، هما وزير الدولة السابق عبد الله سلوم عبد الله وهو برلماني سابق والمحامي محمود مرعي، الذي يقول إنه ممثل لمعارضة الداخل.

جرت انتخابات 2014 فقط في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية وقاطعتها المعارضة السورية الداخلية والخارجية، غابت حينها مساحات واسعة من سوريا عن العملية الانتخابية، سواء تلك التي كانت تحت سيطرة المعارضة المسلحة أو تلك الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية. وسيطرت أجواء ملبدة بالتوتر على المستوى السياسي وكثير من القلق على المستوى الشعبي حيث أصدرت معظم التنظيمات المسلحة بيانات تفيد بعزمها تعطيل الانتخابات بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك استهداف مراكز الاقتراع بعمليات تفجير وإطلاق القذائف العشوائية على مناطق سيطرة الدولة السورية، الأمر ا�

�ذي وقع بالفعل وأدى إلى مقتل نحو 60 شخصا في مناطق مختلفة قبيل الانتخابات وأثنائها، في حين مرت انتخابات هذا العام والتي كان هناك حقّ لـ/18/ مليوناً من كامل المناطق السورية وخارجها في المشاركة فيها، بمشهد وظروف مشابهة لتلك التي كانت تعم البلاد في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، حيث امتلأت الساحات والشوارع في المدن والقرى بملايين المؤيدين "للاستحقاق الرئاسي" قبيل الانتخابات لتتواصل وتتسع رقعة هذه الاحتفالات بعد الإعلان الرسمي للنتائج تحت عنوان "الاحتفال بفوز الأسد بانتخابات رئاسة الجمهورية".

في انتخابات 2014 على الفور رفضت الولايات المتحدة الانتخابات ووصفتها بأنها "غير شرعية" ولحقها كل من "مجلس التعاون الخليجي" و"الاتحاد الأوروبي" وانتقد الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، إجراء انتخابات في ظل ظروف "الحرب الأهلية"، في حين أكد وفد دولي من أكثر من 30 دولة، أن الانتخابات "جرت في وقتها وتاريخها الدستوري بطريقة ديمقراطية شفافة وكانت حرة ونزيهة وأجريت في إطار بيئة ديمقراطية خلافا للدعاية الغربية".

حليف افتراضي ..وعدو استراتيجي..

اكتسب بشار الأسد بداية حكمه شرعية كبيرة في أوروبا وواشنطن ولدى العواصم العربية والإقليمية الكبرى وبدأت تلك العواصم تتعامل معه على أنه مصلح افتراضي بالحد الأدنى.. وفي أوج " الحرب العالمية على الإرهاب" ظهر الأسد كحليف قوي للغرب في هذه الحرب وظهرت تقارير أفادت حينها بتعاون استخباراتي مكثف بين دمشق من جهة وكل ومن واشنطن والعديد من العواصم الغربية من جهة ثانية ولا سيما في ملاحقة تنظيم القاعدة الإرهابي وأعضاء تنظيمات إرهابية أخرى تدور في فلكها.

ولكن وبمرور الوقت خرج الأسد من دائرة الحلفاء المفترضين وتتالت الضغوط الغربية عليه "لتغيير سلوك النظام" كمرحلة أولى انخرط في تقوية علاقاته مع طهران إلى ما لا نهاية وزاد وتيرة احتضان دمشق لحركات المقاومة ولاسيما "حزب الله" في لبنان وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، ووفر لقادتها إقامات وامتيازات قل نظيرها داخل الأراضي السورية.

لاحقا تصاعدت اتهامات الغرب بزعامة الولايات المتحدة والانتقادات ضد الأسد، ودعت واشنطن والاتحاد الأوروبي وغالبية جامعة الدول العربية إلى استقالة الأسد من الرئاسة مع هبوب أولى لفحات "الربيع العربي" على دمشق واتهموه بالوقوف وراء "القمع والحصار العسكري على المتظاهرين السلميين" وفرضت واشنطن عقوبات محدودة على الأسد في نيسان 2011 ، أعقبها ما سمي بـ "الأمر التنفيذي" للرئيس الأميركي حينها باراك أوباما، اعتباراً من 18 أيار 2011 والذي طال الرئيس الأسد تحديداً ومجموعة من كبار المسؤولين عنده، وتبع ذلك في أيار 2011 قرار لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في برو�

�سل يقضي بإضافة الأسد وتسعة مسؤولين آخرين إلى قائمة متأثرة بحظر السفر وتجميد الأصول.

ومقابل وعود الأسد بإجراء حوار وطني يتضمن سلسلة إجراءات نحو الإصلاح وإجراء انتخابات برلمانية جديدة وتعزيز الحريات، قالت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، إن الأسد "فقد شرعيته" كرئيس للجمهورية قبل أن يصدر أوباما بياناً خطياً "يحث الأسد على التنحي" . وفي شباط 2012 أعلن الاتحاد الأوروبي وواشنطن وتركيا أن الاستفتاء الذي أجرته الدولة السورية لصياغة دستور جديد "لا معنى له" وصدرت لائحة عقوبات جديدة من أوروبا وواشنطن طالت الشخصيات الأساسية في سلطة الأسد.

في مقابل الانقضاض الغربي على دمشق أبدت كل من روسيا والصين صلابة في مواجهة التوجهات الغربية و بصفتهما عضوان دائمان في مجلس الأمن، استخدمتا حق النقض "الفيتو" ضد سلسلة من مشاريع القرارات برعاية الغرب والتي كان من شأنها فتح الباب أمام تدخل عسكري ضد الأسد والدولة السورية قبل أن يبدأ الروس تدخلهم العسكري المباشر في سوريا في الثلاثين من أيلول من العام 2015 "بناء على طلب رسمي من الحكومة السورية" ويعلن الرئيس الروسي بوتين أن التدخل العسكري الروسي يهدف إلى "تحقيق الاستقرار للسلطة الشرعية في سوريا وتهيئة الظروف لحل وسط سياسي".

ولاحقا مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أعلنت واشنطن أنه لم يعد من أولوياتها تنحي الأسد قبل أن يقع هجوم كيميائي بالسارين على خان شيخون، في نيسان 2017 أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا، فاتهم الغرب الجيش السوري وأمر ترامب الجيش الأميركي بإطلاق 59 صاروخًا على قاعدة جوية سورية ردا على الهجوم المزعوم وفي نيسان العام التالي اتهمت واشنطن والغرب الجيش السوري بشن هجوم كيميائي في دوما وبدؤوا قصف دمشق وحمص.

وبعد إعادة انتخابه في استفتاء عام 2007 أحيا الأسد عملية التفاوض مع إسرائيل برعاية تركية واستمرت الأمور بين أخذ ورد حتى اندلاع "ثورات الربيع العربي" فتحول الأسد إلى هدف لواشنطن والغرب وانقلب عليه أردوغان وقطر وغالبية النظام العربي وتم طرد سوريا من الجامعة العربية ..وتعاظمت قدرات المعارضة المسلحة ..لكنه وجد في روسيا بوتين حليفا قويا حضر في الوقت المناسب لإعادة الأمور إلى نصابها بالمشاركة مع إيران وحزب الله ممثل المقاومة في وجه إسرائيل.

سفارات ...رسائل ودلالات...

تمكن السوريون الموجودون خارج بلادهم، من مغتربين مقيمين ولاجئين من الإدلاء بأصواتهم في انتخابات 2014 في عدد محدود في سابقة فريدة تماشيا مع كون الأزمة السورية في أوجها ..والمؤشرات التي تفيد ب "سقوط النظام" أكثر من معطيات بقائه ما أثر على مواقف كثير من الدول التي فضلت مسايرة الأمر الواقع أو الذي على وشك الوقوع وبنت مواقفها من الانتخابات حينها منحازة للمعارضة التي كانت تتأهب لاقتناص السلطة، وهكذا تم حرمان السوريين من الإدلاء بأصواتهم في الكثير من الدول باستثناء /روسيا وأرمينيا والهند والصين وايرن وكوبا وكوريا الشمالية وفنزويلا والبرازيل وإندو

نيسيا ولبنان و الجزائر وبيلاروس و النمسا و قبرص و التشيك والعراق وموريتانيا واليمن و ماليزيا و نيجيريا وسلطنة عمان و باكستان و بولندا و رومانيا و جنوب أفريقيا وأستراليا واليابان وأوكرانيا و صربيا و السويد وإسبانيا والأرجنتين / ومنعوا في كل من مصر والسعودية والإمارات والأردن وقطر، عربيا، و الولايات المتحدة وبلجيكا و كندا وفرنسا وألمانيا وتركيا وبريطانيا، السوريين، في حين شهدت الانتخابات الأخيرة تغيرات لافتة في هذا الشأن فانضمت مصر والإمارات والأردن وفرنسا وعديد من الدول إلى قائمة الدول التي سمحت للسوريين بالتصويت على أراضيها.

"الأمل بالعمل"..وملامح الولاية الجديدة...

وسط زخم كبير ومواكبة إعلامية لافتة أطلق الأسد حملته الانتخابية تحت شعار "الأمل بالعمل" في إشارة إلى عزمه المضي بمشاريع إعادة الإعمار خلال فترته الرئاسية المقبلة..

مراقبون اعتبروا أن الكلمة المتلفزة التي وجهها الأسد لمؤيديه بمثابة موجز مقتضب لكنه دقيق ويعبر بوضوح عن تفاصيل الولاية الرئاسية الجديدة..و ملامح السنوات التالية على أقل تقدير.. فخلافا لترجيحات وقراءات سبقت الانتخابات السورية والتي صبت في مجملها في خانة أن الأسد سيفتتح ولايته الجديدة بخطاب تصالحي مع خصومه وأعدائه في الداخل والخارج ...ظهر الأسد حادا كما لم يظهر من قبل ..بخطاب صدامي فيه الكثير من التهديد والوعيد رسم خلاله خريطة صراع جديدة حتمي وإن كان من دون روزنامة.

وأعلن رئيس مجلس الشعب السوري، حموده صباغ، في الخامس والعشرين من الشهر الجاري فوز بشار الأسد في انتخابات الرئاسة وحصوله على "الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين بنسبة 95.1 بالمئة" من أصوات أكثر من 13.5 مليون ناخب أدلوا بأصواتهم في صناديق الاقتراع في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، في ثاني انتخابات رئاسية في سوريا منذ بداية الأزمة عام 2011.

أفكارك وتعليقاتك