هربوا من بطش طالبان.. مصير مجهول يخيم على مستقبل اللاجئين الأفغان الذين تستضيفهم قطر مؤقتا

هربوا من بطش طالبان.. مصير مجهول يخيم على مستقبل اللاجئين الأفغان الذين تستضيفهم قطر مؤقتا

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 12 سبتمبر 2021ء)   يوليا ترويتسكايا. لا يزال الكثير من المواطنين الأفغان النازحين من أفغانستان إلى قطر، في انتظار قرار صدور التأشيرات الخاصة بهم في الدول الغربية، وذلك بعد أن تم إجلاؤهم ضمن عمليات إجلاء القوات الأجنبية من أفغانستان، والتي بدأت في 15 آب/أغسطس الماضي عقب سيطرة حركة طالبان (المحظورة في روسيا)، على السلطة.

وعلى مدار فترة الإجلاء، غادر نحو 114 ألف شخص أفغانستان، بالإضافة إلى 58 ألفا آخرين غادروا إلى دولة قطر، حيث يقيم الكثيرون منهم هناك داخل مجمعات سكنية خصصتها الحكومة لهم، لحين وصول تأشيرات الدخول الخاصة بهم إلى البلدان الغربية، التي تعاونوا معها قبل وصول طالبان إلى السلطة.

كيف تعيش العائلات الأفغانية في قطر؟

حاورت "سبوتنيك" عددا من اللاجئين الأفغان الموجودين في قطر، والذين تحدثوا عن الظروف التي غادروا خلالها أفغانستان وما إذا كانوا يأملون في العودة لوطنهم أم لا.

(تستمر)

استقرت العائلات الأفغانية في مبان مكونة من طابقين بمجمع سكني يخضع للحراسة الأمنية في ضواحي العاصمة القطرية الدوحة، ولا يُسمح للأفغان مغادرة المجمع السكني، نظرا لعدم تلقي بعضهم اللقاح المضاد لفيروس كورونا، لكن السلطات وفرت لهم داخل المجمع كل ما يحتاجون إليه، من منازل واسعة مزودة بمكيفات الهواء، وأجهزة منزلية وخدمة الإنترنت، وصالات للألعاب الرياضية ومركز طبي، وساحات للترفيه وحدائق وغيرها.

كما يتم تقديم الطعام والملابس إلى العائلات الأفغانية داخل المجمع السكني مجانا، وتقوم العديد من المنظمات القطرية بتنظيم فعاليات ترفيهية ومسابقات رياضية للاجئين الأفغان عندما لا يكون الجو حارا جدا.

وقال أحد الموظفين بالمجمع الحكومي لسبوتنيك: "يعيش في هذا المجمع حاليا نحو 300 شخص، واضطررنا إلى تخصيص مجمع خاص للعائلات فقط، لأن الأميركيين سلمونا أكثر من 70 مراهقا تتراوح أعمارهم من 11 إلى 15 عاما، وهم أطفال الشوارع الذين وصلوا إلى قطر بدون عائلاتهم أو وثائقهم. لقد بدأوا في ترويع العائلات واضطررنا لوضعهم في مجمع سكني منفصل ووضع رجل بالغ مع كل مجموعة صغيرة من المراهقين، بينما العائلات استقرت في مكان آخر".

روايات من كابول بعد اقتحامها من قبل طالبان

داخل أحد المتاجر في المجمع القطري الذي يستضيف العائلات الأفغانية، كانت هناك سيدة ضمن أولئك اللواتي أشرفن على برنامج مساعدة النساء الأفغانيات ذوات الإعاقة بإحدى المنظمات غير الحكومية في أفغانستان، ورغم أنها لا تجري مقابلات صحفية، وافقت على مقابلة شفوية دون ذكر اسمها خوفا من أن تبدأ حركة طالبان في اضطهاد أقاربها الذين بقوا في أفغانستان.

تقول السيدة التي هربت من كابول مع طفليها وزوجها الذي يعمل كطبيب أسنان، مصطحبة معها قطعة ملابس واحدة وجواز سفرها: "عندما دخلت طالبان كابول كان يوم الأحد.. لقد كان يوم عمل عاديا في أفغانستان، وكنت في العمل في ذلك اليوم.. وفي الصباح، تفقدت رسائل البريد الإلكتروني لإيجاد أي نوع من التهديدات لأن طالبان كانت حول كابول، ولكن لم يكن هناك أي رسائل. وخلال اجتماع في المكتب أبلغنا ضابط الأمن بضرورة المغادرة إلى المنزل فورا لأن مقاتلي طالبان دخلوا كابول".

وأوضحت السيدة أنه كان هناك سجن يقع وسط كابول بالقرب من المكتب، وشاهدت حركة طالبان تطلق سراح السجناء، مضيفة "كنا محاطين بآلاف السجناء الذين كانوا يركضون في الشوارع.. ذلك كان مخيفا للغاية. كل السيارات توقفت واضطررت للذهاب إلى منزلي سيرا على الأقدام لمدة 4 ساعات".

وأشارت إلى أنه في اليوم التالي بعد سيطرة طالبان على كابول، حاولت مغادرة البلاد برفقة عائلتها، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى المطار بسبب إطلاق النار من حوله، لكن العائلة تمكنت فيما بعد من الوصول إلى المطار وغادروا البلاد على متن طائرة حربية قطرية.

حقوق المرأة قبل وبعد وصول طالبان إلى السلطة

لفتت السيدة التي حاورتها سبوتنيك، إلى أن حقوق المرأة كانت قد بدأت تشهد تحسنا خلال السنوات الأخيرة، حتى في المناطق النائية بأفغانستان، مضيفة أن العائلات كانت قد بدأت تتعامل بشكل أفضل مع تعليم الفتيات والمساواة في حقوقهن مع الأبناء.

واستدركت قائلة: "لكن الوضع تراجع الآن.. وفقا للمعلومات الواردة من أصدقائي وأقاربي، فإن الفتيات البالغات من العمر من 7 إلى 9 سنوات، تخشى الذهاب إلى المدرسة، على الرغم من أن المدارس مفتوحة، لكن الأولاد يذهبون إليها، لأن الفصول المشتركة في المدارس أصبحت الآن محظورة".

وزادت قائلة: "طٌلب من النساء اللاتي يعملن في المؤسسات الحكومية البقاء في المنزل. أختي لم تذهب إلى عملها لثلاثة أسابيع.. حركة طالبان أصدرت أوامر بإنشاء مساحات عمل منفصل للنساء، وأمرت النساء في العمل بارتداء النقاب الذي يغطي وجوههن سوى العينين، وذلك رغم أن النساء العاملات لم يعتدن ارتداء الملابس الضيقة وظلت وجوههن مكشوفة".

طالبان تضع منتقديها من الصحفيين على قائمتها السوداء

كان أحمد والي سرهادي، الصحفي الأفغاني المتعاون مع وسائل الإعلام الغربية، من ضمن اللاجئين الذين غادروا البلاد وانتقلوا إلى قطر، في انتظار التأشيرة الأميركية.

تعاون سرهادي مع وسائل الإعلام الأفغانية المختلفة، وكذلك وسائل الإعلام الغربية منذ عام 2009، حيث غطى الأحداث في أفغانستان من ولاية قندهار، ووضعته طالبان على قائمتها خلال العامين الماضيين.

ويقول سرهادي في حديثه لسبوتنيك: "أجهزة الأمن الأفغانية أبلغوني بأنني وُضعت على قائمة طالبان السوداء خلال العامين الماضيين. لقد كنت أبلغ عن المذابح وعمليات القتل وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبوها".

وأضاف "عناصر طالبان ذهبوا إلى بيتي في قندهار وسألوا عني، ولذلك اضطررت إلى الهرب لكابول، ومن هناك تم نقلنا إلى المطار تحت حماية قطر ومن ثم نُقلنا إلى قاعدة أميركية ثم إلى هذا المجمع السكني".

وأوضح سرهادي أن هناك نحو 1000 صحفي أفغاني غادروا أفغانستان بالفعل بينهم 700 صحفية، بعد وصول طالبان إلى السلطة.

"توقفي عن رياضة الملاكمة وإلا سنقتلك"

هكذا اضطرت سيمو رضائي، لاعبة الملاكمة الأفغانية الشابة، وعضو منتخب السيدات الأفغاني  للملاكمة لمغادرة أفغانستان، بعدما هددتها الحركة الأفغانية المتشددة بالقتل إذا لم تتوقف عن ممارسة الرياضة التي بدأت الاحتراف فيها عندما كانت في سن السادسة عشرة من عمرها.

وتقول رضائي لسبوتنيك: "عندما استولت حركة طالبان على كابول، كنت أتدرب على الملاكمة مع مدربي، لكن فيما بعد أبلغ بعض الأشخاص حركة طالبان بأن هناك فتاة تتدرب مع مدرب، وأرسلوا لي بعد ذلك تحذيرا مكتوبا بضرورة وقف التدريب، وتوعدوا بقتلي إذا لم أوافق على ذلك".

وعرضت رضائي لسبوتنيك صورة على هاتفها تظهر نص التهديدات التي تلقتها من حركة طالبان بلغة الباشتو.

وتابعت رضائي التي تأمل في مواصلة مسيرتها في رياضة الملاكمة بالولايات المتحدة "عندها قررت مغادرة أفغانستان وحدي تاركة عائلتي في كابول لأنني أريد مواصلة رياضة الملاكمة فهي حياتي".

ولا يتطلع اللاجئون الأفغان البقاء في قطر لمدة طويلة، لأن الأخيرة لا تمنح الجنسية إلى الأجانب، ولكن يمكنهم فقط الاعتماد على تأشيرات العمل المؤقتة، لحين صدور قرارات من سلطات الدول الغربية للانتقال إلى هناك.

ومع ذلك، قالت السلطات القطرية، إنها لن تعيد هؤلاء اللاجئين بأي حال من الأحوال إلى أفغانستان وستساعدهم على تحديد مصيرهم.

أفكارك وتعليقاتك