خوفا من بطش طالبان.. مواطن أفغاني يروي معاناته في الهروب من كابول إلى تركيا

خوفا من بطش طالبان.. مواطن أفغاني يروي معاناته في الهروب من كابول إلى تركيا

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 15 سبتمبر 2021ء) يان تشيجن. "اتصلت بي عمتي ذات ليلة، ودعتني للهروب من منزلي والاختباء، لأن زوجها يسعى للانتقام مني في حال تمكنت حركة طالبان (المحظورة في روسيا) من دخول العاصمة كابول".. هكذا وصف أحد المواطنين الأفغان، اضطراره لترك عائلته والهرب من أفغانستان، قبل أيام من سيطرة طالبان على العاصمة.

شارك "إم - M"، الذي فضل عدم ذكر اسمه، قصة هروبه من أفغانستان، في حديثه مع وكالة سبوتنيك، لافتًا إلى أن زوج عمته القيادي في الحركة، كان سببا في هروبه من كابول إلى تركيا، خوفا من ملاحقته بعد اقتحام العاصمة.

وأوضح "إم" أن زوج عمته أصبح قائدا في طالبان قبل بضع سنوات، بعدما اعتقلته الحكومة الأفغانية قبل نحو عامين، إلا أنه تم الإفراج عنه بعد اتفاق السلام الذي أبرمته الولايات المتحدة.

(تستمر)

وأشار "إم" إلى أن زوج عمته "قائدا لنحو 52 ألف مقاتل من حركة طالبان"، لافتًا إلى أن "الأخير ظن أنه اُعتقل بعد أن أبلغت عنه"، مضيفا أنه "متطرف ويعرف عدد السنوات التي عملت فيها مع حكومة الولايات المتحدة".

عمل "إم"، 33 عامًا، في المشاريع التي تمولها الحكومة الأميركية بأفغانستان في وقت مبكر من تشرين الأول/أكتوبر 2011، كمراقب إنتاج ومشرف صيانة ومدير مكتب مشروع في إطار مشاريع مختلفة بدأتها وزارة الدفاع الأميركية ومفوضية الاتحاد الأوروبي.

يعتقد "إم" أن عمله مع قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، كان السبب الرئيسي لملاحقته من قبل زوج عمته القيادي في طالبان. 

هروب محفوف بالمخاطر:

مع تقدم طالبان في مناطق عدة بافغانستان، اضطر "إم" إلى البحث عن مساعدة من مهربي البشر.

وقال إن "تقدم طالبان كان يمثل تهديدا مباشرا في ذلك الوقت وكان علي أن أتحرك، أخبرت صديقي الذي منحني رقم هاتف لشخص قال إنه يساعد طالبي اللجوء، وطلب مني 3 آلاف دولار، ولكني تمكنت من التفاوض معه لدفع 2500 دولار فقط".

وفي حوالي الساعة الثانية صباحًا بالتوقيت المحلي لأفغانستان يوم 9 آب/أغسطس (العاشرة والنصف قبل منتصف الليلة السابقة بتوقيت غرينتش)، انطلق "إم" في مغامرة جريئة لمحاولة الفرار من البلاد عبر الحدود البرية مع إيران.

وقال "إم"، إنه "في حوالي الساعة الثانية صباحًا، أرسل سيارة لتقلني، وسافرنا عبر مقاطعة نمروز إلى الحدود بين أفغانستان وإيران، ومكثت ليلة واحدة في نمروز وفي الليلة التالية أرسل شخصًا آخر لمساعدتي في عبور الحدود إلى إيران".

وأضاف "قمنا بالسير حوالي 10-12 ساعة حتى صباح اليوم التالي، عندما رأينا سيارة تنتظرنا. نقلتنا السيارة إلى طهران".

انضم 6 لاجئين أفغان آخرين إلى "إم" في طهران وسافرت المجموعة في مركبة إلى الحدود الإيرانية مع تركيا.

ومكث الستة في قرية تبعد حوالي 10 أميال عن الحدود لمدة ليلة واحدة. وبعد عبور الحدود البرية عبر منطقة جبلية، اضطرت المجموعة إلى السير لمدة 10 ساعات أخرى قبل الوصول إلى منزل آمن.

في اليوم التالي، تجول الستة أشخاص في قرى مختلفة في ولاية فان في تركيا.

وتابع "إم" أنه "في ولاية فان، قدموا لنا وثيقة صادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكن أعتقد أن الوثيقة كانت مزورة، ولكن كنت بحاجة إلى وثيقة للسفر. وبهذه الوثيقة، حجزوا لنا تذكرة حافلة سمحت لنا بالقدوم إلى اسطنبول".

عندما غادر "إم" المنزل في عجلة من أمره للهروب من أفغانستان، لم يكن لديه الوقت لأخذ أي أمتعة معه.

وقال "كان لدي كيس صغير جدًا به بعض أقراص الإسعافات الأولية وزجاجة من الماء. كان لدي أيضًا بعض النقود وهاتف جوال".

وأضاف "إم" أن "هاتفه الذكي أصبح شريان الحياة بالنسبة له، لأنه كان الطريقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها البقاء على اتصال مع عائلته والتخطيط لمستقبله".

اعتقد "إم" أن الحكومة الأفغانية قد تستمر لعام أو أكثر بعد إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن، بدء الانسحاب من أفغانستان، إلا أن الحكومة الأفغانية انهارت قبل أن يصل هو إلى وجهته في تركيا.

وقال "إم" إنه "عندما وصلت إلى ولاية فان التركية، التي كانت على بعد حوالي 80 كيلومترًا من الحدود مع إيران، سمعت نبأ دخول طالبان إلى كابول والاستيلاء على السلطة في أفغانستان".

كما أجبر الانهيار الفوري للحكومة الأفغانية "إم" على اتخاذ قرار لا يمكن تصوره كزوج وأب، فقد ترك زوجته وأطفاله الثلاثة، وأعمارهم عامين وخمسة وستة.

وقال "تركت زوجتي وأولادي الثلاثة في أفغانستان. كانت حالة طارئة ولم أستطع إخراجهم معي من البلاد. إنه وضع صعب للغاية. أعتقد أنه لا يمكن لأي شخص آخر أن يشعر بموقفي. صدمني هذا الوضع. في بعض الأحيان، أعتقد أنني في حلم".

وبعد وقت قصير من مغادرته كابول، أخبرته زوجته أن "ثلاثة من أعضاء طالبان جاءوا إلى منزلهم في حوالي الساعة 11 مساءً ليلا من شهر آب/ أغسطس بحثًا عنه".

وطلب "إم" من زوجته الانتقال مع الأطفال إلى منزل صهره بعد ذلك للحفاظ على سلامتهم.

ما لم يعرفه ابناء "إم"، هو أن والدهم لم يستطع فقط جني أي أموال للعائلة أثناء وجوده في تركيا، ولكنه احتاج أيضًا إلى 7000 يورو أخرى على الأقل (حوالي 8275 دولارًا أميركيا) من مدخرات العائلة لمحاولة الانتقال إلى إيطاليا وإيجاد عمل هناك لإعالة الأسرة.

وقال "لقد فقدت كل شيء في حياتي، كل شيء! يجب أن أبدأ من الصفر. في الوقت الحالي، أحاول الوصول إلى أوروبا، لا سيما تلك البلدان التي تصدر تصاريح إقامة تسمح لي بالعمل وإعالة عائلتي. وربما سيصدرون أيضًا تأشيرات لعائلتي للانضمام إلي".

قدم "إم" طلبه للحصول على تأشيرة هجرة خاصة للانتقال إلى الولايات المتحدة في 3 آب/ أغسطس. وحصل على سبع خطابات توصية من زملائه الأميركيين السابقين، وتلقى أيضًا خطاب موارد بشرية من المؤسسة الأميركية التي كان يعمل لديها للتحقق تاريخه الوظيفي.

وبعد وصول "إم" إلى تركيا، حاول الاتصال بالسفارة الأميركية في أنقرة والقنصلية العامة في اسطنبول للاستعلام عن حالة طلب التأشيرة الخاصة، لكنه لم يتلق أي رد إيجابي.

وتابع "أحاول الوصول إلى أوروبا، لأن عملية التأشيرة طويلة جدًا. ولا يمكنني البقاء هنا في اسطنبول، لأن الشرطة هنا تعتقل الأشخاص الذين ليس لديهم وثائق مناسبة مثل جوازات السفر أو التأشيرات أو بطاقات الإقامة الرسمية. لا أستطيع التحرك في جميع أنحاء المدينة. أنا في الغالب فقط أبقى في غرفتي. عندما أحتاج إلى شيء ما، يمكنني فقط أن أحاول المشي لمدة 5-10 دقائق لشراء بعض الطعام أو الماء والعودة مرة واحدة".

استأجر "إم" غرفة في قبو يديره أشخاص من أوزبكستان مقابل 1200 ليرة تركية (حوالي 140 دولارًا) شهريًا. ولتوفير المال، حاول الحد من وجباته الثلاث يوميًا بحوالي 200 ليرة تركية.

وقال "إم"، إن "الخيار الوحيد المتبقي لي هو محاولة الانتقال إلى دولة أوروبية حيث يقبلون اللاجئين الأفغان"، مضيفا أنه "إذا انتظرت هنا للحصول على التأشيرة الخاصة، فسيستغرق الأمر ما لا يقل عن 2-3 سنوات. لا بد لي من المضي قدما ومحاولة الذهاب إلى أوروبا، إلى دول مثل إيطاليا".

اتفق "إم"، مع بعض من مهربي البشر، على أن تدفع زوجته مبلغ 7 آلاف يورو للمهربين بعد أن يصل هو إلى إيطاليا بأمان.

وقال "إم"، إن "لدى السلطات الإيطالية إقامة خاصة للمهاجرين، ولكن ما يثير القلق هو أن الرحلة محفوفة بالمخاطر، التي أودت بحياة العديد من المهاجرين ممن حاولوا الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر".

وأوضح أنه "من الصعب جدًا السفر من اسطنبول إلى إيطاليا، لأنها رحلة خطيرة للغاية. عليك قضاء 2-3 أيام في البحر. لكن هذا هو الخيار الوحيد. ليست لدينا أي خيارات أخرى".

وأضاف أن "القارب به سترات نجاة ومعدات طوارئ، لكنني أعتقد أنهم لا يعملون في البحر الكبير. يمكن أن يكون هناك أسماك قرش في الماء".

وقال "إم"، إنه "إذا تمت الموافقة على طلب التأشيرة الخاص بي في المستقبل، فيمكنه الانتقال إلى الولايات المتحدة من أي مكان في العالم على الرغم من عدم وجود جواز سفر أفغاني معه".

ورغم إصراره على الوصول إلى الولايات المتحدة، إلا أن "إم يرى أنه في المستقبل القريب، فإن الهدف الأكثر واقعية بالنسبة له هو محاولة الوصول إلى دولة أوروبية مثل إيطاليا وبناء حياة مستقرة له ولأسرته هناك.

وقد دخلت عناصر حركة طالبان العاصمة الأفغانية كابول، في 15 آب/أغسطس الفائت، وسيطرت على القصر الرئاسي، بعد مغادرة الرئيس أشرف غني البلاد.

وفي اليوم التالي، أعلنت الحركة انتهاء الحرب في أفغانستان، وغادر أخر فرد من الجيش الأميركي مطار كابول، في ليلة 31 آب/أغسطس؛ منهيا ما يقرب من 20 عاماً من الوجود العسكري الأجنبي في أفغانستان.

ولاحقا أعلنت طالبان عن تشكيل حكومة مؤقتة، برئاسة الملا محمد حسن أخوند.

أفكارك وتعليقاتك