الخلافات بين الأطراف الليبية .. هل تكون عائقاً أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

(@FahadShabbir)

الخلافات بين الأطراف الليبية .. هل تكون عائقاً أمام إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 26 سبتمبر 2021ء) نادر الشريف. على الرغم من حرص المجتمع الدولي على إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الليبية نهاية العام الجاري، وحثه الأطراف الليبية على الالتزام بخارطة الطريق لإجراء الانتخابات، لكن الخلافات بين حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الأعلى للدولة وبين مجلس النواب الليبي خاصة بعد سحب الثقة من حكومة الدبيبة، كلها أمور تعقد المشهد السياسي وتزيد من الشكوك حول إمكانية إجراء الانتخابات.

وقالت مصادر مطلعة، لوكالة سبوتنيك، إن هذه الخلافات، والتي تتعلق بالميزانية العامة للدولة وعدم اعتمادها من البرلمان، وبتوقيع حكومة الوحدة الوطنية اتفاقيات طويلة الأمد مع دول غربية وعربية، علاوة على سن المجلس الأعلى للدولة القوانين الانتخابية والدستورية، تؤكد على استحالة إجراء الانتخابات العامة نهاية العام.

(تستمر)

ورأت المصادر أن ما يحدث قد يكون عرقلة لتأجيل الانتخابات.

ورأى القيادي في التيار الوطني الوسطي، أحمد المهدوي، في تصريح لوكالة سبوتنيك، أن قرار سحب الثقة من الحكومة المؤقتة قراراً غير مبرر وغير مدروس، واصفاً إياه بأنه مجرد "هرطقات سياسية يمارسها مجلس النواب".

  وأضاف "يمكن وصف ما حدث من مجلس النواب بأنه ديمقراطية فاسدة تمارس على الشعب الليبي وتحاول عرقلة جهود تسوية الأزمة بين الليبيين".

كما انتقد المهدوي رد فعل رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة على قرار سحب الثقة من الحكومة، قائلا إن "ما حدث يشير إلى عدم خبرة الرجل سياسيا، فليس هناك في تاريخ الحكومات أن حكومة سحبت منها الثقة تحرض الشعب للخروج في مظاهرات لإسقاط المجلس".

وأضاف أن "سحب الثقة من الحكومة بالسرعة تأتي في الإطار نفسة التي منحت به الثقة لأن منح الثقة تم بنفس السرعة بدون دراسة ولا مساءلة عن السياسة العامة للحكومة وألية العمل، لذلك ليس لمعيار السرعة أي قيمة في هذه الحالة".

وحول دلالات قرار القائد العام للجبش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر تكليفه رئيس الأركان عبدالرازق الناظوري بممارسة مهامه لمدة ثلاثة أشهر، وهل يعتبر القرار استعدادا من المشير لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، قال المهدوي إن "قرار القيادة تكليف الفريق الناظوري يعكس نية المشير حفتر لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة خاصة وأن قانون الانتخابات الصادر عن مجلس النواب نص على ضرورة  الاستقالة قبل خوض الانتخابات بثلاثة أشهر".

وفيما يتعلق باستضافة فرنسا لمؤتمر دولي بشأن ليبيا، قال المهدوي إن "فرنسا أعلنت أنها سوف تستضيف مؤتمر يجمع الأطراف التي لها علاقة بالأزمة الليبية محاولة استعادة البوصلة في إدارة الملف الليبي خصوصا بعد تنامي الدورين الألماني والإيطالي بوقت سابق، مشيراً إلى أن "باريس كان لها السبق في احتضان المؤتمرات الدولية من أجل ليبيا. لا معلومات حتى الآن عن ماهية المؤتمر ومن هي الشخصيات والدول التي ستحضره".

من جانبه قال رئيس مؤسسة سلفيوم الليبية للدراسات والأبحاث، جمال شلوف، في تصريحات لوكالة سبوتنيك، إن الدول الكبرى المتداخلة في الشأن الليبي لم ترفض قرار مجلس النواب بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، فيما انزعج المجتمع الدولي من الاتفاقيات طويلة الأمد التي وقعتها حكومة الوحدة الوطنية مع عدد من الدول".

ورأى شلوف أن مؤشرات عدة تدل على أن الدول الكبرى والمتداخلة في الشأن الليبي لم تعلق على قرار سحب الثقة مما يوحي بوجود عدم رفض دولي من جانبها، خاصة وأن شرعية الحكومة ستنتهي فعليا يوم 24 (كانون الأول) ديسمبر بحسب القرار 2570 (قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 16 نيسان/ابريل 2021)، وأن على الحكومة الاستمرار كحكومة تسيير أعمال تجهز للانتخابات فقط".

وتابع أن "المجتمع الدولي، انزعج بالتأكيد من الاتفاقات طويلة الأمد التي وقعتها الحكومة التي وصفها القرار 2570 بالمؤقتة". وفق تعبيره.

واعتبر شلوف أن بيان المجلس الرئاسي الليبي الذي جاء بعد اجتماع دولي، والذي طالب بعدم التصعيد وأن على البرلمان إكمال قوانين الانتخابات وأن على الحكومة المضي في عملها، ربما يعكس حالة من (عدم الرفض) من جانب الرئاسي، ربما بسبب تغول الحكومة على مهامه وأهمها العلاقات الدولية والتمثيل الخارجي".

وأشار رئيس مؤسسة سلفيوم الليبية للدراسات والأبحاث إلى أن "المادة 194 من القانون 4 لسنة 2014 تجيز للبرلمان التصويت على سحب الثقة بعد استجواب الحكومة، لكن لربما بسبب عدم اكتمال النصاب اجتهد بعض النواب في إيجاد بدائل لكن حين اكتمل النصاب سحبت الثقة".

واستطرد قائلا "الواقع أننا تعودنا على التردد في قرارات مجلس النواب والتراجع عن بعض قراراته وهي ليست السابقة الأولى".

وحول إمكانية خوض المشير خليفة حفتر الانتخابات الرئاسية، رأى شلوف، أنه على الرغم من أن المشير لم يعلن رسميا اعتزامه خوض الانتخابات إلا أن حظوظه في الفوز بانتخابات الرئاسة في حال ترشحه هي الأقوى".

وفيما يخص احتضان فرنسا لمؤتمر دولي بشأن التسوية الليبية، قال شلوف إن "المؤتمرات واللقاءات الدولية حول ليبيا لم تنقطع وآخرها اجتماع نيويورك، وأعتقد أن اجتماع فرنسا سيكون ضمن إطار دعم الانتخابات واتخاذ خطوات عملية حول خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من الاراضي الليبية، وربما بعض التوصيات بخصوص المعرقلين".

من جهة أخرى رأى المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، في تصريح لوكالة سبوتنيك، أن رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح "لم يكن متحمسا لسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وأنه حاول خفض سقف توقعات بعض النواب"، معتبرا أن قرار سحب الثقة "تم بمخالفة واضحة للإعلان الدستوري في مادته 30 وللاتفاق السياسي في مادته الخامسة التي تتطلب التشاور مع المجلس الأعلى للدولة".

وقال فركاش إنه "لاشك أنه كان هناك، ولا يزال، تضارب واضح في رؤى العديد من أعضاء مجلس النواب في كيفية اتخاذ الإجراء المفاجئ الأخير بخصوص سحب الثقة من الحكومة بعد أن قرر البرلمان، قبل جلسة سحب الثقة المفاجئ في اليوم التالي، بتشكيل لجان تحقيق أولا مع الحكومة ومعرفة حقيقة الاتهامات الموجهة إليها وإلى رئيسها، وهذا عادة هو الاجراء الصحيح قبل سحب الثقة بعد إدانتها أولا او ادانة أحد وزرائها".

وكشف فركاش أن "الأمر بلغ ببعض النواب إلى وصف الإجراء بالتزوير الفاضح، ولكن في العموم فالإجراء تم بمخالفة واضحة للإعلان الدستوري في المادة 30 و للاتفاق السياسي في المادة 5 التي تتطلب التشاور مع المجلس الأعلى للدولة وليس فقط اللائحة الداخلية المنظمة لعمل مجلس النواب خاصة في المادتين 140 و 194".

وتابع فركاش "يبدو أنه كان هناك تحشيد ملحوظ في مساء الاثنين (قبيل جلسة سحب الثقة) ودعوات لبعض النواب للحضور ويبدو أنه كانت هناك ضغوطات قد مورست على العديد من النواب وربما بعض الاغراءات (كما تناهى إلى مسامعنا) لحضور جلسة الثلاثاء الذي وصل عدد الحضور فيها وبشكل غير عادي إلى حوالي 113 عضوا خاصة بعد الاتفاق على تشكيل لجان للتحقيق مع الحكومة وتبيان مصروفاتها ومعرفة حقيقة تقصيرها في بعض الأمور التي أثيرت في جلسة الاستجواب التي كان من المفترض أن تتحول إلى جلسة مساءلة قبل التصويت بعدها بـ 10 أيام على سحب الثقة وفق اللوائح الداخلية".

واستطرد "لكن يبدو أن كتلة النواب من الداعمين للقيادة العامة كانت لها نية مبيته لسحب الثقة ولم تخف أنها كانت متذمرة من عدم تجاوب الدبيبة في موضوع تعيين وزير دفاع وأيضا في موضوع تخصيص ميزانية خاصة للقيادة العامة بالإضافة إلى عدم دفع بعض المرتبات لبعض الوحدات والأفراد المنتمين لصفوف القيادة العامة رغم أن الدبيبة ووزير المالية كانا قد اجابا وأكدا أن سبب التأخير في دفع بعض الرواتب هو انتظار رد وزارة المالية على طلبها بإفادتها بالأرقام الوطنية التي طلبتها الوزارة من القيادة العامة، وأنها لم تتلق أي ردود بالخصوص".

وتابع فركاش أنه "ربما ما أقنع السيد عقيلة صالح هي دوافع أخرى وأهمها الحد من شعبية الدبيبة، خاصة وسط شريحة الشباب والحد من فعاليته ومحاولة عرقلة عمل حكومته، خاصة بعد توارد أنباء عن نية الدبيبة الترشح للرئاسة ليشكل بذلك خصما عنيدا في مواجهة السيد حفتر أو السيد عقيلة في حال اعتزامهما الترشح، خاصة بعد استطلاعات الرأي الاخيرة التي أجريت والتي تشير إلى تصدر السيد الدبيبة قائمة المترشحين المحتملين للفوز بالرئاسة في حال ترشحه رغم أن خارطة الطريق تمنعه من ذلك".

وأضاف "نخشى من تكرار سيناريو حكومة الوفاق وأن تستخدم أطرافا معينة حجا لمنع حكومة الوحدة من العمل في أماكن سيطرتها وهذا سيحد من فعالية الحكومة في تلك الأماكن، وفي التحضير للانتخابات وتأمينها بصورة صحيحة"، مؤكداً على أن "كل هذا للأسف ربما سيعطي ذريعة لبعض الاطراف للتشكيك في مدى نزاهة الانتخابات وشفافيتها ومصداقيتها ونتائجها".

وحول إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية العام ومدى التزام الأطراف الليبية بهذا الموعد، قال فركاش "لم يصدر بعد أي قانون بخصوص الانتخابات التشريعية رغم دعوات البعثة الأممية والمجتمع الدولي المتكررة، وآخرها المؤتمر الذي ترأسته كلا من فرنسا وألمانيا وايطاليا يوم الخميس على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي كرر بيانه نفس الدعوات السابقة".

وعبر فركاش عن اعتقاده بأنه لن تكون هناك ضمانات للقبول بنتائج الانتخابات إلا في حالة صدور قاعدة دستورية متينة وقوانين متوافق عليها بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، وقد يلعب المجلس الرئاسي دوراً في جمع هذه الأطراف قريبا للتوافق على هذه القاعدة الدستورية وعلى هذه القوانين ليفتح الباب أمام إجراء الانتخابات حتى وإن لم تكن في موعدها المحدد".

وأضاف أن "الخيارات الأخرى الآن ستدخلنا في عدة احتمالات وسيناريوهات، منها صراعات عبثية وحوارات سياسية أخرى نحن في غنى عنها ومل الشعب منها".

وتترقب ليبيا إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 كانون الأول/ديسمبر المقبل بناء على خارطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي بدعم من الأمم المتحدة.

كان مجلس النواب الليبي قد أصدر، مؤخرا، قرارا بتشكيل لجنة لإعداد مقترح قانون انتخاب مجلس النواب الجديد، وذلك بعد أن أعلن المجلس، بوقت سابق من الشهر الجاري، المصادقة على قانون انتخاب رئيس الدولة وتحديد اختصاصاته، وإحالته إلى المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا وكل جهات الاختصاص الليبية.

إلا أن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا رفض القانون الذي أصدره مجلس النواب بشأن انتخاب رئيس الدولة، ليعلن هو الآخر الأسبوع الماضي القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات العامة وكذلك قانون مجلس الأمة بغرفتيه العليا والسفلى بالإضافة إلى شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة.

وتعكس هذه الخطوات من كلا الطرفين التنازع بين جهات سن القوانين وإصدارها في ليبيا، وهو ما يعيد للأذهان سيناريو الانقسام بين المؤسسات.

أفكارك وتعليقاتك