ارتفاع أسعار الغاز يفاقم النمو الاقتصادي الهش في أوروبا ويدعم اقتصادات دول أخرى

ارتفاع أسعار الغاز يفاقم النمو الاقتصادي الهش في أوروبا ويدعم اقتصادات دول أخرى

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 12 اكتوبر 2021ء) تشهد الأسواق العالمية ارتفاعاً في أسعار النفط والغاز في الفترة الأخيرة، حيث وصلت أسعار الغاز في المنطقة الأوروبية إلى مستويات قياسية لم يسبق لها مثيل في التاريخ، ما أدى إلى ارتفاع في أسعار الكهرباء في معظم الدول الأوروبية، وتفشي المخاوف لدى بلدان العالم بأسره من مواصلة الارتفاع حتى نهاية الشتاء.

وفي حديث لسبوتنيك، أفاد الدكتور جورج قرم، الأستاذ الجامعيّ والخبير الاقتصاديّ والماليّ، ووزير الماليّة اللبناني الأسبق، أن تداعيات ارتفاع أسعار الغاز على الاقتصاد العالمي والدول الأوروبية، يحمل أوجه مختلف، حيث إن" الدول التي يوجد لديها احتياطات مخزونة من الغاز سوف تستفيد من هذا الارتفاع بانتعاش اقتصادي بعد أزمة كورونا"، أما الدول التي " لا يوجد لديها أي مصادر للغاز فهذه بالطبع سوف تتحمل أعباء إضافية في المالية العامة"​​​.

(تستمر)

ومن المرجح أن تستمر أسعار الطاقة العالمية في الارتفاع حتى نهاية فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، الأمر الذي قد يقوّض الانتعاش الاقتصادي لما بعد كورونا في الدول المستوردة للطاقة، ويضرّ بالفئات الأقل دخلا.

وأشار الخبير الاقتصادي اللبناني، في حديثه عن مسببات الارتفاع في أسعار الطاقة بشكل عام والغاز على وجه الخصوص، إلى عودة الدول الكبرى إلى أنشطتها الاقتصادية،

وأردف الخبير بالقول، إنه " بعد التراجع الاقتصادي الذي سببته أزمة كورونا هناك عودة إلى الانتعاش في الدول الصناعية الكبرى ودول العالم الثالث الكبيرة في آسيا، مثل الهند وغيرها، وهو ما أدى إلى وجود زيارة في الأسعار"،

كما نوه إلى أن من بين أسباب ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا هو اللغط الحاصل حول أنبوب الغاز الروسي " التيار الشمالي – 2 "، مضيفا بقوله " وكذلك قضية أنبوب الغاز الكبير بين روسيا وألمانيا، والذي يحتج عليه الاتحاد الأوروبي وغير راضٍ عنه. أنبوب الغاز الذي إذا تم تفعيله في القريب العاجل قد يؤدي إلى انخفاض أسعار الغاز".

وتسعى روسيا حالياً، إلى إقناع أوروبا بالموافقة على مشروع خط أنابيب "نورد ستريم 2″، على أن يتم تشغيله بمجرد اكتمال التصديق عليه في يناير/كانون الثاني 2022.

وفي إشارة إلى تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على بعض الدول، يتابع المستهلكون في جميع أنحاء آسيا وأوروبا وأميركا اللاتينية، الذين ما زالوا يترنحون من تأثير وباء كورونا، أسعار الطاقة وهي ترتفع أعلى وأعلى مدفوعة بأسعار الغاز الطبيعي التي صعدت بمعدل 4 أضعاف في بعض المناطق خلال الأشهر الأخيرة، لتصل الأسبوع الماضي إلى مستويات قياسية.

وبشكل خاص يشعر الأوروبيون بالعجز في السوق. ففي إسبانيا على سبيل المثال، قالت الحكومة مؤخرًا إنها ستأخذ الأرباح من شركات الطاقة لمساعدة المشتركين. وفي إيطاليا، عانى السكان مؤخرًا من زيادة بنسبة 14بالمئة في فواتير الغاز، صاحبتها قفزة تقترب من 30 بالمئة في أسعار الكهرباء.

وإذا شهدت القارة الأوروبية شتاء قارصا واحتاجت إلى إمدادات غاز طبيعي أعلى من المستويات المعتادة، ستواجه منافسة كبيرة على واردات الغاز المسال مع دول شرق آسيا، وقد يؤدي ذلك إلى توقف عمل العديد من الشركات الأوروبية في مختلف قطاعات الاقتصاد وإلى ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء القارة.

في الشرق الأوسط، وعلى وجه الخصوص لبنان، بحسب الخبير الاقتصادي، على سبيل المثال "يوجد لديه غاز في البحر الأبيض المتوسط، وقد كانت عملية التنقيب قد بدأت في البلوك رقم 4، بعد ذلك يبدو أن العملية توقفت، ولسوء الحظ لا نعلم لأي سبب من الأسباب توقفت"، والآن أصبحت هناك قضية تحديد الحدود البحرية بين لبنان وسوريا، بالإضافة إلى المشاكل مع الدولة الصهيونية، وهناك مفاوضات والجيش اللبناني مسؤول عن هذه المفاوضات.

أما الدول التي قد تستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة فهناك العديد من الحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تضم أكبر احتياطيات النفط والغاز في العالم.

وفي سياق متصل، يرى العديد من الخبراء أن إيرادات الطاقة ستعطي دفعة للاقتصاد الروسي، كما ستجني الدول الأخرى المنتجة للنفط والغاز في المنطقة ثمار ارتفاع الأسعار، وتحديدا كازاخستان وأذربيجان وتركمانستان.

هذا وأعلن رئيس الدبلوماسية الأوروبية، جوزيب بوريل، يوم أمس الإثنين، أن أوروبا قد تحتاج إلى الغاز الروسي أكثر مما هو مذكور في العقود.

وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد أعلن يوم الأربعاء الماضي، خلال اجتماع بشأن مسائل الطاقة، أن بلاده كانت وما زالت مورداً موثوقاً للغاز للمستهلكين في أوروبا وآسيا، ووجَه وزير الطاقة لمراقبة تنفيذ التزامات نقل الغاز إلى أوروبا عبر الأراضي الأوكرانية، قائلا إنه لا يجب تقويض الثقة في شركة "غازبروم" كشريك موثوق به تماماً في توريد ونقل الغاز إلى أوروبا عبر أوكرانيا.

وأكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم الجمعة الماضي، أن خطي أنابيب الغاز "التيار الشمالي2" و"التيار التركي" مشروعان يهدفان إلى تحسين أمن الطاقة في أوروبا.

أفكارك وتعليقاتك