تغيير جذري في إدلب وهيمنة تركية ..​​​. تفاصيل ترويها مواطنة روسية.. هروب بعد ثلاثين عامًا

تغيير جذري في إدلب وهيمنة تركية ..​​​. تفاصيل ترويها مواطنة روسية.. هروب بعد ثلاثين عامًا

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 14 ديسمبر 2021ء) تمكنت امرأة روسية لديها ثلاثة أطفال مؤخرا من الفرار من إدلب السورية، حيث عاشت هناك ما يقرب من ثلاثين عاما من حياة هادئة وسعيدة، إلى حرب وإرهاب سيطرا على هذه المحافظة منذ عدة سنوات.

ووافقت المواطنة الروسية على سرد قصتها في إدلب لوكالة "سبوتنيك"، شرط إبقاء اسمها وبعض التفاصيل عن أسرتها طي الكتمان؛ مشيرة إلى إن زوجها لا يزال في إدلب واختفاءها مع أطفالها قد يشكل تهديدا خطيرا عليه من قبل المسلحين.

سنوات التسعينات الهادئة

في الوقت المتفق عليه، تمكنا من التواصل عبر رابط الفيديو؛ وعلى الجانب الآخر من الشاشة، هناك امرأة مرتبكة قليلاً، في أوائل الخمسينيات من عمرها؛ حيث بدأت قصتها بذكريات جميلة عن تلك الأيام حين تزوجت فيها من شاب واعد أسمر البشرة كان قد تخرج لتوه من كلية الهندسة بإحدى الجامعات الروسية، ثم توجهت معه إلى وطنه في سوريا، في إدلب ذاتها.

(تستمر)

.. هناك الآلاف من هذه القصص لنساء روسيات، ولا يزال الكثير منهن يعشن في جميع المحافظات السورية تقريبا، بعد أن قررن البقاء مع أزواجهن في لحظات صعبة عندما بدأت الحرب.

وقالت: "كانت تلك سنوات التسعينيات ... درس زوجي في كلية الغزل والنسيج الميكانيكية. حينها اُفتتح معمل خياطة جديد في إدلب، تلك الحافظة التي تعتمد على الزراعة وخاصة القطن وتشكل مصدر دخل للمواطنين... التقينا في الجامعة" .. تتذكر محاورتنا، وفي وقت ما اختفى الاتصال، انقطعت الكهرباء وعليها الانتظار حتى يتم تشغيل المولد، حدث شائع في الواقع السوري ما بعد الحرب.

انتقل الزوجان الشابان من روسيا إلى سوريا عام 1993، ورزقا بطفلهما الأول؛ وحصل رب الأسرة على وظيفة تقني في مصنع محلي، الشابة نفسها، وبدون إضاعة الوقت، بدأت خياطة الملابس في المنزل حسب الطلب بعد شراء آلتي خياطة، عاشت الأسرة قرابة تسع سنوات في قرية زوجها، ثم قرابة اثني عشر عاما في مدينة إدلب، وفي ذروة الحرب عادت العائلة إلى المحافظة حيث بدت أكثر أمانا.

وفي بداية عام 2000، انتقل رب الأسرة للعمل في المصنع الذي تم افتتاحه حديثا، حيث تم استثمار أموال كبيرة، وشراء معدات باهظة الثمن باستخدام أحدث التقنيات.

وأضافت محاورتنا لقد "غادرنا إلى القرية لأن المصنع دمر، وتم نهب جميع المعدات وبيعها في تركيا. احتاجوا إلى سلاح واشتروه من العائدات. لقد توصلوا عمليا إلى اتفاق وأعطتهم تركيا أسلحة، واستبدلوا جميع المعدات. وهذا ينطبق أيضا على النظام الكهربائي، حيث تم تفكيك محطات الطاقة ونقلها إلى تركيا".

رياح التغيير المقلق

تم تشغيل مصنع كبير، حيث انتقل رب الأسرة إلى العم ، بالفعل في عهد الرئيس بشار الأسد. وبحسب محاورتنا، فقد تم تجهيز المؤسسة بمعدات باهظة الثمن تم شراؤها في البندقية، وتم تعديل العمل من قبل متخصصين ألمان، واشترت بلجيكا خيوطًا منتجة في إدلب، والتي تم إنتاج الملابس الداخلية منها بالفعل في أوروبا للسوق الألمانية، مشيرة إلى انه غالبًا ما سافر زوجها إلى إيطاليا في رحلات عمل وشارك في تطوير الإنتاج كجزء من واجبات وظيفته.

وأشارت إلى أنه "عندما وصلنا إلى سوريا لأول مرة، كان كل شيء مختلفا. الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، لم يسمح بارتداء ملابس مغلقة للغاية... ثم مع مرور الوقت، من عام 2000، تغيرت الحياة تدريجياً.. بدأ الكثير من الناس من هنا في السفر إلى المملكة العربية السعودية، وجلبوا الحجاب من هناك، وفي نفس الوقت أصبحت العبايات السوداء شيئا مألوفا".

وأوضحت" في إدلب لم يبق أحد من ممثلي الطوائف المسيحية والأقليات الأخرى؛ حيث شنت عناصر متطرفة من مختلف العصابات حملة واسعة النطاق لـ "تطهير" إدلب. فعلوا ما فشل عناصر "الجماعات" الراديكالية في حماة وإدلب في القيام به مطلع الثمانينيات؛ عندما قُمعت بالقوة محاولة الانقلاب التي نظمتها جماعة الإخوان المسلمين.

وتابعت: "إذا كنت تلتزم بدينهم وقوانينهم، فيمكنك أن تعيش بهدوء على الأقل. وكنا نعيش والجميع مسلمين ومسيحين، والأكثرية كانت سنية؛ وكانت النساء ترتدي ما تشاء، ثم بدأ من سعى لتغيير الحياة الاجتماعية، ببطء في إدخال قواعده الخاصة. حتى الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام مثلنا بدوا مرتابين ".

وقالت: "حقيقة أن خروجي مع أطفالي قد يؤثر سلبا على زوجي؛ حيث أنه لا يزال يعمل هناك. لم يستطع المغادرة معنا. يرسل لنا الأموال المكتسبة حتى نعيش؛ وقد وفر لنا فرصة المغادرة. وغادرنا بشكل غير قانوني (من وجهة نظر الأوامر الإرهابية)".

وأشارت إلى أنها بقيت وأولادها دون أوراق ثبوتية، وتعمل على تجهيز الوثائق الخاصة.

حقائق جديدة في إدلب

وقالت المرأة إن جميع المقاتلين في إدلب حالياً تحت قيادة الأتراك، وهناك أموال تركية فقط، ولا يوجد مسلحون في المفهوم القديم، ويطلقون على أنفسهم الشرطة. الأتراك يطبقون قواعدهم الخاصة، وقد تم توفير وظائف للكثير من الناس... ظهر الكثير من الأشخاص من "منظمات" مختلفة - هؤلاء الأشخاص يتمتعون بحصانة حتى بالنسبة لـ "جبهة النصرة" ( الإرهابية المحظورة في روسيا)

وأوضحت أن الأموال تخصص لسكان إدلب من خلال المنظمات الأوروبية، إحداها تسمى "غولد"؛ إنهم يقدمون الأموال للأشخاص الذين فقدوا أفراد عائلاتهم - المعيلة.. للطفل: 100 دولار، بالإضافة إلى مساعدات إنسانية متنوعة. يعيش الكثير ببساطة على هذه المساعدة. ويدرسون في مدارس تابعة لمنظمات إنسانية بالمجان، وبمنهج تركي، لكنني لم أسمع أن الجميع يتحدث هنا التركية بشكل جيد ".

هذا واقع محافظة إدلب كغيرها من المحافظات السورية فقد فتكت الحرب مفاصل الاقتصاد ودمرت معظم القطاعات الإنتاجية، فضلا عن انعكاس ذلك على التجانس الاجتماعي.

أفكارك وتعليقاتك