النيابة العسكرية: الوجود العسكري الأميركي على الأراضي السورية ليس له مسمى سوى "الاحتلال"

النيابة العسكرية: الوجود العسكري الأميركي على الأراضي السورية ليس له مسمى سوى "الاحتلال"

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 27 كانون الثاني 2022ء) محمد معروف - اعتبرت سوريا الوجودَ العسكري الأميركي على أراضيها بعيدٌ كلَّ البعدِ عن أيِّ مُسوِّغٍ من مسوغاتِ استعمالِ القوةِ التي أقرَّها ميثاقُ الأممِ المتحدة".

وفي بيان للنيابة العامة العسكرية حول الوجود العسكري الأميركي غير المشروع على الأراضي السورية والجرائم والانتهاكات المرتبطة به ألقاه ممثل النيابة العسكرية السورية أمام ممثل منظمة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام الأجنبية والمحلية قال فيه إن "النيابة العامة العسكرية في الجمهورية العربية السورية أجرت مؤخراً من دراسةٍ لمختلفِ جوانبِ وتداعياتِ الاحتلالِ الأميركي لأجزاءٍ غاليةٍ من سوريا وبخاصةٍ القانونيةُ منها"​​​.

وأضاف البيان أنَّ "الوجودَ العسكريَّ الأميركي على الأراضي السورية بعيدٌ كلَّ البعدِ عن أيِّ مُسوِّغٍ من مسوغاتِ استعمالِ القوةِ التي أقرَّها ميثاقُ الأممِ المتحدة، وأنه لا يحمل بنظرِ القانونِ الدولي سوى مسمى واحدٍ هو مسمى "الاحتلال" الذي لم يكن يجب أن يحصل من دولةٍ عظمى يُفتَرَضُ أنها من الدول التي ترعى احترامَ مبادئِ هذا الميثاق؛ إذ أن الولايات المتحدة الأميركية ـ لم تحصل على موافقةِ حكومةِ الجمهوريةِ العربيةِ السوريةِ في هذا الوجود و مجلسَ الأمنِ الدولي لم يفوِّضها باتخاذِ مثلِ هذا الإجراء".

(تستمر)

وقال: "بكلِّ تأكيدٍ الولايات المتحدة ليستْ في حالةِ الدفاعِ المشروعِ عن النفسِ في مواجهةِ الدولةِ السورية. وبالتالي فإنها تخرِقُ صراحةً نصَّ الفقرةِ الرابعةِ من المادةِ الثانيةِ من ميثاقِ الأممِ المتحدة".

واضاف ان " قرارُ الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ رقمُ 3314 لعام 1974 يصف سلوك الولايات المتحدة تجاهَ الجمهوريةِ العربيةِ السوريةِ بالعدوانِ العسكري".

وقال ممثل النيابة العسكرية السورية إن " البيانِ اليومَ يهدف لعَرْضِ جوانبَ قانونيةٍ أخرى توصَّلَ إليها تقييم النيابة القانونيُّ لمجرياتِ هذا الاحتلالِ من حيث رعايةُ الاحتلالِ الأميركي للمشروعِ الانفصالي على الأراضي السورية، فمنذُ احتلالِها لأجزاءٍ واسعةٍ من الأراضي السوريةِ شرقَ نهرِ الفراتِ تحتَ غطاءِ ما سُمِّي بالتحالفِ الدولي لمحاربةِ الإرهاب، عمدت القواتُ الأميركيةُ إلى محاولةِ تمكينِ النزعةِ الانفصاليةِ للميليشياتِ المعروفةِ اختصاراً بـ " قسد" وزودتها بالعتادِ والسلاح، ووفرتْ لها التدريبَ في معسكراتِها والغطاءَ الجويَّ لعم�

�ياتِها، وأجبرتْ باقي السكانِ المدنيينَ من الرافضينَ لها على الخدمةِ الإجباريةِ في صفوفها، كما أمّنتْ لها السطوَ على ثرواتِ المنطقةِ من نفطٍ وقمحٍ ومحاصيلَ زراعيةٍ، وفتحتْ لها المعابرَ غيرَ الشرعيةِ لنقلها عبر الحدود، ومكَّنتها من إنشاءِ كياناتٍ سياسيةٍ كبديلٍ لمؤسساتِ الدولةِ السوريةِ صاحبةِ السيادةِ الشرعيةِ والقانونيةِ المعترفِ بها دولياً على كاملِ أراضي الجمهوريةِ العربيةِ السورية".

وأضاف إن " بمثل هذا السلوكِ تكونُ الإدارةُ الأميركيةُ قد أسقطتْ من حساباتِها تماماً أي اعتبارٍ لكونِ تسخيرِها لمثل هذا المشروعِ الانفصاليِّ الهادفِ إلى ترسيخِ احتلالِها لأجزاءٍ من الأراضي السوريةِ إنما يُعدُّ انتهاكاً جسيماً لسيادةِ الدولةِ السوريةِ ووحدةِ أراضيها من جهة، وعدواناً مباشراً على إرادةِ الشعبِ السوريِّ بكلِّ مكوناتِه التي رفضتْ وترفضُ مثلَ هذا المشروعِ من جهةٍ أخرى".

وأورد البيان أبرزَ الحججِ القانونيةِ التي تؤكدُ حصولَ الانتهاكِ الفاضح والذي تمثل بدعمَ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ للمشروعِ الانفصاليِّ شمالَ شرقَ سوريا، والمشاركةَ مباشرةً في ترسيخِ دعائمِه، والذي يعني تمكينَ قلةٍ من السوريينَ من تحديدِ مستقبلِ البلادِ من جانبٍ واحدٍ بعيداً عن الأصولِ الدستوريةِ والقانونيةِ المعروفةِ حولَ العالم، وهو سلوكٌ يهدرُ الحقوقَ المدنيةَ والسياسيةَ لغالبيةِ مواطني الجمهوريةِ العربيةِ السوريةِ التي يضمنُها لهم القانونُ الدوليُّ لحقوقِ الإنسانِ من خلال العهدِ الدوليِّ للحقوقِ المدنيةِ والسياسيةِ الص

ادرِ في العام 1966 الذي جاءَ في الفقرةِ الأولى من المادةِ الخامسةِ منه أنه: "ليس في هذه الاتفاقيةِ ما يمكنُ تفسيرُه بأنه يجيزُ لأيةِ دولةٍ أو جماعةٍ أو شخصٍ أيَّ حقٍّ في الاشتراكِ بأيِّ نشاطٍ أو القيامِ بأيِّ عملٍ يستهدفُ القضاءَ على أيٍّ من الحقوقِ والحرياتِ المقرَّرةِ في هذهِ الاتفاقية".

وقال ممثل النيابة أن " السياسةُ التي تتَّبِعُها الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ في الأراضي التي تحتلُّها شمالَ شرقَ سوريا تنتهك بشكلٍ فاضحٍ القرارين الصادرين عن الجمعيةِ العامةِ للأممِ المتحدةِ برقمِ 1514 لعام 1960 و 2625 لعام 1970 إذ يؤكدُ نصُّ الفقرةِ السادسةِ من القرارِ 1514 أنَّ أيَّ محاولةٍ تستهدفُ التمزيقَ الجزئيَّ أو الكليَّ للوحدةِ الوطنيةِ ووحدةِ إقليمِ البلادِ تتعارضُ وأهدافَ ومبادئَ ميثاقِ الأممِ المتحدة، وكذلكَ يؤكدُ القرارُ 2625 أنه:" لا شيء... يمكنُ ترجمتُه باعتبارِه مخولاً أو محفزاً على الإتيان بأيِّ فعلٍ من شأنِه أنْ يمزِّقَ أو يُصد�

�ِعَ جزئياً أو كلياً وحدةَ الإقليمِ والوحدةَ السياسيةَ والسياديةَ لدولٍ مستقلةٍ تُراعي التزاماتِها بمبدأ الحقوقِ المتساويةِ ومبدأ تقريرِ المصير، وتمتلكُ حكومةً تمثِّلُ الشعبَ المنتمي إلى إقليمِها دونَ تمييزٍ لعِرقٍ أو عقيدةٍ أو لون".

وأضاف إن "ما تقومُ به الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ على الأراضي السوريةِ شمالَ شرقَ البلادِ من تغييرٍ في بنيةِ مؤسساتِ الحكمِ وتنصيبِ سلطاتِ أمرٍ واقعٍ فيها ما هو سوى تهميشٍ لغالبيةِ السكانِ المدنيينَ هناك تقومُ به الولاياتُ المتحدةُ من موقعِها كقوةِ احتلال، وهو انتهاكٌ صريحٌ لنصِّ المادة / 47/ من اتفاقيةِ جنيفَ الرابعةِ لعام 1949 التي تحظّرُ على قوةِ الاحتلالِ حرمانَ المدنيينَ الموجودينَ في الأرضِ المحتلةِ من حقوقِهم التي تكفلُها لهم الاتفاقيةُ بسببِ تغييرٍ يطرأُ على المؤسساتِ فيها أو بسببِ أيِّ اتفاقٍ يُعقَدُ بين دولةِ الاحتلالِ وسلطا

تٍ قائمةٍ في تلكَ الأراضي".

ممثل النيابة قال إن " رعايةُ الاحتلالِ الأميركي لتنظيم "داعش" الإرهابي (المحظور في روسيا ودول أخرى) رغمَ تَسَتُّرِ الولاياتِ المتحدةِ الأميركيةِ بدعاياتِ مكافحةِ الإرهابِ في سوريا وزعمِها أنها تعملُ تحتَ رايةِ تحالفٍ دوليٍّ لهذهِ الغاية، ورغمَ محاولاتِها الحثيثةِ للتعتيمِ على علاقتِها الملتبِسةِ بتنظيمِ "داعشَ" الإرهابي، إلا أنَّ الوقائعَ على الأرضِ أضحتْ تفضحُ وجودَ هذه العلاقةِ فعلاً، وباتت النيابةُ العامةُ العسكريةُ في الجمهوريةِ العربيةِ السوريةِ تملكُ من الأدلةِ الماديةِ والقرائنِ المباشرةِ الدامغةِ ما يكفيها للإعلانِ أنَّ ال

ولاياتِ المتحدةَ الأميركيةَ أصبحت تتولَّى سيطرةً شبهَ مباشرةٍ على جانبٍ كبيرٍ من تحركاتِ هذا التنظيمِ ونشاطاتِه الإرهابيةِ على الأراضي السوريةِ انطلاقاً من قاعدتِها غيرِ الشرعيةِ في منطقة التنف الواقعةِ على المثلثِ الحدوديِّ السوريِّ الأردنيِّ العراقي، حيثُ ثَبُتَ لدينا بالأدلةِ الدامغةِ أنَّ الكثيرينَ من عناصرِ هذا التنظيمِ الإرهابيِّ يتلقونَ تدريباتِهم على أيدي مدربينَ عسكريينَ أميركيينَ في تلك القاعدة، كما تمَّ رصدُ عناصرِ هذا التنظيمِ بالعينِ المجردةِ يتحركونَ داخلَ تلكَ القاعدةِ وفي محيطها بعتادِهم ومركباتِهم بكاملِ الحر�

�ة، وثبتَ لدينا أيضاً قيامُ أولئكَ الإرهابيينَ بشنِّ العديدِ من هجماتِهم في الباديةِ السوريةِ بإسنادٍ من القواتِ الأميركيةِ وآخرَها كان الهجومُ الإرهابيُّ الذي تعرضتْ له حافلةُ مبيتٍ لعسكريينَ من الجيشِ العربيِّ السوريِّ كانت تمرُّ على أحدِ الطرقاتِ في الباديةِ السوريةِ بتاريخ 3 كانون الثاني 2022 وثبتَ أن الإرهابيينَ قد تحركوا لتنفيذهِ انطلاقاً من قاعدةِ الاحتلالِ الأمريكيِّ في منطقةِ التنف".

وقال إن " ما يقومُ به الاحتلالُ الأمريكيُّ من إدارةٍ لصراعِ المتناقضاتِ على الأرض، والذي تجسَّدَ جلياً في الأحداثِ التي شهدتها مؤخراً محافظةُ الحسكة بدءاً من التغاضي الأميركيِّ المتعمَّدِ عن تحركاتِ إرهابيي "داعش" قبل هجومِهم على أحدِ السجونِ الذي يضم عدداً من متزعميهم تحت إدارةِ ميليشيا "قسد"، لتقومَ قواتُ الاحتلالِ الأميركيِّ بعد ذلكَ بشنِّ هجماتٍ جويةٍ منسّقةٍ دمّرتْ من خلالها عدداً كبيراً من مباني المرافقِ الحيويةِ التي كانت الحكومةُ السوريةُ تقدمُ من خلالِها خدماتِها للمدنيينَ هناك، دافعةً إياهُم للنزوحِ من أحيائِهم فيما يبدو أن

ه تنفيذٌ لمشروعٍ مُخططٍ مسبقاً يهدف لإبقاءِ المنطقةِ بؤرةً مشتعلةً تحتَ رحمةِ قواتِ الاحتلالِ الأميركيِّ لأطولِ وقتٍ ممكن".

وأضاف أنَّ "النيابةَ العامةَ العسكريةَ في الجمهوريةِ العربيةِ السورية، وبوصفها جزءاً أصيلاً من منظومةِ العدالةِ الجزائيةِ في هذا البلد قامتْ وتقومُ بتوثيقِ كلِّ ما تتوصلُ إليه تحقيقاتُها وكذلكَ تحقيقاتُ وتحرياتُ مختلفِ أجهزةِ الضابطةِ العدليةِ ونتائجُ عملياتِ الاستطلاعِ المنفذةِ من قِبَلِ باقي أجهزةِ القواتِ المسلحةِ السوريةِ حولَ الانتهاكاتِ التي ترتكبُها قواتُ الاحتلالِ الأميركيِّ في الجمهوريةِ العربيةِ السوريةِ وحجمِ الأضرارِ والضحايا الناجمةِ عنها، مع التأكيدِ على أنَّ ما تقومُ به الولاياتُ المتحدةُ الأميركيةُ من تهديدِها

لسيادةِ الدولةِ السوريةِ وسعيها لتمزيقِ وحدةِ أراضيها، وسرقتِها المكشوفةِ والموصوفةِ لنفطِ السوريينَ وقمحِهم ومحاصيلِهم الاستراتيجية، مع الإمعانِ بالمقابلِ في التضييقِ عليهم من خلال إجراءاتِها الاقتصاديةِ القسريةِ غير المشروعةِ التي تطالُ لقمةَ عيشِهم وأسبابَ حياتِهم، إلى جانبِ ثبوتِ سيطرتِها الملموسةِ على جوانبَ من نشاطِ تنظيمٍ إرهابيٍّ كـ"داعش" على أراضي دولةٍ ذاتِ سيادةٍ عضوٍ في الأممِ المتحدة سيُتيحُ في المستقبلِ القريبِ توجيهَ اتهاماتٍ مُثبتةٍ ضدَّ القائمينَ على مثلِ هذهِ الانتهاكاتِ في الإدارةِ الأميركيةِ وضدَّ القائمين�

� عليها كذلكَ في صفوفِ قواتِ الاحتلالِ الأمريكيِّ على الأرض".

وقال إن "قانونَ العقوباتِ السوريَّ الصادرَ بالمرسومِ التشريعيِّ رقمِ /148/ لعام 1949 قد نصَّ في المادة /292/ منه على أن مَنْ حاولَ أنْ يسلخَ عن سيادةِ الدولةِ جزءاً من الأرضِ السوريةِ عُوقِبَ بالاعتقالِ المؤقت وتكونُ العقوبةُ الاعتقالَ المؤبدَ إذا لجأَ الفاعلُ إلى العنف".كما نصَّ في المادةِ /19/ منه على أن يُطبَّقُ القانونُ السوريُّ على كلِّ سوريٍّ أو أجنبيٍّ فاعلاً كانَ أو محرضاً أو متدخلاً أقدمَ خارجَ الأرضِ السوريةِ على ارتكابِ جنايةٍ أو جنحةٍ مخلّة بأمن الدولة...".

وهذهِ النصوصُ إلى جانبِ باقي نصوصِ قانونِ العقوباتِ السوريِّ وكذلكَ القواعدِ القانونيةِ الدوليةِ التعاهديةِ والعرفيةِ ذاتِ الصلة، وعلى رأسِها اتفاقياتُ جنيف لعام 1949 و البروتوكولُ الأولُ الملحقُ بها لعام 1977 ستفسحُ المجالَ واسعاً أمامَ الملاحقاتِ القضائيةِ لكلِّ أولئكَ الذين تورطوا فيما يقوم به الاحتلالُ الأميركيُّ على الأراضي السوريةِ سواءٌ أكانوا من السوريينَ أم الأجانب، وهذه الملاحقاتُ القضائيةُ لن تقتصرَ بالطبع على الشقِّ الجزائيِّ منها بل ستشملُ أيضاً المطالبةَ بحقوقِ الضحايا بالتعويضِ أمامَ المراجعِ القضائيةِ الوطنيةِ والد�

�ليةِ ذات الاختصاص".

وقال إن "السوريينَ يملكونَ كلَّ الأحقيةِ في الدفاعِ عن وطنِهم في مواجهةِ هذا الاحتلالِ وكلِّ مَنْ لفَّ لفَّهُ بالسُبلِ كافةً حتى تحريرِ كل شبرٍ من أرضِ سوريا".

أفكارك وتعليقاتك