الإمارات .. مبادرات وكيانات مؤسسية فاعلة لتأصيل قيم التسامح والتعايش

الإمارات .. مبادرات وكيانات مؤسسية فاعلة لتأصيل قيم التسامح والتعايش

أبوظبي ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 30 كانون الثاني 2019ء) تشكل قيم التسامح و نبذ التطرف و تعزيز قيم السلام و التعايش شعارا اتخذته دولة الإمارات العربية المتحدة بغية ترسيخ هذه المبادئ محليا والترويج لها دوليا.

وتعمل الدولة على تحويل قيمة التسامح إلى عمل مؤسسي مستدام من خلال إطلاق حزمة من المبادرات والبرامج والمشاريع لتعزيز تلك القيم وتجسيدها والعمل على استدامتها على أرض الواقع .

و يأتي اعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" اختيار عام 2019 عاما للتسامح في إطار التوجه الرسمي للدولة لتعزيز هذه القيم النبيلة التي رسخها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان منذ تأسيس دولة الاتحاد وتجسدت من خلال الإرث الطيب الذي سيبقى نهجا تستنير به الأجيال الحالية والقادمة.

(تستمر)

و يعكس الاهتمام الرسمي للدولة بإنشاء المؤسسات المعنية بالتسامح و إطلاق الجوائز الهادفة إلى دعم قيم التسامح واستضافة المؤتمرات والندوات المعنية بهذه القضايا الحرص على العمل المؤسسي المستدام والبدء بشكل فعلي في تجسيد رؤيتها الرسمية التي تتمحور حول التعايش وتأكيد أهمية الحوار بين الأديان لتحقيق السلم والاستقرار الدولي.

و تركز دولة الإمارات على افتتاح المؤسسات المعنية بالتسامح و الانفتاح على الآخر و حوار الأديان ما يؤكد الحرص على الترويج لقيم الاعتدال والوسطية بهدف ممارسة دور إقليمي و عالمي يمكنها من تحقيق شراكة مع المنظمات الدولية للمساهمة في إنجاز هذا المشروع العالمي من جهة و الترويج لسياسة الدولة من جهة آخرى.

و تتمتع دولة الإمارات ببيئة تشريعية قانونية تتمكن من خلالها من مأسسة قيم التسامح والسلام و تجذيرها و نبذ التطرف العنف و تعمل على وقاية المجتمع من التعصب والتطرف و تسهم في نشر قيمها للتسامح والتعايش الإنساني لاسيما أنها تحتضن مئات الآلاف من الجنسيات المختلفة الأعراق و الديانات المتنوعة.

و في هذا السياق أصدرت الدولة جملة من القوانين والتشريعات المعنية بنشر قيم التعايش وتقبل الآخر فيما تم وضع ضوابط تؤسس لهذا النهج بهدف إعلاء قيم التسامح ونبذ الكراهية.. كما استحدثت الدولة وزارة للتسامح لتعضيد هذه القيم مجتمعيا وقانونيا، وإطلاق البرنامج الوطني للتسامح، وأسست عددا من المراكز المعنية بمكافحة التطرف والتشدد الأصولي.

وعلاوة على ذلك تعد دولة الإمارات العربية المتحدة من بين الدول التي تدعم الخطاب الديني المعتدل وقامت في سبيل ذلك برعاية مجلس حكماء المسلمين الذي يهدف إلى معالجة جذور الطائفية إلى جانب التشجيع على الانفتاح على الآخر.

وأصدرت الدولة قوانين وتشريعات متعلقة بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ومنها القانون الاتحادي رقم /1/ لعام 2004 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية.

و على الصعيد القانوني والتشريعي صدر في عام 2014 القانون الاتحادي رقم /7/ بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية والذي يتبنى رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب ويهدف إلى حماية حقوق الأفراد وسلامتهم وتحقيق الاستقرار والتعايش السلمي في المجتمع وتضمن عقوبات مشددة على الأفعال والجنايات التي ترتكب لغرض إرهابي.

كما أصدرت الدولة في عام 2015، قانونا اتحاديا بشأن مكافحة التمييز والكراهية والأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة كل أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير.

و يحظر القانون التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهبية أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني، ويتعرض كل من ارتكب فعلا من الأفعال المنصوص عليها في القانون لعقوبات تشمل الغرامة والسجن أو إحداهما .

و مثلت حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية جزءا مهما من توجه الدولة لتحقيق التسامح ونبذ العنف لاسيما وأن الإمارات يعيش على أراضيها من المقيمين أكثر من 200جنسية يعتنقون أديانا و مذاهب وينتمون لطوائف مختلفة ما استدعى وضع قوانين وضوابط وآليات ناظمة لتلك العلاقة.

وحققت الدولة تقدما معتبرا على المستويين الإقليمي والعالمي في مجال التعايش السلمي، فقد حصلت على المركز الأول إقليميا، والثالث عالميا في مؤشر التسامح المدرج ضمن منهجية التقرير السنوي العالمي لعام 2016 والصادر عن معهد التنمية الإدارية في سويسرا.

و في هذا الإطار كثفت الدولة جهودها لدعم قيم التسامح و تجسيده عل أرض الواقع من خلال إنشاء وزارة للتسامح الأمر الذي يعكس جهود الدولة لتجذير ثقافة التسامح في مجتمع تعددي و منفتح مثل المجتمع الإماراتي.

وجاء إعلان تأسيس وزارة مختصة بالتسامح خلال التعديل الوزاري الذي تم في فبراير 2016 وتم حينها تعيين معالي الشيخة لبنى القاسمي وزيرة للتسامح ثم أسندت الوزارة إلى معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح في أكتوبر 2017، وتم إطلاق البرنامج الوطني للتسامح .

و يأتي الإعلان في سياق إطلاق الدولة حزمة من المبادرات والمشروعات التي تؤسس لقاعدة أساسية تنطلق من ضرورة تدعيم مبادئ التعايش السلمي واحترام الآخر، وصياغة رؤية وطنية مختلفة.

وتعد قضية تجديد الخطاب الديني في العالم الإسلامي من أبرز القضايا التي ركز عليها العلماء والمفكرون والباحثون خلال السنوات القليلة الماضية، نظرا لما تمثله من مضمون فكري وديني واجتماعي يؤثر في مختلف شرائح المجتمع في ظل التحولات والمتغيرات الإقليمية والعالمية، وتزايد أعداد الجماعات الإرهابية المتطرفة والتي توظف الخطاب الديني التقليدي وتستمد معطياتها الفكرية في تبرير استخدام العنف والقتل.

وفي هذا المجال تبذل دولة الإمارات جهودا كمبيرة لبلورة هذا الخطاب من منطلق الإشكاليات المعاصرة حيث تحتاج إلى إيجاد صيغة حلول تتوافق مع هذه التحديات الراهنة التي تتسم بالتعقيد وإلى جانب السعي لإعمال الفكر والاجتهاد .

و اتجهت الدولة إلى مأسسة عملية تجديد الخطاب الديني عبر إنشاء مؤسسة حاضنة لجهود التجديد والتطوير وتشرف على العديد من المشروعات والبرامج الثقافية في هذا الجانب فقد أسست مركز "الموطأ" عام 2016 للنهوض بمهمة تجديد الخطاب الإسلامي والارتقاء بالشخصية العربية والإسلامية، بهدف تأصيل وتصحيح المفاهيم والمصطلحات وتصويب مآلات الفقه وفق أسس علمية شرعية تحاكي روح المقاصد، وحكم الشريعة في تعزيز السلم ونشر ثقافة التسامح والحوار والانفتاح على الآخر.

كما تم إطلاق برنامج إعداد العلماء الإماراتيين ومدته 3 سنوات بهدف ترسيخ اختيارات المجتمع الإماراتي عقديا ومذهبيا، واعداد مجموعة من الشباب تحمل معرفة دينية صحيحة وفاعلة في إطار ثوابت الإسلام ومقاصده، وتقوية منهاج البحث العلمي الشرعي والفكري والإنساني وتعزيز جهود الدولة ودورها في نشر قيم التسامح والسلم.

وعلى صعيد البرامج والمبادرات التي تعزز قيم التسامح والتعددية الثقافية اعتمد مجلس الوزراء في عام 2016 البرنامج الوطني للتسامح لترسيخ قيم التسامح والتعددية الثقافية وقبول الآخر، ونبذ التمييز والكراهية والتعصب فكرا وتعليما وسلوكا.

ويرتكز البرنامج على سبعة أركان رئيسية هي الإسلام، والدستور الإماراتي، وإرث زايد والأخلاق الإماراتية، والمواثيق الدولية، والآثار والتاريخ، والفطرة الإنسانية، والقيم المشتركة.

فيما تم افتتاح المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف /هداية/ في ديسمبر 2012 في أبوظبي، ويعد أول مؤسسة بحثية تطبيقية لمكافحة التطرف العنيف بأشكاله ومظاهره كافة من خلال التدريب والحوار والبحوث.

و ينهض المركز الذي عقد شراكات عدة مع عدد من المراكز منها مركز جنيف للسياسات الأمنية، ومركز جاكرتا للتعاون في إنفاذ القانون، وأكاديمية جامب سبورت في أبوظبي، ومركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا على الدبلوماسية الرياضية والثقافية ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية ونبذ الراديكالية في السجون ودعم ضحايا الإرهاب.

و حول دور المركز في تعزيز قيم التسامح ومكافحة التطرف العنيف قال الدكتور مقصود كروز المدير التنفيذي للمركز في تصريح لوكالة أنباء الامارات / وام / إن المركز يدعم بالتعاون مع شركائه الاستراتيجيين الدوليين ووزارة التسامح البرنامج الوطني للتسامح إلى جانبه سعيه لتعزيز رسالته التي تتمحور حول مكافحة التطرف العنيف ..مؤكدا أهمية دور وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الذي اعتبرها منصة مهمة لنشر رسائل التسامح والسلام والتعايش ..مشيدا بدور القيادة الرشيدة ورؤيتها لتعزيز الحوار الحضاري بين الشعوب والثقافات.

و لفت الدكتور مقصود الى أن المركز بصدد تنظيم المؤتمر الدولي لمكافحة التطرف العنيف خلال هذا العام الذي يتمحور حول التسامح وقال : " يمكننا من خلاله التأكيد على أهمية الدراسات والبحوث في هذا الاطار" .

وحول عام التسامح قال الدكتور كروز إن اطلاق دولة الإمارات هذه المبادرة يجسد رؤيتها وقدرتها على تحقيق الجانب النظري الذي يتعلق بالتسامح ليكون ممارسة عالمية ونحن نرى أن زيارة قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف تجسيد عملي للتسامح وترجمته واقعا عمليا يرسخ للتعايش السلمي وحوار الثقافات والحضارات ويؤكد أن أبوظبي عاصمة للتسامح.

من جانبه اعتبر معالي الدكتور أحمد بن محمد الجروان رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام إطلاق عام 2019 عاما للتسامح يأتي في اطار جهود الدولة الرامية الى تعزيز مبادئ التسامح والسلام ..مؤكدا أن هذه المبادرة تأتي امتدادا لعام زايد 2018 والذي منح الفرصة للمواطنين والمقيمين للتعبير عن حبهم للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" كما أن هذه المبادرة تبعث رسالة للمجتمع الدولي أن دولة الامارات دولة التسامح والسلام.

وأكد الجروان في تصريح لـ / وام / أن دولة الامارات حريصة على ترسيخ قيم التسامح والسلام .. وقال : " لا سبيل لنا إلا إنتهاج هذا النهج إذا أردنا أن ننشر التسامح والسلام مع وجود منصة دولية لنشر هذه المبادئ" ..لافتا إلى أن الإمارات الدولة الأولى في العالم التي أسست وزارة للتسامح.

و حول مبادرات المجلس العالمي للتسامح والسلام خلال عام التسامح قال معاليه : "يعتبر المجلس مظلة دولية لقيم التسامح والسلام ويقف على مرتكزين هما البرلمان الدولي للتسامح والسلام والجمعية العمومية للتسامح والسلام ولدينا حاليا خريطة طريق للتنسيق والتعاون مع وزارة التسامح والمجلس الوطني الاتحادي لعقد جلسة من جلسات البرلمان الدولي للتسامح والسلام في دولة الامارات خلال مارس القادم".

ورحب الجروان بالزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس لدولة الامارات واعتبرها رسالة للعالم بأن دولة الامارات دولة تسامح وسلام وتعكس كذلك صورة شعب دولة الامارات الإيجابية على صعيد ترسيخ التعايش والسلام.

وعلى صعيد التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب أطلقت دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية في يوليو 2015 "مركز صواب" وهو مبادرة تفاعلية لتسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة.

ومن بين المؤسسات المهمة التي تبنتها دولة الإمارات مجلس حكماء المسلمين الذي تأسس عام 2014 ويعد أول كيان مؤسسي يهدف إلى توحيد الجهود في لم شمل الأمة الإسلامية، ويتخذ من أبوظبي مقرا له ..وهو "هيئة دولية مستقلة تضم عددا من كبار علماء المسلمين حول العالم ممن يوصفون بالوسطية، يرأسها فضيلة الامام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف ويهدف إلى تحقيق السلم والتعايش في العالم الإسلامي، ومحاربة الطائفية".

و تستضيف أبوظبي منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي يهدف إلى نشر ثقافة السلام وتعزيز الجهود الرامية لمواجهة العنف والتطرف والإرهاب وكافة الاعمال التي تخالف القيم الإنسانية ومبادئ الدين الإسلامي السمحة للتصدي لمخاطر العنف الطائفي التي تسود العديد من المجتمعات العربية والمسلمة.

أما جائزة محمد بن راشد للتسامح فقد تم الإعلان عن تأسيسها في أكتوبر 2016 كمبادرة عالمية للتسامح تشمل تكريم رموز التسامح العالمي في مجالات الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية والسعي إلى بناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح وتدعم الإنتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية المتعلقة بترسيخ التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي.

وتهدف الجائزة إلى غرس بذور التسامح في المجتمعات العربية عبر تخصيص برامج تركز على صناعة قيادة شبابية متسمة بأعلى درجات المسؤولية والمعرفة والشعور بالانتماء الوطني .

و ستقوم الجائزة بإدراج مشاريع الشباب، إضافة إلى توفيرها في مجال الإعلام الجديد، فرصة الدعم الإنتاجي الاحترافي والتواصل المباشر مع أفضل الخبرات، لتمكين الشباب العربي من نشر إبداعهم، بما يتسق مع رسالة التسامح والقدرة على جذب أكبر عدد من المشاهدات في وسائل التواصل الاجتماعي.

ويهدف قرار تأسيس المعهد الدولي للتسامح في21 يونيو 2017 إلى بث روح التسامح في المجتمع، وبناء مجتمع متلاحم، وتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها نموذجا للدولة المتسامحة النابذة للتطرف، وكل مظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو اللون أو اللغة.

أفكارك وتعليقاتك