الجناح السوفياتي في معرض القاهرة للكتاب .. حضور قوي دام عقود تسعى روسيا لاستعادته

(@FahadShabbir)

الجناح السوفياتي في معرض القاهرة للكتاب .. حضور قوي دام عقود تسعى روسيا لاستعادته

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 04 فبراير 2019ء) مصطفى بسيوني. احتفلت مصر هذا العام باليوبيل الذهبي لمعرض كتابها الذي انتقل إلى صالات العرض الجديد في أطراف المدينة، وهو معرض لطالما استضاف دولا كبرى، كضيف شرف أو ضمن مشاركة نشيطة في فعاليات المعرض.

واعتبر الجناح السوفيتي في معرض القاهرة الدولي للكتاب أهم سمات المعرض على الإطلاق لعقود طويلة. وهو ما تسعى روسيا لاستعادته بالاستعداد لحضور قوي في المعرض العام المقبل.

وبحسب رئيس المركز الثقافي الروسي في القاهرة أليكسي تيفانيان، تستعد روسيا بحضور كبير في العام المقبل، وقال تيفانيان في تصريح لوكالة "سبوتنيك" "للأسف لا يوجد جناح روسي هذا العام في المعرض، ولكن سيكون هناك جناح كبير جدا في معرض 2020".

واحتل الجناح الروسي في معرض الكتاب مكانة خاصة تاريخيا حتى انهيار الاتحاد السوفيتي مطلع التسعينات، واستمر سنوات تالية مقصدا رئيسيا لرواد المعرض.

(تستمر)

شكل الجناح الروسي أهم ملامح معرض القاهرة الدولي للكتاب بما قدمه من خدمة ثقافية مميزة، وتوفيره الكتب في مناحي الثقافة المتنوعة بأسعار اعتبرت وقتها في متناول الشباب والطلبة، بحيث كان الهدف الأول لرواد المعرض في الساعات الأولى للافتتاح المعرض للفوز بمكتبة غنية وبأسعار معتدلة قبل نفاذها.

هذا ما يؤكده الناقد السينمائي عصام زكريا في حديثه لوكالة سبوتنيك، مستعيدا ذكرياته عن الجناح الروسي في المعرض قائلا "كنا ننتظره من العام للعام، وكنا نقصده في الصباح الباكر للحصول على كتب الأدب الروسي الكلاسيكي، قبل أن تنفذ، تعرف المثقف المصري على تولستوي وديستوفيسكي وماكسيم جوركي وعشرات الأدباء الروس عبر الجناح الروسي في المعرض، وكان الإقبال عليه غير عادي، وكانت الأرفف تخلو من الكتب في الأيام الأولى للمعرض".

ويضيف زكريا "الجناح الروسي في المعرض كان غنيا جدا، كانت هناك بالطبع الكتب الأيدولوجية، ماركس وأنجلز ولينين، وكانت لا تتوافر إلا في الجناح الروسي بالطبع. ولكن كانت هناك أيضا كتب الأدب والقصص الشعبية الروسية التي كانت تلقى إقبالا كبيرا، وكتب العلوم، وكانت أروع كتب الأطفال متوفرة في الجناح الروسي، وكتب الفن، وغيرها، ولكن كانت كتب الشطرنج لا تتوافر إر في الجناح الروسي، وكان عشاق فنون الشطرنج يتوجهون باكرا للجناح الروسي لاختطافها، ورغم الغياب الروسي عن المعرض، إلا أن الكتب التي ظهرت فيه منذ أكثر من ربع قرن، لا تزال تباع الآن في مكتبات سور الأ

زبكية وتجار الكتب المستعملة وتلقى نفس الإقبال الذي لاقته من قبل".

ويشير زكريا "ما كان يفتقده المثقفون طوال العام في الجناح الروسي كان يعوضه جزئيا ما يجدوه في مكتبة الشرق التي كانت تضم أيضا كتب دور نشر التقدم ومير ورادوغا الروسية. ولكن الوجود الثقافي الروسي لم يكن يقتصر على الكتب، فالمركز الثقافي الروسي كان النافذة التي تعرف عليها المثقفون في مصر على السينما الروسية وروائعها، بل كان من أهم المراكز الثقافية التي تقدم الثقافة السينمائية سواء الروسية أو حتى المصرية، فأذكر أن عروضا خاصة لأفلام مصرية كانت تقام في المركز بحضور كبار المخرجين مثل يوسف شاهين، وكانت تتيح النقاش مع المخرجين وصناع الأفلام".

ويؤكد زكريا "لا شك أن المثقف المصري استفاد بشدة من الجناح الروسي في معرض الكتاب، ومن مكتبة الشرق، ومن المركز الثقافي الروسي، كانت تقدم الخدمات الثقافية بأنواعها، سواء الكتاب أو الفيلم أو العروض الموسيقية والمسرحية وعروض الباليه، دون أعباء مالية، وكان الطلاب والشباب الذين لم يكن بمقدورهم تحمل تكلفة الكتب وعروض السينما والمسرح يستطيعون الحصول على تلك الخدمات".

مثلما كان حضور الجناح الروسي مؤثر في الثقافة المصرية، كان غيابه أيضا مؤثر، هذا ما يؤكده رئيس تحرير جريدة القاهرة الثقافية السابق، الكاتب سيد محمود ويقول لوكالة سبوتنيك "غياب الجناح الروسي عن معرض القاهرة للكتاب أثر كثيرا، فقد كان المصدر الرئيسي لتعرف القارئ المصري على الأدب الروسي. معلوماتنا عن الأدب الروسي متوقفة عند الخمسينات من القرن الماضي، والاستثناء من ذلك عندما ترتبط بعض الأعمال بالجوائز العالمية مثل نوبل للأدب. قبل غياب الجناح الروسي معرفة الجمهور المصري والعربي عموما بالأدب الروسي، وأصبح ذلك مرتبطا بمبادرات دور النشر الخاصة و

هي قليلة، بعكس الأدب الأوروبي مثلا".

ويضيف محمود "وجود الجناح الروسي في معرض الكتاب كان مناسبة بحد ذاته يضاف لمناسبة انعقاد المعرض، كان أهم الأجنحة للمثقفين المصريين خاصة الشباب، كانت به ترجمات ممتازة للأدب الروسي، وكانت مكتبته غنية في كل فروع الثقافة، وكان يستقطب كل رواد المعرض، وغيابه ترك أثرا واضحا".

الجناح الروسي بمعرض الكتاب الذي غاب هذا العام، اعتبرته أجيال متتالية من المثقفين المصريين مقصدها الأول إلى المعرض. وأصبحت دور نشر مير والتقدم ورادوغا أصدقاء للمثقف المصري، وكان المركز الثقافي الروسي في القاهرة ملتقى المثقفين في مصر، الذي التقى فيه شباب المثقفين بكبار الكتاب والمفكرين.

بالصواريخ العابرة للقارات والرؤوس النووية والقاذفات الاستراتيجية والغواصات وحاملات الطائرات، صنعت روسيا ترسانتها النووية التي أصبحت بها قوة عظمى، ولكن بدور النشر والسينما وفرقة البولشوي والمركز الثقافي شكلت ترسانتها الثقافية التي أصبحت بها أمة عظيمة.

أفكارك وتعليقاتك