حلول مبتكرة للحد من تداعيات التغير المناخي خلال قمة الحكومات

حلول مبتكرة للحد من  تداعيات التغير المناخي  خلال قمة الحكومات

دبي ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 10 فبراير 2019ء) أكد اجتماع مائدة مستديرة عقد على هامش القمة العالمية للحكومات 2019 في دبي ضرورة اعتماد حلول مبتكرة قابلة للتنفيذ على المدى القريب لخفض حدة تداعيات التغير المناخي والتكيف معها، لتقليل تأثيرها على صحة البشر والبيئة بشكل عام.

النقاشات رفيعة المستوى استضافتها وزارة التغير المناخي والبيئة بمشاركة نخبة من صناع القرار والخبراء العالميين بالمجتمع الدولي ضمن أعمال منتدى التغير المناخي المقام على هامش القمة العالمية للحكومات 2019 في دبي .

وطرح الاجتماع مجموعة من المعطيات التي تستدعي سرعة التحرك وتكثيف الجهود المبذولة عالميا، أهمها أن أعداد النازحين سنويا تزيد عن 23.5 مليون شخص بسبب الكوارث التي تخلفها تداعيات التغير المناخي، كما تصل تكلفة الرعاية الصحية للمتضررين من هذه التداعيات عالمياً 4 تريليونات دولار بما يعادل 7.

(تستمر)

1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في 2018.

وركز الحديث خلال الاجتماع على إبراز الآثار السلبية لتغير المناخ على الصحة العامة للبشر والبيئة بشكل عام لتحديد حلول مبتكرة لمواجهة هذا التغير والحد من تأثيراته على في المدى القريب، لطرحها خلال قمة الأمم المتحدة للمناخ المقرر عقدها سبتمبر المقبل لتحديد التزامات دولية تنفذها الدول كافة.

وأشار المشاركون في الاجتماع إلى أن عدد الظواهر المناخية ذات التأثيرات الكارثية ارتفع من 80 ظاهرة عالميا في 1970 إلى 400 ظاهرة في 2017، والتي بدورها تتسبب في تشريد ونزوح 23.5 مليون شخص سنوياً، كما تتسبب معدلات تلوث الهواء المرتفعة والمرتبطة بزيادة انبعاثات غازات الدفيئة في تسجيل 7 ملايين حالة وفاة سنوياً.

شارك في الاجتماع نخبة من كبار المسؤولين الدوليين في مجال البيئة والتغير المناخي وممثلي المنظمات الدولية المعنية بهذا المجال، وفي مقدمتهم معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة وماريا فرناندا إسبينوزا رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة وآخيم ستينر مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وعدنان أمين المدير العام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة وبان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة رئيس المعهد العالمي للنمو الأخضر ولوران فابيوس رئيس المجلس الدستوري وزير الخارجية الفرنسي السابق ولويس دي ألبا المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لمؤتمر قمة المناخ لعام 2019 وسعادة الدكتور حسين الرند الوكيل المساعد لوزارة الصحة ووقاية المجتمع بالدولة وجينا مكارثي مدرسة للصحة العامة بجامعة هارفرد والدكتورة ماريا نيرا مديرة الصحة العامة بمنظمة الصحة العالمية.

وخلال كلمته أمام المنتدى .. أكد معالي الدكتور الزيودي أن دولة الإمارات تولي العمل من أجل البيئة والمناخ إهتماماً كبيراً وفق إستراتيجيتها وخططها التنفيذية في هذا الشأن، على المستويين المحلي والعالمي .. مشيرا إلى أن الدولة تخصص 1% من إجمالي الدخل المحلي للمشاريع التي تتداخل مع قضايا الصحة والإغاثة والجهود الإنسانية المتعلقة بتداعيات تغير المناخ .

ولفت معاليه إلى انفتاح الدولة على العمل مع الشركاء من المنظمات الدولية لمواجهة التحديات التي تواجهها الإنسانية والناجمة عن التغير المناخي وأثر ذلك على صحة الإنسان.

وقال الزيودي : " إن دولة الإمارات وعيت لهذا التأثير مبكراً وتبذل جهوداً رائدة عالميا في العمل من أجل المناخ بشكل عام، وفي قضية العلاقة بين تغير المناخ والصحة العامة، وعبر وزارة التغير المناخي والبيئة وبالتنسيق مع الجهات الحكومية كافة في الدولة عملت على وضع خطة وطنية للتكيف مع هذا التغير تشمل آليات وتدابير تحقيق هذا التكيف على مستوى القطاعات الرئيسية كافة وفي مقدمتها القطاع الصحي" .

وأضاف: " أن الإمارات - بالإضافة إلى جهودها المحلية لتحقيق التكيف مع التغير المناخي وخفض حدة تداعياته - تعد شريكا رئيسا لدول نامية عدة حول العالم في جهودها لمعالجة آثار تضررها من تداعيات المناخ والتكيف معها ".

وأشار معاليه إلى أن منتدى تغير المناخ في دورته الحالية يعمل كخطوة تمهيديه لمناقشة العديد من الملفات ذات الصلة، والبحث في تحديد التزامات الحكومات والمؤسسات الدولية المعنية بالعمل من أجل المناخ استعداداً لقمة الأمم المتحدة للمناخ 2019 والتي ستعقد في نيويورك سبتمبر المقبل .. منوها إلى أن العاصمة الإماراتية أبوظبي تستضيف الاجتماع التحضيري لهذه القمة في يونيو المقبل.

وتنطوي معادلة المناخ والصحة على مجموعة من المخاطر، بدءاً من التأثيرات المباشرة للأعاصير والتصحّر، وصولاً إلى انتشار البعوض الحامل للأمراض نتيجة التغيرات المناخية، كما أن أكبر مصادر انبعاثات لغازات الدفيئة تعتبر أيضاً المصادر الأكبر لتلوث الهواء الذي يتسبب بوفاة 4 ملايين شخص سنوياً.

ومن جانبه عبّر بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة عن تقديره للجهود التي تقوم بها دولة الإمارات في المجال البيئي والتغير المناخي .. مشيراً إلى تعاونه من خلال رئاسته للمعهد العالمي للنمو الأخضر، في صياغة رؤى مشتركة حول مواجهة التحديات الناجمة عن التغيير المناخي والتلوث البيئي وتأثيره المباشر على صحة الإنسان، وتسببه في هلاك الملايين حول العالم بشكل سنوي.

كما شدد على ضرورة تنسيق الجهود من خلال وجود المؤسسات الدولية للعمل على تحقيق أهداف واضحة تعين العالم على تجنيب الإنسان مخاطر التلوث، والعمل عن كثب لحث الحكومات على مساندة تلك الجهود من خلال خطوات تنفيذية واضحة تدعم إستراتيجية متكاملة للبيئة والمناخ على مستوى العالم.

من جهته أكد لوران فابيوس أن مخاطر التغير المناخي يجب أن تناقش في نطاق أعم وأشمل وهو الأمن والسلم العالميين، والأخذ في الإعتبار تراكم تلك المشكلة عبر السنوات الماضية، معبراً عن تقديره لدولة الإمارات بإستضافة المنتدى وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه العالم وتأثيرها المباشر على صحة الإنسان.

وأشار إلى أهمية التعليم والبحوث في مجال البيئة والتغير المناخي، وضرورة توعية الأجيال الحالية من خلال المؤسسات التعليمية بمخاطر تلوث البيئة وأثر التغير المناخي على المجتمعات، وربط ملفي البيئة بالصحة من خلال مشروع حكومي مشترك تعمل عليه الحكومات وفق إستراتيجيتها وفق وميزانياتها .. لافتاً إلى ضرورة تكثيف الحملات الإعلامية التوعوية وتسليط الضوء على الخطوات التي تتخذها المنظمات الدولية وإستعراض النجاحات التي تحققها في هذا الصدد.

بدورها أشارت ماريا فرناندا إسبينوزا، رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تنظيم دولة الإمارات لمنتدى التغير المناخي والصحة العامة يبعث رسالة قوية وينم عن إهتمامها الكبير بهذا الملف، لا سيما أن المنتدى يستضيف مختلف المؤسسات والهيئات الدولية العاملة في مجال البيئة والطاقة المتجددة والتغير المناخي، وهو ما سيسهم من دون شك في الوصول إلى رؤى مشتركة ويحفز على صياغة أهداف واضحة حول القضايا البيئية والمساهمة في إنقاذ الملايين الذين يموتون جراء الأمراض الناجمة عن التغير المناخي.

ونوهت المسؤولة الأممية إلى أن الحكومات تتكبد 4% من دخلها القومي على الصحة وهو ما يمكن تقليله في حال تسليط الضوء على قضايا البيئة ومخاطر التلوث على صحة الإنسان ..مؤكدة أن الحكومات مدعوة للعمل أكثر على إحتواء تلك المخاطر المتمثلة في الأمراض التي انتشرت بقوة بفعل عدم الاهتمام بالبيئة أبرزها السرطان الذي يشكل التلوث عامله الأول، إضافة إلى تلوث الهواء الذي يتسبب كذلك في العديد من الأمراض الخطيرة.

ولفتت الدكتورة ماريا نيرا مديرة الصحة العامة، منظمة الصحة العالمية، إلى المسؤولية المشتركة للمنظمات والمؤسسات المعنية بالملف البيئي وضرورة تضافر الجهود لتحقيق الأهداف وتفعيل دور البحث العلمي وتوفير الميزانيات لتمويل الخطط الرامية من الحد من التحديات البيئية التي تواجه العالم .. مشيرة إلى أن الجهود التي تبذل حالياً غير كافية للحد من تلك التحديات، وهو ما يتطلب مزيدا من العمل الجاد على مختلف المحاور لاسيما الحكومات والبلديات وصناع القرار لخلق منظومة قوية تعين على تنفيذ وتحقيق الأهداف المنشودة في هذا المجال.

وشددت نيرا على ضرورة العمل على تطوير برامج الأمم المتحدة وأنظمتها لضمان تسريع وتيرة العمل على تحقيق الأهداف والخطط البيئية، والتنسيق مع الحكومات ضمن منظومة عمل مشتركة للحد من الأمراض وتوعية أفراد المجتمع حول العالم، لا سيما في الدول التي تعاني من آثار التغير المناخي.

ومن جهتها قالت جينا مكارثي : " إن التعامل مع تهديدات تغير المناخ للصحة العامة كارثة كبرى وايصال هذه الصورة للجمهور العادي أمر خاطئ للغاية، فهذه الطريقة ستخلق حالة من التخبط والهلع ولن نصل عبرها إلى حلول " .

وأضافت: " الطريقة المثلى هنا هي رفع وعي الأفراد بأن مستوى هذا التهديد وخطورته يرتبط بمستوى وعيهم وثقافتهم بطبيعة التغير المناخ ومسبباته وسلوكياتهم الشخصية كأفراد وكجزء من المجتمع، وقدرتهم على اتباع الحلول التي يمكنها تعزيز قدرتهم على التكيف مع هذا التغير وتداعياته".

من جانبه أكد عدنان أمين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة على أهمية الجهود التي تبذلها الإمارات في مجال الحد من التغير المناخي .. منوها بضرورة توسيع دائرة العمل مع الحكومات على تبني خيارات الطاقة المتجددة بما توفره من فرص اقتصادية واجتماعية كبيرة للدول الصناعية والنامية على حد سواء، وهو ما يصب في مصلحة الحفاظ على البيئة وصحة الإنسان، وتوفير الموارد اللازمة لدعم هذا التوجه.

وأتفق أمين مع باقي المتحدثين على ضرورة الأهتمام بجانب التنسيق وتفعيل البرامج والرؤى المشتركة، وتطوير السياسات الداعمة للعمل البيئي للحد من الامراض التي قد تنجم عن التلوث والاحتباس الحراري وغيرها من المجالات التي تتطلب تضافر الجهود.

من جهته لفت آخيم ستينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي،إلى أن المجتمع الدولي مدعو للالتفاف حول تنفيذ مادعت إليه اتفاقية باريس للمناخ، والتوافق على أن مسؤولية التصدي لتحدي تغيّر المناخ هي مسؤولية مشتركة بين الدول، ودعوة المجتمعات للعمل معاً لتحقيق أهدافها.. مشيرا إلى أن مواجهة التغير المناخي لا تتعارض مع الخطط الرامية للنمو الاقتصادي بل على العكس تدعم تلك الجهود، وتصب في مصلحة الصحة العامة للمجتمع وتزيد تقدمه.

أفكارك وتعليقاتك