أوسكار تاباريز .. اسطورة تتحدى الزمن

أوسكار تاباريز ..  اسطورة تتحدى الزمن

ريو دي جانيرو ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 27 يونيو 2019ء) عندما تنطلق يوم السبت المقبل مباراة منتخب أوروجواي مع البيرو في ربع نهائي كوبا أميركا سيكون العجوز أوسكار تاباريز المدير الفني لمنتخب "السليستي" على الموعد مع المباراة 201 التي يقود فيها منتخبا واحدا مسجلا رقما قياسيا جديدا كأكثر مدرب في العالم يقود منتخبا واحدا.

ويأتي هذا بعد أن دخل التاريخ من أوسع أبوابه في أعقاب مباراة الأوروجواي الاخيرة مع تشيلي بالجولة الثالثة من دور المجموعات التي وصل معها إلى الرقم 200، وبموجبها دخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وما يعزز من رصيد إنجازات المدرب أنه قاد منتخب بلاده في 4 نهائيات لكأس العالم هي 1990 و 2010 و 2014 و 2018.

أوسكار واشنطن تاباريز داسيلفا ابن ال 72 عاما المولود في 3 مارس 1947 بمدينة مونتيفيديو تلقبه الجماهير في أوروجواي بـ"المايسترو"، لأنه دائما مصدر الإلهام، وأيقونة النصر للاعبيه في منتخب الأوروجواي، هو القدوة والمثل لهم جميعا في التحدي، فقد انتصر على المرض، وكل يوم يسجل فيه أهدافا جديدة.

(تستمر)

ذلك العجوز لا يعرف الاستسلام ولا يرفع الراية البيضاء، حتى الأطباء الذين أخبروه في عام 2016 بأنه لن يستطيع الوقوف على قدميه مرة أخرى، ولن يتمكن من تدريب المنتخب غضب منهم كثيرا وقرر ألا يراهم رافعا شعار التحدي معهم أيضا.

أوسكار تماسك وتمسك برأيه ضد الجميع، وفاز في أصعب معاركه ..نعم هو يقود المنتخب في التدريبات على الكرسي المتحرك، وفي المباريات على "العكاز" لكنه يقوم بكل الأدوار المكلف بها على أكمل وجه، ويبقى رمزا للصمود عند لاعبيه، وعند كل عشاق الكرة في بلاده.

وعن ذلك الاسطورة يقول سواريز نجم وهداف منتخب أوروجواي وفريق برشلونة الاسباني: "عندما أرى تاباريز واقفا على العكاز يتابعني خارج الملعب لا يهدأ لي بال، حتى أهديه الفوز والفرحة، أشعر بالخجل لو توقفت عن الجري والمحاولات، هو قدوتي ومثلي الأعلى، تعلمت منه الكثير، ومهما قدمنا له كلاعبين نبقى مدينين له بالكثير، هو أفضل مدرب في حياتي".

ويقول تاباريز إنه لم يفكر أو يتخيل يوما بأن يحقق رقما قياسيا، أو يدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية، ويستطرد :"لا يعنيني هذا كثيرا، كل ما يعنيني أن أقود منتخب بلادي، أن أفعل ما أحب، وأن أبقى في المستطيل الأخضر حتى آخر يوم في حياتي، وكذلك لا يعنيني التعب الذي أعانيه في جلسات العلاج الطبيعي والتي تمتد أحيانا لأربع ساعات، لأتمكن من الوقوف على العكاز لإدارة المباريات، لأنني بعد الفوز مع المنتخب أنسى كل التعب، وأخلد إلى وسادتي مستريحا هادئا، أشعر بالفخر للدور الذي قمت به مع المنتخب خلال المرحلة الأولى القصيرة من 1988 إلى 1990، ثم من 2006 حتى الآن، وما زال لدي الكثير".

ما حققه تاباريز مع منتخب بلاده يعتبره البعض إعجازا لأنه عندما تولى المسؤولية في مايو من 2006 بعد الخسارة من استراليا في ملحق التأهل لنهائيات كأس العالم بألمانيا، كانت كرة القدم في الأوروجواي تمر بأسوأ مراحلها، لكنه وضع خطة التحدي، واعتمد شعار "لا وجود للمستحيل" فقاد المنتخب للتأهل من جديد إلى مونديال 2010، وصعد معه إلى نصف النهائي في تلك البطولة التي استضافتها جنوب افريقيا، ثم قاد الفريق للفوز بلقب كوبا اميركا عام 2011، ثم تأهل معه إلى ثمن النهائي في كأس العالم بالبرازيل 2014، وربع النهائي في روسيا 2018.

تاباريز أكثر من مدرب في بلاده، فهو أسطورة تمشي على الأرض، لأنه لا يقتصر في عمله على قيادة المنتخب الوطني الأول فحسب، لكنه وضع لهم برنامجا أطلقوا عليه " مشروع تاباريز" لتطوير الناشئين، وقد انتج هذا المشروع ولا يزال المواهب القادرة على تمثيل المنتخب بكفاءة والدفاع عن شعاره في كل المحافل، هو يحث لاعبي بلاده المحترفين في أوروبا على التواصل مع وطنهم، وتطوير مستواهم بشكل دائم، حتى يكونوا جاهزين لتمثيل الوطن بأفضل صورة.

ومن جديد سيكون تاباريز أمام تحد آخر بعد غد أمام بيرو، لبلوغ الدور نصف النهائي، والذهاب إلى أبعد مدى في البطولة القارية، ولكنه ما زال يؤكد أنه لن تواجهه لحظة أقسى في حياته من اللحظة التي قال له الأطباء فيها .."لابد أن تجلس في البيت الآن .. انتهت مهمتك مع الكرة"، ويقول أيضا أن هذه اللحظة هي الأهم في حياته لأنها التي كشف فيها عن معدنه الحقيقي فقرر التمرد على الواقع، وفرض واقعه الخاص مما دفع الاتحاد الأوروجواني لكرة القدم إلى تجديد التعاقد معه حتى نهاية 2022 ..وحينها سيكون المايسترو قد تجاوز ال 75 سنة بشهور.

يذكر أن أوسكار تاباريز أصبح حاليا أكبر مدرب في العالم يقود منتخب في كأس العالم، فيما يحتل الألماني ريهاجل مدرب منتخب اليونان في نهائيات كأس العالم 2010 بجنوب افريقيا المركز الثاني حيث كان عمره حينها 71 عاما، وفي المركز الثالث يأتي المدرب الإيطالي تشيزاري مالديني الذي قاد منتخب باراجواي في مونديال كوريا واليابان عام 2002، وكان عمره في ذلك الوقت 70 عاما، ويأتي في المركز الرابع المدرب الألماني اوتوفيستر الذي قاد منتخب توجو في نهائيات 2006 بألمانيا وكان عمره 68 عاما.

أفكارك وتعليقاتك