الرئيس الموريتاني يختار حكومة تكنوقراط متوازنة اجتماعية لتنفيذ اصلاحات بداية حكمه

الرئيس الموريتاني يختار حكومة تكنوقراط متوازنة اجتماعية لتنفيذ اصلاحات بداية حكمه

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 10 أغسطس 2019ء) تميزت أول حكومة في عهد الرئيس الموريتاني الجديد محمد ولد الغزواني بعودة وزراء التكنوقراط بقوة للواجهة، انسجاما مع رغبة الرئيس في إسناد مناصب حكومية لعناصر شابة، فيما تقلص حضور الوجوه السياسية المعروفة بنسبة كبيرة.

واختار رئيس الحكومة المهندس إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيديا وزراء أغلبهم من العاملين السابقين في المؤسسات الدولية وبعض كبار الموظفين في نفس القطاعات التي عينوا عليها​​​.

وحافظ رئيس الحكومة على الهيكلة السابقة للحكومة مع تعديلات طفيفة شملت خاصة فصل قطاعي الاقتصاد والمالية الذين تم دمجهما في وزارة واحدة خلال فترة حكم الرئيس السابق، محمد ولد عبد العزيز.

وفي قطاع التعليم، تم تخصيص وزارتين: الأولى للتعليم الأساسي وإصلاح التعليم، والثانية للتعليم الثانوي والتكوين المهني، وتم الحاق الصناعة بوزارة الاقتصاد بدلا من وزارة التجارة.

(تستمر)

وعلى مستوى التقسيم الجغرافي والتوازنات القبلية والعشائرية، جاءت الحكومة الجديدة بأبناء العائلات المعروفة التي لها ثقل عشائري كبير، كما حضر بشكل لافت في تشكيلتها أبناء شريحة "الحراطين" –العبيد السابقون- حيث تم تعيين خمسة وزراء منهم لتصبح الحكومة الأكثر تمثيلا لأبناء هذه الشريحة.

وحافظت النساء على نسبة تمثيل مهمة داخل الحكومة الجديدة، حيث أسند الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، في أول حكومة له، خمس حقائب وزارية لسيدات وذلك من أصل 28 حقيبة وزارية، ليصبح بذلك تمثيل المرأة في الحكومة يقارب 18 في المائة من مجموع الحقائب، ورغم أنها اقل من نسبة تمثيل المرأة في آخر حكومة للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، والتي بلغت 25 في المائة، إلا أنها تظل نسبة مقبولة اعتبارا لنوعية الحقائب الوزارية التي أسندت للنساء في هذه الحكومة.

ويرى الباحث في الشؤون السياسية، محمد محمود ولد السالم، أن "الحكومة الجديدة تبدو كحكومة إصلاح وحل أزمات، حيث غلب عليها وزراء تكنوقراط غير مسيسين وذوو كفاءات عالية، وغابت عنها المحاصصة الحزبية، وسادت فيها المحاصصة الاجتماعية والقبلية التي كانت تشكل الحكومات السابقة على أساسها".

وأوضح في حديثه لـ "سبوتنيك" أن التشكيلة الجديدة خضعت بالدرجة الأولى لالتزامات الرئيس المنتخب حديثا أثناء حملته الانتخابية، حيث اعتمد على أصحاب الخبرات من مدراء وحكام الولايات والعاملين في المنظمات الدولية وخريجي مدرسة الإدارة ممن يتمتعون بالخبرات الكافية لإدارة المرحلة الحالية التي تجتازها موريتانيا، وأبعد رموز الفساد والمعروفين على الساحة السياسية بثقلهم الحزبي لكونهم لم يساعدوا على حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

وأكد الباحث أن "الحكومة جاءت في مستوى التوقعات المنتظرة، سواء من حيث تعيين وجوه شابة، وإسناد الوزارات السيادية الهامة لأصحاب الخبرات، وتقليص مساحة تواجد الأحزاب السياسية، ومنح فرص أكبر لأبناء الطبقات الاجتماعية المهمشة، والذين غابوا عن رئاسة البرلمان والحكومة وحضروا بقوة في التشكيلة الحكومية بخمسة حقائب".

وأشار إلى أنه "إذا كانت أولوية الحكومة هي الإصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد وتحسين الأوضاع المعيشية المتردية للمواطنين، فإن قدرات الوزراء على القيام بخطوات عملية سريعة وإصلاح الاختلالات تبدو قوية بالنظر لخبراتهم وأدائهم التقني، رغم ضعف أدائهم السياسي".

وأبقى الرئيس ولد الغزواني على أربعة وزراء سابقين ضمن التشكيلة الجديدة، في مقدمتهم وزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي يعتمد سجله على مساره في أروقة الأمم المتحدة، ووزير الطاقة والبترول والمعادن محمد ولد عبد الفتاح، الذي احتفظ بحقيبته الوزارية بعد الأداء الجيد الذي حققه قطاعه، ووزير الصيد والاقتصاد البحري الناني ولد أشروقه، ووزيرة المياه والصرف الصحي الناها بنت مكناس.

ودخل التشكيلة الحكومية، بعد غياب سنوات، الوزير السابق محمد سالم ولد مرزوك، الذي أسندت إليه حقيبة الداخلية، فيما عين القاضي الذي أشرف على قضايا مهمة حيمودة ولد رمظان وزيرا للعدل، وأُختير قائد القوة العسكرية المشتركة لمجموعة الساحل الفريق حننا ولد سيدي وزيرا للدفاع.

وعين الخبير المالي الشيخ الكبير ولد الطاهر وزيرا للاقتصاد، وأسندت وزارة المالية للإداري محمد الأمين ولد الذهبي، لتنتهي بذلك سنوات من إدارة الوزير المختار ولد أجاي لقطاعي الاقتصاد والمالية.

وشهدت موريتانيا، في الـ22 حزيران/ يونيو الماضي، انتخابات رئاسية تمثل أول تداول سلمي للسلطة، بين رئيسين منتخبين، منذ الاستقلال، فاز فيها مرشح السلطة، وزير الدفاع السابق، محمد ولد الغزواني، بنسبة 52 بالمئة.

وأدى الرئيس المنتخب اليمين الدستورية، رئيسا للبلاد في الأول من الشهر الجاري.

وأكد الرئيس في خطاب تلاه بعيد تنصيبه أنه "سيكون رئيسا لكل الموريتانيين مهما اختلفت انتماءاتهم السياسية أو خياراتهم الانتخابية"، وأضاف "هدفي الأسمى سيكون خدمة جميع الموريتانيين، وتحقيق طموحاتهم، وذلك عبر تطبيق مشروع الدولة والمجتمع الذي تقدم به"، معتبرا أن هذا المشروع سيمكن من العبور بالبلاد إلى وقع أفضل.

أفكارك وتعليقاتك