باحثة أميركية تروي قصة سنوات من العمل الشاق لترميم مقابر فرعونية في جنوب العساسيف بالأقصر

باحثة أميركية تروي قصة سنوات من العمل الشاق لترميم مقابر فرعونية في جنوب العساسيف بالأقصر

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 14 سبتمبر 2019ء) سلمى خطاب. سنوات طوال تقضيها الباحثة الأميركية إيلينا بيشيكوفا وفريقها في العمل على ترميم وإعادة مقابر الأسرة الفرعونية الخامسة والعشرين في منطقة جنوب العساسيف، بمحافظة الأقصر، وبعد حفريات شاقة قامت بها الباحثة استغرقت وقتا طويلا واجهت خلاله تحديات عديدة تنوعت ما بين التواصل مع السكان المحليين والعثور على تمويل للمشروع، وجدت أولى الآثار في المنطقة وكانت مقبرة شخص يدعى كاراخامون وهو أحد كبار الموظفين​​​.

يعمل الآن على ترميم المقبرة الواقعة في جبانة جنوب العساسيف الأثرية، فريق مصري أميركي تترأسه بيشيكوفا، ويمول حاليا ضمن مشروع مركز البحوث الأميركي بمصر لاكتشاف وترميم آثار منطقة جنوب العساسيف، بدأ العمل في الموقع منذ عام 2006، ويطمح المرممون أن ينتهوا منه بحلول عام 2023.

(تستمر)

"احتجنا إلى الكثير من العمل الشاق على مدى سنوات، لكن الأمر مجدٍ للغاية، نحن اخترنا منطقة جنوب العساسيف لأننا نحب هذه الفترة من تاريخ مصر ونعتقد أنها لم تقدم بشكل جيد، وما زالت تحت الدراسة" تقول بيشيكوفا لوكالة "سبوتنيك" وهي تشرح من داخل الموقع الأثري أسباب اختيارها للعمل في هذه المنطقة تحديدا.

وتقع جبانة جنوب العساسيف الأثرية على الضفة الغربية لنهر النيل، في محافظة الأقصر، عُثر فيها على مقابر الأسرة 18، والأسرتين 25 و26، التي تغطي الفترة من 1550 إلى 525 قبل الميلاد، وهي فترة يعتقد بعض الأثريين والمؤرخين أنها لم تخضع للدراسة بشكل كاف بعد.

تحكي بيشيكوفا عن بداية عملها في الموقع قائلة "حين أتينا إلى الموقع هنا لأول مرة في عام 2001، للبحث عن مقابر الأسرة الفرعونية الخامسة والعشرين، لم نجد أي مقابر، احتجنا إلى وقت طويل في البداية لنتعرف على السكان المحليين في المنطقة، ونكسب ثقتهم، ليبدأوا بالعمل معنا، حتى وجدت ابنتي التي كانت تبلغ من العمر 9 سنوات حينها، صديقا جديدا يدعى سعيد عبد الرسول وكان حينها يبلغ 8 سنوات، ومن خلال الأطفال اقتربنا من السكان المحليين أكثر، وبدأنا العمل للعثور على المقابر كعائلة واحدة".

تتابع بيشيكوفا "في عام 2006 كان البداية الحقيقية لعملنا، لم يصدق أحد في البداية أننا سنعثر على هذه المقابر، كانت المقابر ضائعة ومنسية ومدمرة تماما، لم يكن لها أي أثر، بدأنا في الحفر، ولم نعثر على اي شيء لأيام ولأسابيع وشهور لم نعثر على شيء، كنا نسمع تعليقات أننا نضيع وقتنا وأموالنا وسمعتنا، وكان بالفعل وقتنا بدأ ينفذ، وأموالنا بدأت تنفذ، كنت أفكر من أين يمكنني الحصول على الأموال، تذكرت مصاريف جامعة ابنتي، وأخذتها لتكملة المشروع، ثم عوضتها عن ذلك لاحقا واستمريت بالعمل".

وحول بداية تمويل المشروع، أوضحت بيشيكوفا لوكالة "سبوتنيك" أنها "بدأت هذه المشروع اعتمادا على 10 آلاف دولار حصلت عليها من الدكتور زاهي حواس (وزير الآثار المصري السابق)، كان هو أول ممول للمشروع، وبعدما انتهت هذه الأموال بدأت استخدام أموالي الخاصة، وضعت كل ما كان لدى، حتى مبالغ التأمين والتمويل الدراسي لابنتي، وبعد انتهاء كل هذه الأموال، وفي عام 2008 التقيت انطوني براودر (رئيس الجمعية الأميركية لترميم مقابر جنوب العساسيف)، وأصبحت مؤسسته هي الممول لنا إلى جانب بعض المؤسسات غير الربحية الأوروبية والأميركية التي تساعدنا لإعادة إحياء هذه المقبرة،

لا نحصل على أي تمويل حكومي، الأمر كله قائم على المتبرعين". 

تواصل "لن انسى ابدا هذا اليوم الرائع، حين عثرنا لأول مرة على وجه كاراخامون، كان بمثابة العلامة الأولى لنا أن المقبرة ليست فارغة، وكان إشارة لنا لنكمل عملنا، وسنعثر على المزيد".

وكاراخامون هو أحد موظفي الدولة المصرية الكبار في العصر المتأخر، يرجع تاريخ بناء مقبرته إلى الأسرة الفرعونية 25 (713- 690 قبل الميلاد).

وتتابع بيشيكوفا الحديث عن أعمال الحفر لاكتشاف المقبرة " وجدنا آلاف الشظايا والقطع الصغيرة، ونعمل الآن على ترميمها وإعادة تركيبها، ويسعدنا كثيرا أننا نعمل لتقديم شيئا جديدا عن الحضارة المصرية لمصر، ولكل شخص يأتي لزيارة مصر".

وحول النقوش على جدار المقبرة، تقول "النقوش على جدران المقبرة رائعة وتمثل ما يشبه انتعاشة للفن المصري القديم، حيث بعض منها يشبه النقوش والفن في الأسرة الخامسة، ما يعني أنهم في الأسرة الخامسة والعشرين كانوا ينظرون إلى تاريخهم ويتتبعون آثار المصريين القدماء.".

يتركز عمل بيشيكوفا وفريقها الذي يضم ابنتها أيضا على تجميع الشظايا والقطع الصغيرة من المقبرة، وترتيبها، ثم محاولة إعادة تركيبها على الجدار، وتوضح "نجمع الشظايا والأجزاء الصغيرة من المقبرة التي عثرنا عليها، ونحاول ترتيبها باستخدام الجرافيك أولا، ومن ثم إعادة تركيبها من جديد على جدران المقبرة، وبهذه الطريقة نعيد بناء المقبرة ونعيدها جميلة من جديد".

وتضيف " أثمن ما قد نعثر عليه هو القطع الصغيرة، كل قطعة صغيرة نجدها تساعدنا في البناء وتمثل إضافة عظيمة، خاصة حين نضعها في مكانها الصحيح.".

تطمح بيشيكوفا أن ينتهى العمل في هذه المقبرة، وتعتقد أنها ستكون بالأهمية مثل منطقة وادي الملوك في الأقصر، والتي تضم عشرات المقابر لملوك وحكام مصر القديمة، إذ تقول لـ"سبوتنيك " نقاتل الآن للعثور على بقايا مقابر الأسرة الخامسة والعشرين، لتصبح المنطقة مثل منطقة وادي الملوك فهذه المقبرة هامة ورائعة، رغم أنها مدمرة تماما الآن وتحتاج إلى الكثير من العمل والترميم، لكن هذه الفترة تمثل مرحلة هامة من تاريخ مصر وهي غير معروفة".

مواضيع ذات صلة

أفكارك وتعليقاتك