احتجاجات في لبنان بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية

احتجاجات في لبنان بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 29 سبتمبر 2019ء) اندلعت مواجهات بين متظاهرين والقوى الأمنية في وسط بيروت، الويم الأحد، خلال تحرك احتجاجي شهدته العاصمة اللبنانية وعدد من المناطق بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية.

وأقفل المتظاهرون، الذين تجمعوا بالمئات في نقاط مختلفة في وسط بيروت، عدداً من الشوارع والجسور بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات​​​.

وأقفل الطريق المؤدي إلى ساحة الشهداء، بالإضافة إلى النقاط الرئيسية المؤدية إلى وسط العاصمة، كجسر الرينغ وتقاطع بشارة الخوري، والذي شهد بشكل أساسي مواجهات بين شبان، بعضهم كان يستقل دراجات نارية، وقوات مكافحة الشغب التي انتشرت بكثافة، بجانب تشكيلات أمنية وعسكرية أخرى.

وتحت جسر الرينغ الرئيسي، حيث الطريق المؤدي إلى ساحة الشهداء، أوقفت القوى الأمنية عدداً من المتظاهرين، فيما اعتدت بالضرب على آخرين، في محاولة منها لتفريقهم.

(تستمر)

وردد المتظاهرون شعارات تندد بالسياسات الاقتصادية التي وصفوها بسياسات "الإفقار"، فيما أطلق بعضهم هتافات مناوئة للمسؤولين السياسيين في البلاد، بما في ذلك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي يتهمون عهده بـ "الفشل" الاقتصادي.

وقال متظاهر شاب، كان يحمل العلم اللبناني، لـ"سبوتنيك" إن "النزول إلى الشارع بات الخيار الأوحد لمواجهة تسلط هذه الطبقة السياسية"، منتقداً في الوقت ذاته شرائح واسعة من الشعب اللبناني "فضّلت الجلوس في المنزل بدل التظاهر ضد هذه الطبقة".

ولم يخف هذا الشاب، الذي قال إنه طُرد من عمله قبل أشهر، إحباطه من سلوك اللبنانيين، قائلاً: “نحن شعب لا يتحرك إلا إذا طلب منه هذا الزعيم الطائفي أو ذاك التحرك"، لكنه أكد أنه سيشارك في أي تحرّك حتى وإن لم يتجاوز المحتجون فيه عدد أصابع اليد.

وقالت متظاهرة، في الخمسينيات من العمر، لـ "سبوتنيك"، “لم يعد هناك حل إلا البقاء في الشارع حتى تسقط هذه الطبقة الفاسدة"، مؤكدة أن "هناك حاجة ملحة اليوم قبل غد لرفع الصوت أكثر فأكثر، وصولاً إلى إعلان العصيان المدني ووقف دفع أية ضرائب للدولة أو أية أقساط قروض للمصارف".

وراح عدد من المتظاهرين يصرخ في وجه عناصر القوى الأمنية، التي التزمت في البداية الهدوء تجاه المحتجين، مطالبين إياها بالانضمام إلى حراكهم.

وهتف أحد المتظاهرين داعياً عناصر الأمن إلى "إلقاء السلاح أو استخدامه في وجه الفاسدين"، قبل أن يُلقى القبض عليه، ما أجج التوتر أكثر في صفوف المتظاهرين، وهو ما قابلته العناصر الأمنية باستخدام العنف، حيث تم اعتقال ثلاثة أشخاص على الأقل، فيما تعرض للضرب آخرون تم نقل أحدهم إلى المستشفى.

وازدادت الأوضاع توتراً بعدما نزل عدد من الشبان المقيمين في خندق العميق، الذي يعد أفقر الأحياء في بيروت، بشكل جماعي إلى نقطة الرينغ، قبل أن تتدخل قوات مكافحة الشغب وتجبرهم على التراجع إلى نقطة بشارة الخوري، التي أقفلت بالإطارات المشتعلة.

وقام المتظاهرون، وبعضهم يحمل أوشام تتضمن شعارات لها علاقة بـ "حزب الله" الشيعي، بإلقاء الحجارة وعبوات المياه البلاستيكية على القوى الأمنية، فيما لم ينج المراسلون الصحافيون من غضبهم، حيث تعرّض فريق عمل محطة "أم تي في" وتلفزيون "النشرة" الإلكتروني للاعتداء من قبل شبان يستقلون دراجات نارية.

وفي ساحة رياض الصلح، حيث مقر الحكومة ومجلس النواب، بدا المشهد أكثر هدوءاً، حيث تجمع المئات مطلقين هتافات ضد "سياسة التجويع"، مرددين عدداً من الأغاني الوطنية.

وحمل أحد المتظاهرين العلم اللبناني وفوقه علم الجزائر. وقال هذا الشاب إن "حراك الجزائر أثبت أن الشعب يستطيع أن يحقق أهدافه في الإطاحة بالفاسدين"، في إشارة التي التظاهرات التي أدت إلى استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وخلال جولة قام بها مراسل "سبوتنيك" في بيروت، شوهدت بعض مستوعبات النفايات التي حاول المتظاهرون أن يقفلوا بها الطرقات، وخصوصاً عند طريق سليم سلام المؤدي إلى مطار بيروت الدولي.

أما الحركة في باقي أحياء العاصمة فبدت عادية، وخصوصاً في شارع الحمرا التجاري والأحياء الشرقية لبيروت وضاحيتها الجنوبية.

وكان المحتجون قد نزلوا إلى الشوارع بعد دعوات أطلقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية، في ظل أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد أدت خلال الأسبوع الماضي إلى فوضى أمام محطات الوقود، بعد إعلان أصحابها الإضراب بسبب عدم توافر السيولة لتسديد مستحقاتهم بالدولار، وتحذير من أصحاب المطاحن بأن احتياطي القمح في البلاد بلغ أدنى مستوى بسبب المشكلة ذاتها.

ولم تقتصر التحركات الاحتجاجية على العاصمة، حيث شهدت مدن وبلدات عدة إقفال طرق، وخصوصاً في مدينة طرابلس، حيث انطلقت مسيرة من الأحياء القديمة باتجاه ساحة النور. كما تم إقفال طريق المتن السريع (شمال) لبعض الوقت، وكذلك طريق طبرجا الساحي (شمال) بين مدينتي جونيه وجبيل، والطريق الساحلي بين مدينتي صيدا وصور (جنوب)، وبلدة دير ميماس (جنوب)، وطرقات أخرى في منطقة بعلبك – الهرمل (شمال شرق).

ولم يصدر أيّ تعليق حتى اﻵن من أيّ مسؤول سياسي في البلاد، كما أنه من غير المعروف بعد آفاق التحرك الاحتجاجي في ظل غياب أي تنظيم حزبي له، بما في ذلك القوى اليسارية المناوئة تاريخياً للسياسات الاقتصادية في البلاد.

وكانت لجنة المال والموازنة بالبرلمان اللبناني قد أعلنت سابقا أنها تمكنت من تقليص العجز من 7.6 بالمئة من الناتج المحلي المقترح في الخطة الحكومية، إلى 6.6 بالمئة.

لكنّ مراقبين اقتصاديين يقولون إنّ تحقيق هذه النسبة في العجز محاطة في الشكوك، في ظل استمرار الإنفاق العام على أساس القاعدة العشرية طوال سبعة أشهر مضت، أي وفقاً لموازنة العام 2018، التي بلغت نسبة العجز فيها 11.5 بالمئة من الناتج المحلي.

ومن بين المشككين خبراء صندوق النقد، الذي أشار في وقت سابق إلى أن لبنان سيسجل عجزا في 2019 يعادل نحو 9.75 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

أفكارك وتعليقاتك