مثقفو الإمارات يحاورون نظراءهم الإسبان حول التاريخ الحضاري والثقافي المشترك

مثقفو الإمارات يحاورون نظراءهم الإسبان حول التاريخ الحضاري والثقافي المشترك

مدريد ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 10 اكتوبر 2019ء) استضافت جامعة كومبلتنسي الإسبانية وفدا من كتاب ومثقفي الإمارات خلال جلستين حواريتين حملت الأولى عنوان "العرب في الأدب الإسباني والإسبان في الأدب العربي"، فيما جاءت الثانية بعنوان "التاريخ المشترك.. العرب في إسبانيا" وذلك ضمن فعاليات الاحتفاء بالشارقة ضيف شرف معرض "ليبر" الدولي للكتاب مدريد 2019 بحضور نخبة من طلبة كلية اللسانيات واللغات الشرقية.

شارك في الجلسة الأولى التي أدارتها الشاعرة شيخة المطيري، كل من المستعرب والباحث الإسباني فيرناندو دي أغريدا، والشاعر والباحث سلطان العميمي، والفنان والباحث المسرحي الدكتور حبيب غلوم، وتناولت ملامح من الأدب المشترك بين العرب والإسبان خلال القرون الماضية، وما تشهده العلاقات العربية الإسبانية اليوم على مستوى العمل الثقافي.

(تستمر)

وجمعت الجلسة الثانية كلا من الدكتور والباحث المتخصص في الثقافة العربية خيرونيمو باييز، والكاتبة إيمان اليوسف، والقاصة صالحة عبير، والكاتبة بشرى عبد الله، حيث استعرضت أبرز العلامات التي شكلت ذاكرة الثقافة والفنون في إسبانيا وأوروبا، والدور الذي لعبه العرب في تحقيقها وانتشارها.

من جانبه توقف الدكتور خيرونيمو باييز عند الثقافة الأندلسية بوصفها أبرز المحطات التاريخية التي شكلت العلاقات بين العرب وأوروبا، موضحا أن تلك المرحلة جعلت العالمين العربي والإسباني يعرفان و يقرآن لكتاب وشعراء مثل ولادة بنت المستكفي، وابن زيدون، وفي الوقت نفسه يحملان في الذاكرة أعمال ثربانتس، ولوركا.

ولفت إلى أن الثقافة المتمازجة بين العرب والإسبان ظلت منذ القدم وحتى وقت قريب قائمة على جهود مفكرين وكتاب من أمثال طه حسين، إلا أنها اليوم تحتاج إلى إعادة عمل وتنشيط لتحقق أثرها على مختلف المستويات.

من جانبه أكد الشاعر سلطان العميمي أن تجربة الأندلس وما قدمته على المستوى الحضاري لم تكن نتاج العرب وحدهم، وإنما كانت نتاج التعايش والتسامح الذي كان في تلك المرحلة التاريخية، حيث ساهم المسلمون العرب إلى جانب المسيحيين، واليهود في تشكيل ملامح واضحة في الفن، والأدب، والفكر، والفلسفة، مستعرضا مقابل ذلك علاقة التجربة الشعرية الشعبية الإماراتية بالشعر الأندلسي، حيث استشهد بقصيدة أبي الحسن الششتري التي يقول في مطلعها "شويخ من أرض مكناس" ليؤكد دور الثقافة في تلاقي الشعوب وتحقيق وحدتها الإنسانية، إذ انتشرت القصيدة في المغرب العربي وبلاد الخليج بصورة عامة، والإمارات بصورة خاصة.

وتجاوز الدكتورحبيب غلوم في مداخلته دور التاريخ وما قدمه من شواهد ليضع سؤال العلاقة بين العرب والإسبان في الزمن المعاصر، موضحا أن كل ما يهم اليوم هو حجم العلاقات التي تجمع العرب بإسبانيا ومدى معرفتهم بأدائهم المعاصر.

وأكد أن المفارقة في العلاقات العربية الإسبانية، هي أنها كانت أقوى في وقت كانت وسائل التواصل محدودة، أما اليوم ومع تسارع وتنامي وسائل الاتصال بصورة غير مسبوقة لم يعد ذاك التواصل موجودا، وتزايد جهل كل من الطرفين بالآخر.

وشهدت الجلسة الثانية التي أدارتها الشاعرة شيخة المطيري، مداخلة اعترف فيها المستعرب خيرونيمو باييز بأنه شعر بانتمائه للمكان حين زار مدينة فاس أكثر مما شعر به داخل إسبانيا، موضحا أن الإسبان لا يعرفون حجم الذاكرة والهوية التي تجمعهم مع العرب، وأكد أن معرفته بالعرب كانت في سنوات شبابه غير واضحة ومشوشة، لكنه أدرك حقيقة التاريخ العربي بعد أن زار المغرب، واكتشف أن الكثير من التاريخ الإسباني مغيب ويختزل الحضور العربي فيه.

من جانبها توقفت الكاتبة إيمان اليوسف عند الموشح في الأدب كنموذج حي لما امتازت به تجربة الأندلس من تعايش وتفاهم بين مختلف الطوائف والأعراق والثقافات، موضحة أن اسم الموشح جاء من الوشاح المزين بسلكين من اللؤلؤ والأحجار الكريمة، وتم اختيار هذا الاسم لأنه يكشف التطور الذي جرى على القصيدة العربية المقفاة حيث تم تغيير وزنها وقافيتها لتصبح صالحة للغناء ..لافتة إلى أن الموشح كان يختتم بما يسمى "الخرجة" وهي نص يجمع اللغة العربية والإسبانية بطريقة تبدو أن التقائهما استحدث لغة ثالثة.

من جانبها أضاءت الكاتبة صالحة عبيد على مشاهد من أثر الثقافة العربية في الإسبانية، حيث أشارت إلى دور ابن رشد في الفلسفة الإسبانية والأوروبية، وما أحدثه من تطور على مستوى العلاقة بين العلم واللاهوت، وكيف تأثر به الفيلسوف توما الأكويني، مؤكدة أن ما تركه العرب من أثر في الثقافة إسبانية يظهر بصورة واضحة على صعيد الموسيقى مع تجربة استحداث الوتر الخامس للعود التي قادها الموسيقي زرياب، مستعرضة سلسلة من الأنماط الموسيقية التي استفادت من الغناء والموسيقى العربية مثل: الفادو، والتربادو.

واختتمت الكاتبة بشرى عبد الله الجلسة بالحديث عن المراحل الثلاث التي شكلت العلاقة بين العرب وإسبانيا، حيث أوضحت أن أولى المراحل كانت تأثيرا غير مباشر وذلك من خلال الرحلات والبعثات، أما المرحلة الثانية فظهرت في الترجمة خلال الفترة من القرن 11 وحتى 13 الميلادي حين نقل الإسبان مؤلفات العلوم والفكر والفلسفة عن اللغة العربية، والمرحلة الأخيرة كانت بالتأثير المباشر، من خلال حضور العرب في إسبانيا ونقل ثقافتهم.

أفكارك وتعليقاتك