لبنان: تظاهرات غاضبة تهدد حكومة الحريري

لبنان: تظاهرات غاضبة تهدد حكومة الحريري

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 18 اكتوبر 2019ء) عمت التظاهرات الغاضبة، ليل الخميس- الجمعة، أحياء بيروت وضواحيها وعدداً من المناطق اللبنانية، احتجاجاً على إجراءات اقتصادية أقرّتها الحكومة التي يترأسها سعد الحريري في معرض مناقشتها لموازنة العام 2020.

وشهدت بيروت تظاهرات حاشدة، امتدت من وسط المدينة، حيث يقع مقرّا مجلس الوزراء ومجلس النواب، وسرعان ما امتدت إلى شارع الحمرا التجاري، والضاحية الجنوبية التي تعد معقل "حزب الله"، ومناطق عدّة في البلاد​​​.

وبدأت التظاهرات بمشاركة بضعة مئات من الشبان، ومعظمهم ينتمي إلى مجموعتات المجتمع المدني، ممن تجمعوا في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، وجسر الرييغ الرئيسي في قلب العاصمة اللبنانية، ولكنه سرعان ما انتشر ليعم عدداً من المدن والقرى.

(تستمر)

وفي وسط بيروت، سار المتظاهرون في الشوارع المحيطة بمقر البرلمان والسراي الحكومي مرددين هتافات تندد بالسياسات الاقتصادية، قبل أن يزداد عددهم بشكل تدريجي، لا سيما بعد تعرّضهم لاعتداء من قبل مرافق وزير التربية، الذي اعتلى سيارة ضمن موكبه، وفتح النار في الهواء حين حاولوا اعتراض طريقه.

وفي وقت لاحق، تزايدت أعداد المتظاهرين، الذين قُدّروا بالآلاف، محاولين الوصول إلى مقر المجلس النيابي، قبل أن تمنعهم القوى الامنية من ذلك.

وفي تطوّر ملفت للانتباه، شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت نزول الآلاف من المواطنين احتجاجا ًعلى تردّي الأوضاع الاقتصادية، حيث قام بعضهم بحرق الإطارات، لجهة طريق المطار.

وشملت التحركات الشعبية مناطق أخرى في بيروت، من بينها كورنيش المزرعة وخلدة (المدخل الجنوبي للعاصمة) بالإضافة إلى الضاحية الشمالية، حيث عمد بعض الشبان إلى قطع الطرقات.

وفي مدينة صيدا (جنوب) تجمع المحتجون في عدد من الشوارع، مطالبين بـ"اسقاط النظام"، والتراجع عن الإجراءات الضريبية.

كما شهدت مدينتي طرابلس (شمال) وجبيل (جبل لبنان) تظاهرات مماثلة، فيما سُجلت تجمعات تخللها قطع طرقات في مناطق البقاع (بعلبك وشتورا وقب الياس واللبوة) وعكار (شمال) ومرجعيون (جنوب).

وتفجّر الغضب الشعبي على أثر موافقة مجلس الوزراء، في وقت سابق، على فرض ضريبة على استخدام تطبيقات الاتصال الصوتي عبر الانترنت، مثل "واتساب" و"فايبر" و"فيستايم" وغيرها، بجانب تسريبات عن احتمال زيادة الضريبة على القيمة المضافة من 12 إلى 15 في المئة، بالإضافة إلى فرض ضريبة على البنزين.

وبالرغم من إعلان وزير الاتصالات محمد شقير، مساءاً، أن الحكومة تراجعت عن قرار فرض "ضريبة الواتساب" بطلب من رئيسها سعد الحريري، إلا أن الاحتجاجات تواصلت، ولا زالت مستمرة حتى الساعة.

وقال مصدر سياسي لبناني، تحفظ عن ذكر اسمه، لوكالة "سبوتنيك" إن "الوضع ربما يكون قد خرج عن السيطرة بصرف النظر عن تراجع الحكومة عن بعض القرارات".

وأوضح المصدر أن "ما جرى سيترك تداعيات كبيرة على الوضع الحكومي، خصوصاً أن الأيام القليلة الماضية شهدت كلاماً عن احتمال قلب الطاولة"، في إشارة إلى تصاعد الخلافات بين القوى الشريكة في الحكومة الحالية على خلفية أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان منذ سنوات طويلة.

ويعاني لبنان من ضغوط اقتصادية هائلة، في ظل تراجع احتياطي العملات الصعبة، وفي ظل الخلافات السياسية التي تحول دون تطبيق خطط اصلاحية من شأنها أن تفرج عن قروض وهبات بقيمة 11 مليار دولار سبق أن تم إقرارها من قبل المانحين في مؤتمر "سيدر" الدولي الذي عُقد في باريس في ربيع العام 2008، والذي بنت الحكومة الحالية برنامجها على أساسه.

وقال مصدر آخر لـ"سبوتنيك"، مفضلاً أيضاً عدم ذكر اسمه بالنظر إلى حساسية الموقف، إن "هناك احتقاناً شعبياً بالتأكيد، في ظل الأوضاع الاقتصادية الخانقة، ولكن ما جرى اليوم قد لا يكون عفوياً، بل ربما يكون مرتبطاً بمساعي جدية لإسقاط الحكومة، لنصبح أمام 6 أيار جديد"، في إشارة إلى التحركات الشعبية المشابهة التي اندلعت في لبنان في ذلك اليوم من العام 1992، وأفضت إلى استقالة حكومة رشيد الصلح، وتكليف رفيق الحريري، والد رئيس الوزراء الحالي، بتشكيل حكومة جديدة.

وأجرى سعد الحريري مساءً اتصالاً برئيس الجمهورية العماد ميشال عون لبحث الموقف، فيما تقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء غداً في القصر الجمهوري بدلاً من السراي الحكومي.

وفي مؤشر سياسي قد يشي باحتمال تفكك التشكيل الحكومي الذي تم التوافق بشأنه في مطلع العام الحالي، بعد الانتخابات البرلمانية في أيار/مايو العام 2018، قال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تصريحات صحافية "إننا ذاهبون الى افق مسدود لأن هناك من يفرض ارادته على سعد الحريري، وعلى الجميع"، مطالباً بالعودة إلى "نظرية الموالاة والمعارضة" بدلاً من حكومة "الوحدة الوطنية الكاذبة".

وأضاف "لقد اتصلت بالحريري وقلت له إننّا في مأزق كبير وأفضّل أن نذهب ونستقيل سوياً".

لم يسمّ جنبلاط الجهة التي "تفرض ارادتها" على الحريري، وإن كان يشير بشكل غير مباشر إلى التيار الوطني الحر الموالي لرئيس الجمهورية و"حزب الله" حليفه السياسي.

ولم يصدر موقف واضح من جانب "حزب الله" تجاه هذه التطوّرات، مع أن جزءاً كبيراً من المتظاهرين ينتمون إلى قاعدته الشعبية.

ومن المتوقع أن يلقي الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله كلمةً في ختام مسيرة أربعين الإمام الحسين ظهر السبت المقبل، حيث سيتحدث عن مجمل التطورات السياسية وبصورة خاصة الاوضاع الداخلية في لبنان.

أفكارك وتعليقاتك