الحراك الشعبي في الجزائر على أبواب عامه الثاني.. تنوع الأهداف وتراجع في أعداد المشاركين

الحراك الشعبي في الجزائر على أبواب عامه الثاني.. تنوع الأهداف وتراجع في أعداد المشاركين

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 14 كانون الثاني 2020ء) جعفر خلوفي. بعد نحو عام من حراك شعبي واسع في الجزائر حفل بتجاذبات سياسية حادة واعتقال عشرات المتظاهرين ثم إطلاق سراحهم، يدخل الحراك عامه الثاني وقد حقق نجاحات لافتة أهمها حمل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة على الاستقالة وإحالة رموز سياسية واقتصادية ومالية لمحاكمات بتهم فساد.

وتتسارع الأحداث في البلاد بشكل غير مسبوق مع بوادر انخراط بعض الأحزاب السياسية المعارضة في مسعى الحوار الذي أشار إليه الرئيس عبد المجيد تبون من دون توضيح لمعالمه وأطره حتى الآن.

ميدانيا عرف الحراك الشعبي تراجعا في عدد المتظاهرين في بعض الولايات، في حين ما زالت الجزائر العاصمة وولايات الوسط بصفة عامة تحافظ على زخم "جٌمعات الحراك"، كما انخرط "الحَراكيون" في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى هوامش المسيرات، في نقاشات سياسية كبيرة، حول جدوى المشاركة في الحوار من عدمه، وكذا ملف تعديل الدستور بالإضافة لتحركات شبابية لإنشاء أحزاب سياسية جديدة.

(تستمر)

ورأى القيادي في حركة مجتمع السلم، عتيق ابراهيم، لوكالة سبوتنيك، أن الحراك الشعبي، ولكي يكون أكثر فاعلية، عليه أن يتحول إلى أداة مراقبة لعمل السلطة والدفع نحو تغيير قراراتها ليس برفضها كلية وإنما بالتأثير عليها وتصويبها.

وأردف إبراهيم موضحا "بمعنى أن يكون مثلا برفض قوانين أو مراسيم أو إجراءات معينة، مع العمل على فتح آفاق الحريات الفردية والجماعية مثل تأسيس الأحزاب والقيام بخطوات في هذا الاتجاه، تماما مثل المطالبة بإطلاق سراح السجناء، الذي نجح الحراك فيه نسبيًا".

ومن جهته اعتبر الصحافي والمحلل السياسي لشموط عمار، في تصريح لوكالة سبوتنيك، أن "حراك ما بعد 12 ديسمبر (موعد الانتخابات الرئاسية) يختلف عن الحراك قبله"، موضحا أن "هناك واقعا سياسيا مفروضا كأمر واقع، مع معطيات سياسية جديدة".

وأكد في السياق ذاته "أن الحراك سيتفاعل مع المتغيرات الجديدة وفق منطق المطالبة والمغالبة، مع الاشارة إلى وجود فئات عريضة ترفض الشرعية الدستورية وتصفها بالشكلية، لكن الأمر مرهون أيضا بالخطوات السياسية التي سيقدمها الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون لإعادة الثقة، وأولى تلك الخطوات هي إطلاق سراح بعض المعتقلين، بانتظار باقي سجناء الرأي".

وكشف عن أن هناك إرادة من جانب بعض الفاعلين في الحراك الشعبي للتوجه نحو خيار التكتل سياسيا قصد التفاعل مع المحطات السياسية القادمة، والمشاركة في العملية السياسية، في مقابل تمسك البعض بمطلب المرحلة الانتقالية".

وعمليًا بدأ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، استقبال شخصية سياسية، ساندت الحراك الشعبي منذ بدايته، حيث علق الدبلوماسي ووزير الاتصال السابق عبد العزيز رحابي، في بيان أصدره عقب لقاء جمعه بالرئيس تبون، "لمست لدى رئيس الجمهورية نية وإرادة أتمنى أن تلقى تجسيدا ميدانيا لما فيه الخير للبلاد والعباد".

ونقل رحابي لرئيس الجمهورية بعض مطالب الحراك وفي مقدمتها "إطلاق سراح سجناء الرأي، وتحرير الممارسة الإعلامية، وحماية الحراك من أي محاولة تجريم".

وفي السياق ذاته قال الناشط السياسي فاتح تيتوش، لوكالة سبوتنيك، "لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال (ماهو مستقبل الحراك؟)، بصفة مطلقة، موضحا أن "العديد من المحللين السياسيين ينظرون للحراك الشعبي من زاوية العدد، فكلما زاد العدد اعتبروا أن الراديكالية واقعية وكلما نقص العدد يطعنون في راديكاليته ويعتبرونها وهمًا وخطر على الحراك نفسه".

ورأى تيتوش أن هكذا توصيف للحراك يعد سطحيا، موضحا أن الحراك عبارة عن زخم شعبي غير متجانس الفلسفة أو الأهداف، والأعداد مرتبطة بتحقيق الأهداف، وتداخلها بين المجموعات فهدف إسقاط الولاية الخامسة (للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة) كان هدفا مشتركا حتى مع مجموعة من النظام، ولذلك رأينا تحمس جهات إعلامية للترويج للحراك ومساندة المطلب، فبالتالي فمن المنطقي أن تنقص أعداد المتظاهرين بعد تلبية مطلب إسقاط العهدة الخامسة، ونفس التفكير ينطبق على مطالب أخرى فئوية وجزئية مثل إسقاط رؤوس الفساد وليس منظومة الفساد".

وعن الأصوات المطالبة بالتوافق قال تيتوش "كثير ممن يعملون على صنع توافق وطني، أخطأوا التقدير حينما اعتبروا أن الاستقطاب حاصل بين العلمانيين الحداثيين من جهة والإسلاميين المحافظين من جهة أخرى، أو بين اليسار واليمين ولكن في الحقيقة الاستقطاب الحالي الوحيد الذي يجب تقديره هو بين أتباع القطيعة مع النظام وأتباع الإصلاحات السياسية، فقد نجد في أتباع القطيعة مناضلون يساريون، يمينيون، وإسلاميين وعلمانيين ونفس الشيء عند المطالبين بالإصلاحات".

وأمام تشعب التوجهات الفكرية، وتفاوت أعداد المتظاهرين من أسبوع لآخر، يواصل الحراك الشعبي الجزائري الذي فضل، حتى الآن، عدم تقديم مطالب سياسية جديدة، فقط حرص على العمل لتحقيق باقي مطالبه.

أفكارك وتعليقاتك