وسط التوتر في شرق المتوسط..​​​. تحركات تركية للتنقيب عن الغاز والغموض يسيطر على الوضع

وسط التوتر في شرق المتوسط..​​​. تحركات تركية للتنقيب عن الغاز والغموض يسيطر على الوضع

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 10 فبراير 2020ء) رولاند بيجاموف - كشفت وسائل الإعلام التركية، اليوم الاثنين، عن أن تركيا اشترت ثالث سفنها للحفر، بعد "فاتح" و "ياوز"، للتنقيب الغاز في مياه في شرق المتوسط، وعلى وجه الخصوص، في منطقة قبرص الاقتصادية الخالصة.

وكتبت صحيفة "دايلي صباح" واسعة الانتشار أنه بعد شراء أول سفينتين من النرويج، اشترت تركيا سفينة الحفر "سيرتاو" من المملكة المتحدة. بأقل بكثير من سعر السوق ( حوالي 120 مليون دولار)، بمبلغ 37.5 مليون دولار، و يذكر أن "سيرتاو" من تصنيع كوريا الجنوبية، كانت راسية خلال عامين تقريباً في ميناء "بورت تالبوت"، بعد ما استخدمتها شركة "بتروبراز" البرازيلية في الفترة من 2012 إلى 2015.

ومن المتوقع أن تنضم "سيرتاو" حاملة علم جزر مارشال إلى سفينتي "فاتح " و "ياووز" العاملتين في شرق المتوسط منذ ربيع عام 2019، ما يثير قلقاً بالغاً لدى حكومتي قبرص واليونان اللتين عارضتا بشدة التحرك التركي في البحر المتوسط وهددت بالقبض على أطقم سفن الحفر، ودعتا قادة الاتحاد الأوروبي لإدانة أنشطة تركيا.

(تستمر)

ويأتي هذا على خلفية إعلان الرئيس القبرصي، نيكوس أناستاسياديس، أمس الأحد، أن قبرص لن توقف خطط تنقيب الغاز في منطقتها الاقتصادية الخالصة على الرغم من محاولة تركيا إجبار قبرص على وقف أنشطتها عن طريق القيام ببحثها عن الغاز في المياه القبرصية.

وقال الرئيس أناستاسيادس إن إيقاف الحفر في وجه الضغط التركي سيكون بمثابة تخلي قبرص عن حقوقها السيادية.

وفي الوقت نفسه شدد الرئيس القبرصي، على أنه مستعد للتفاعل مع تركيا في رسم مسار لاتفاق يعيد توحيد جزيرة قبرص، التي تم تقسيمها إلى مناطق عرقية يونانية وتركية منذ سبعينيات القرن الماضي.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن تركيا عارضت باستمرار عمليات الحفر التي تقوم بها حكومة قبرص اليونانية من جانب واحد في شرق البحر المتوسط، مؤكدة أن جمهورية شمال قبرص التركية لها أيضًا حقوق في الموارد في المنطقة المحيطة بجزيرة قبرص المقسمة منذ عام 1974. وشهدت العقود التي تلت ذلك عدة محاولات لحل النزاع القبرصي، وكلها انتهت بالفشل. آخرها التي عقدت في عام 2017 في سويسرا بمشاركة الدول الضامنة - تركيا واليونان والمملكة المتحدة - انتهت دون أي تقدم.

وتصاعدت الأوضاع في المنطقة مرة أخرى بعد أن وقعت اليونان وإسرائيل وقبرص في 2 كانون الثاني/يناير الماضي اتفاقية حكومية حول بناء خط أنابيب شرق المتوسط ( "إيست ميد") ، الذي سيمتد على طول 1900 كيلومتر وسيكلف إنشاؤه نحو 6 مليارات يورو، ومن المقرر أن ينقل الغاز الطبيعي بداية من عام 2025 من إسرائيل وقبرص إلى اليونان وإيطاليا وأسواق أوروبية أخر.

وبعد ذلك بأسبوعين تقريباً جاءت خطوة أخرى التي بدون شك، أزعجت أنقرة، حيث أعلن وزير البترول والثروة المعدنية المصري، طارق الملا، في 16 كانون الثاني/يناير أن مصر وإسرائيل وقبرص واليونان وإيطاليا وقعت على الإعلان المبدئي لتأسيس منظمة إقليمية للغاز.

وتسعى مصر إلى أن تكون مركزا إقليما لإسالة وتجارة الغاز الطبيعي عبر استقبال الغاز من الدول المنتجة، وإسالته في مصانع الإسالة المنشأة مؤخرا في شمال البلاد، وإعادة تصديره، وهو الهدف الذي يدعمه كشوف الغاز الضخمة في منطقة البحر المتوسط مؤخرا والتي قدرت بنحو 122 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.

وتجدر الإشارة إلى أن تركيا وقعت تشرين الثاني/ نوفمبر اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها دوليا في خطوة أثارت غضب اليونان وقبرص. وتتباين مواقف أثينا وأنقرة إزاء الموارد البحرية قبالة ساحل جزيرة قبرص المنقسمة.

والجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي يبدي اهتماما كبيرا في إنجاز مشروع "إيست ميد" الذي يصب في مجرى عقيدته الاقتصادية الهادفة إلى تنويع مصادر الطاقة إلى جانب الإشارات التي ترسلها الولايات المتحدة حول استعداد الشركات الأميركية للمشاركة في الاستثمار في مجال تنقيب المحروقات في شرق المتوسط.

وبالتالي تجد تركيا نفسها في موقف حرج جداً في وجه تحالف من الدول المتوسطية المدعومة أوروبيا بالدرجة الأولى، وأميركيا على وجه الخصوص، ومما زاد الطين بلة، دعوة رئيس قبرص التركية، مصطفى أكينجي، في مقابلة مع صحيفة "غارديان" البريطانية لإعادة توحيد شطري قبرص تحت سقف فيدرالي، الأمر الذي دون شك يصب في مصلحة القبارصة اليونانيين والأتراك وسيفتح في حال تحقيق هذه الفكرة فرصاً أمام مستقبل مشرق للجزيرة وكذلك أمام المشاريع الاقتصادية الكبيرة في المنطقة.

ولكن أنقرة وجهت انتقادات لـ أكينجي، ودان رئيس دائرة الاتصالات بالرئاسة التركية، فخر الدين ألتون، في بيان خطي نقلته وسائل إعلام تركية، تصريحات أكينجي واصفا إياها بالقلق الشخصي لسياسيّ على مستقبله، وأنه قد استنفد ثقة الشعب التركي.

وقال ألتون، "لا يحق لهذا الشخص الذي يتصرف كالأطفال المشاغبين عندما يزور محاوريه الأجانب الجلوس على الكرسي الرئاسي" موضحا "أن تركيا لن تسمح لأحد بمنح قبرص التابعة لتركيا وبحارها للآخرين".

كل هذا يدل على أنه حل مشكلة الغاز في شرق المتوسط لن يكون سهلا وسيتطلب مزيدا من الوقت وبذل جهود من قبل اللاعبين الإقليميين والدوليين.

أفكارك وتعليقاتك