تعافي الاقتصاد السوري يتطلب تدخلا من الدولة في كافة القطاعات- وزيرة الاقتصاد السابقة

تعافي الاقتصاد السوري يتطلب تدخلا من الدولة في كافة القطاعات- وزيرة الاقتصاد السابقة

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 03 يونيو 2020ء) محمد معروف. أكدت وزيرة الاقتصاد السورية السابقة الدكتورة لمياء عاصي أن تعافي الاقتصاد السوري وقدرته على تجاوز الأزمات الراهنة يرتبط بمدى تدخل الدولة في جميع قطاعات الإنتاج​​​.

وقالت الدكتورة عاصي، في مقابلة مع وكالة سبوتنيك، "إيرادات الدولة قليلة جدا لأسباب كثيرة، لذلك فهي غير قادرة على زيادة حجم الإنفاق العام أو التدخل في الحياة الاقتصادية سواء بزيادة الإنفاق وإطلاق المشروعات الحكومية والتشغيل وخفض نسبة البطالة أو دعم أسعار الفائدة وتقديم القروض الإنتاجية المنخفضة الفائدة".

واضافت "من المعلوم أن انخفاض الرواتب والقدرة الشرائية لموظفي القطاع العام، يؤدي بشكل مباشر إلى الفساد وحرمان خزينة الدولة من جزء كبير من إيراداتها، وهكذا يجد الناس نفسهم يدورون في دوامة من الفقر والبؤس".

(تستمر)

وتابعت عاصي "معروف اقتصاديا، أنه يمكن تحقيق معدلات تنمية أفضل عندما تكون كلفة المال منخفضة وسعر الصرف مستقر، وهذا غير ممكن في الحالة السورية بسبب التضخم الكبير والتغير شبه اليومي في سعر الصرف حيث تحقق المضاربات على سعر الصرف أرباحا تفوق أي استثمار في الزراعة أو الصناعة".

وأردفت "على سبيل المثال في القطاع الصناعي لنفرض أن شخصا انتج سلعا بعشرة ملايين ليرة خلال عام وربح 30 بالمئة وهي نسبة ربح عالية، هذا يعني أن أمواله صارت13 مليون ليرة سورية، وشخص آخر احتفظ بأمواله كعملات أجنبية فقط ولم يستثمرها، فزادت قيمتها ثلاثة أضعاف على الأقل أي أصبحت العشرة ملايين بحدود 30 مليون أو أكثر قليلا. الأول لا يستطع شراء مواد أولية لإنتاج نفس السلع التي باعها والثاني حقق أرباح من دون أن ينتج، هذا مثال توضيحي وبسيط للقول أن هذا الارتفاع الجنوني بسعر الصرف يجعل الناس تميل إلى عدم استثمار أموالها في مشاريع إنتاجية".

وقالت عاصي "في ظل تغير مستمر لسعر الصرف، لا يمكن أن تزدهر الشركات الصغيرة أو المتوسطة وقد سجلت وزارة التجارة انخفاضا  في عدد الشركات الجديدة المسجلة إضافة إلى الشركات المتوقفة عن أي نشاط، لأن كلا من المنتج والمستهلك مكبلين فالمنتج أو المستورد غير قادر على تسعير البضائع وفق القواعد المالية والمحاسبية، والمستهلك غير قادر على الشراء لأن دخله  قليل ولا يساعده على تلبية طلباته حتى الضرورية منها وبما أن الطلب الكلي ضعيف لا يمكن أن يزدهر الإنتاج، وهذا الوضع يجعل البلد في حالة من الركود التضخمي".

وأضافت "من المعلوم أيضا أن سرعة حركة البيع والشراء وانتقال العملة بين أيدي الناس مؤشر قوي لتقييم حالة الاقتصاد ويمكن تشبيه حركة العملة بحركة الماء الذي كلما كان جريانها أسرع كانت البيئة الاقتصادية صحية ومزدهرة بينما المياه الراكدة تكون فاسدة ومرتعا للجراثيم تماما هذا ينطبق على الاقتصاد".

ورأت الدكتورة عاصي أن "تفاقم المشاكل الاقتصادية في سوريا، وعدم معالجتها بشكل جذري وحقيقي، يجعل آثارها السلبية المتمثلة في الفقر والبطالة تتراكم وتصبح الحلول أصعب وتحتاج لوقت أطول".

وحول  التراجع الأخير الذي حصل بسعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية والدولار قالت الدكتورة عاصي "يمكن أن يعزى لعدة أسباب منها قانون قيصر، والأزمة المصرفية والمالية في لبنان، وأزمة كورونا (فيروس (كوفيد-19)،  ولكن السبب الأساسي هو اطمئنان المضاربين وتجار العملة بأنه لن يكون هناك تدخل فاعل من السلطات النقدية لتحديد سعر الصرف، وقد لاحظ كثيرون أن البنك المركزي اعتمد على  المرسومين  3و4 القاضيين بتشديد العقوبة على المتعاملين بغير الليرة السورية, وثبت سعر منخفض للدولار مقابل الليرة ولم يتخذ أي إجراء غير ذلك حتى عندما رفع البنك المركزي سعر الفائد

ة على الإيداعات الدولارية جاء ذلك إجراء متأخرا".

الدكتورة عاصي والتي كانت سفيرة لسوريا في ماليزيا،  قالت "عندما عصفت بماليزيا الأزمة المالية عام  1998 وانهارت العملة الماليزية (الرينغت) قامت الحكومة والبنك المركزي الماليزي ,  بعدد من الإجراءات المالية والنقدية من بينها أن ثبت العملة (الرينغت)  عند سعر يستطيع البنك المركزي الدفاع عنه , النقطة الجوهرية , أنه اليوم لا رادع للمضاربين سوى الإجراءات الزجرية من مداهمة ومصادرة وهي ضرورية , وما لم نسمع عن توقيف لاعبين كبار بسوق الصرف سيتابع سعر الصرف ارتفاعه اللامحدود مدفوعا بأموال هائلة يتم ضخها يوميا في السوق".

وتعاني الاسواق السورية من ضعف في القوة الشرائية بعد تهاوي سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار بشكل حاد في السوق الموازية، باإاضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد من قبل الاتحاد الاوروبي الذي جددها لمدة عام كامل، والولايات المتحدة والتي كان آخرها قانون قيصر.

وكانت الإدارة الأميركية أقرت، مؤخرا، "قانون قيصر" الذي يدخل حيز التنفيذ بوقت لاحق من حزيران/يونيو الجاري وحمل اسما مستعارا لشخص سوري.

ويستهدفُ "قانون قيصر"، بالإضافة إلى الحكومة السورية، جميع الأفراد والشركات الذين يقدمون التمويل أو المساعدة  لسوريا كما يستهدفُ عددًا من الصناعات السورية بما في ذلك تلك المُتعلِّقة بالبنية التحتية والصيانة العسكرية وإنتاج الطاقة، بزعم "ارتكاب الحكومة السورية ممارسات لا إنسانية بحق شعبها".

أفكارك وتعليقاتك