لقاء حواري في لبنان يتحوّل إلى مادة جديدة للانقسام السياسي

لقاء حواري في لبنان يتحوّل إلى مادة جديدة للانقسام السياسي

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 25 يونيو 2020ء) تحوّلت أحدث محاولة لإجراء حوار وطني في لبنان إلى مادة للانقسام السياسي في بلد يواجه أخطر أزمة اقتصادية في تاريخه، بلغ معها انهيار العملة الوطنية مستوى غير مسبوق.

وكان الرئيس اللبناني، ميشال عون، وجه الأسبوع الماضي دعوة إلى 20 شخصية سياسية تمثل الكتل البرلمانية ورؤساء الجمهورية والحكومة السابقين لحوار يعقد في القصر الرئاسي للبحث في آخر التهديدات التي يتعرض لها السلم الأهلي في البلاد بعد سلسلة أعمال عنف لم تخلُ من مناوشات طائفية​​​.

هذه الدعوة أثارت مجدداً حالة من الانقسام السياسي في لبنان، حيث قرر نصف المدعوين تقريباً عدم حضور اللقاء، وبرغم ذلك أصرّ الرئيس اللبناني على عقده بمن حضر اليوم.

وكان اللقاء الحواري تلقى أولى الضربات مع إعلان رؤساء الحكومة السابقين مقاطعته، في ما يعني، وفق التركيبة اللبنانية الطائفية، غياب المكوّن السنّي الرئيسي، ما يفقد الحوار الميثاقية.

(تستمر)

كذلك، أعلنت قوى سياسية أخرى، من بينها "تيار المستقبل" (سني) وحزب "القوات اللبنانية" (مسيحي) و"تيار المردة" (مسيحي) عدم المشاركة في الحوار.

على هذا الأساس اقتصر اللقاء على "التيار الوطني الحر" وحركة "امل" و"حزب الله" وبعض القوى الحليفة، بالإضافة إلى "الحزب التقدمي الاشتراكي" (درزي) الذي شكل استثناءاً في خيار المقاطعة الذي انتهجته القوى المعارضة للحكومة الحالية.

وفي بداية اللقاء، الذي حضره في المحصلة 11 من أصل 20 مدعواً، قال الرئيس اللبناني ميشال عون: "كنت آمل أن يضم هذا اللقاء الوطني جميع الأطراف والقوى السياسية؛ فالسلم الأهلي خط أحمر، والمفترض أن تلتقي جميع الإرادات لتحصينه، فهو مسؤولية الجميع وليس على همة فرد واحد مهما علت مسؤولياته، ولا حزب واحد، ولا طرف واحد".

وأضاف بأن "ما جرى في الشارع في الأسابيع الأخيرة، ولاسيما في طرابلس وبيروت وعين الرمانة، يجب أن يكون إنذاراً لنا جميعاً للتّنبه من الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية"، مشيراً إلى أن "هناك من يستغل غضب الناس، ومطالبهم المشروعة، من أجل توليد العنف والفوضى، لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة، بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل".

وتابع "لقد لامسنا أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأُطلقت بطريقة مشبوهة تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية، وتجييش العواطف، وإبراز العنف والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وتحقير الأديان والشتم، كحق مشروع للمرتكبين".

ولفت إلى أنه "إزاء التفلّت غير المسبوق، وشحن النفوس، والعودة إلى لغة الحرب البائدة التي دفع لبنان ثمنها غالياً في الماضي، كان لا بد لي، انطلاقاً من مسؤولياتي الدستورية، أن أدعو إلى هذا اللقاء الوطني الجامع، لوضع حدٍ نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير".

وكان الرئيس اللبناني يشير في ذلك إلى الاحتجاجات الشعبية التي شهدها لبنان في الأسبوعين الأولين من حزيران/يونيو الحالي، على أثر انهيار غير مسبوق في قيمة الليرة اللبنانية تخللها أعمال عنف وتوترات طائفية.

ويوم أمس، تجاوز سعر صرف الدولار في السوق السوداء حاجز 6000 ليرة لبنانية، مقارنة بـ 1510 ليرات كسعر رسمي، و3800 ليرة في السوق الموازي.

وفي هذا الإطار، قال عون إن "وطننا يمر اليوم بأسوأ أزمة مالية واقتصادية، ويعيش شعبنا معاناة يومية خوفاً على جنى أعمارهم، وقلقاً على المستقبل، ويأساً من فقدان وظائفهم ولقمة العيش الكريم"، محذراً من أن "أي إنقاذ ليس ممكناً إن ظل البعض مستسهلاً العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية، ووضع العصي في الدواليب، والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات، وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس، وترويعهم، وخنقهم اقتصادياً".

من جهته، قال رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، إن "البلد ليس بخير"، متسائلاً "كيف يمكن أن يكون الوطن بخير وهناك مواطن يجوع؟".

وأضاف "هذا هو توصيف للواقع المزمن، ولكن العلاج هو مسؤولية وطنية، ليس فقط مسؤولية حكومة جاءت على أنقاض الأزمة".

وتابع "نحن نمرّ في مرحلة مصيرية من تاريخ لبنان، وهي تحتاج منّا إلى تضافر الجهود، وتقديم مصلحة البلد، وتعويم منطق الدولة، كي نتمكّن من تخفيف حجم الأضرار التي قد تكون كارثية".

أفكارك وتعليقاتك