رحيل الصادق المهدي .. السودان يفقد أيقونة للديمقراطية وشعلة للحرية

رحيل الصادق المهدي .. السودان يفقد أيقونة للديمقراطية وشعلة للحرية

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 29 نوفمبر 2020ء) محمد الفاتح. في موكب مهيب ووري، يوم الجمعة الماضية، جثمان إمام الأنصار زعيم حزب الأمة السودان، الصادق المهدي، الثرى بأم درمان وسط حشود كبيرة من المشيعين من مختلف الانتماءات السياسية والفكرية والخلفيات الاجتماعية.

وأجمع ساسة ومراقبون أنه برحيل الإمام الصادق المهدي فقد السودان قائدا عظيما وقامة سياسية وفكرية بارزة، تميزت بالحكمة وبالكياسة، والتزمت نهجا تصالحيا قوميا، وكان من أكثر الداعين والداعمين للديمقراطية والنظم المدنية.

وقد عهد حزب الأمة القومي إلى اللواء متقاعد، فضل الله برمة ناصر، مهمة قيادة الحزب خلفا لزعيمه الراحل، فيما لم يتم الاتفاق بعد على من يتولى إمامة هيئة الأنصار.

ويشار إلى أن للمهدي 5 نواب واثنين من المساعدين، حيث شغل، برمة ناصر، منصب النائب الأول لرئيس الحزب ليكون بذلك صاحب الحق في خلافة المهدي وفقًا للنظم المؤسسية.

(تستمر)

وأفادت وكالة "السودان" للأنباء (الجمعة) الماضية، أن ناصر، تسلم مهام رئاسة الحزب لحين قيام المؤتمر العام للحزب ونقلت عنه أن الخطوة تجئ في إطار العمل المؤسسي، مؤكدا أن "الإمام الصادق المهدي بنى مؤسسات راسخة وقادرة تنظيميا للقيام بدورها".

وأكد برمة قوة ووحدة حزب الأمة وتماسكه وتطبيقه لرؤية الإمام الصادق المهدي عبر المؤسسية، مشيرا إلى جدية أعضاء الحزب في عقد المؤتمر العام للحزب قريبا".

وقال "سيتم أولا: التأكيد على قيام المؤتمرات القاعدية بدءا من الإداريات ثم المحليات ثم الولايات بالتصعيد للمؤتمر العام وأيضا التصعيد من الكليات المختلفة"، مشيرا إلى أن "المؤتمر العام سيقوده من يمثلون قواعدهم فعليا".

وقال المحلل السياسي، الدكتور الحاج حمد، لوكالة سبوتنيك، "يجب أن تتم التفرقة بين إمامة الأنصار ورئاسة حزب الأمة القومي، فالحزب لهُ مؤسساته ومساعدون للرئيس".

وأضاف "دخل الراحل الصادق المهدي سابقًا في صراعات حول قضية الإمامة حتى مع عمه أحمد"، مُشيرًا إلى أن "إمامة الأنصار تذهب للأكبر سنًا، ولم يجمع أحدٌ بين الإمامة والرئاسة سوى الراحل الصادق المهدي".

وحول رئاسة الحزب يقول حمد "حزب الأمة قطع مشوارًا طويلا في المؤسسية وليس صعبًا أن تكون مريم الصادق رئيسًا للحزب" ، موضحا: "ما نستطيع قوله الآن، أن الازدواج والجمع بين الإمامة والرئاسة مرحلةٌ انتهت مع رحيل الإمام الصادق المهدي".

آراء الحركات المسلحة:

ووصف رئيس الجبهة الثورية، الدكتور الهادي إدريس، في بيان الذي أصدره نيابة عن الجبهة الثورية الإمام الصادق المهدي بأنه "رجل محب للسلام وعمل لأجل الضحايا وتحقيق العدالة والإنصاف متسامحا ومؤمنا بقيم العفو والتسامح، وأمضى حياته منافحا من أجل قيم الديمقراطية والحكم الرشيد، ناضل ضد الأنظمة الشمولية وسعي لأجل تحقيق كرامة الشعب السودان والحفاظ علي وحدة البلاد".

وتحدث إدريس عن إنجازات المهدي، وأثره وآثاره ودوره في جمع الصف وتوحيد الكلمة وابتكار الحلول وحرصه على استكمال الفترة الانتقالية واستدامة التحول الديمقراطي، مؤكدا أن "فقدانه يضع على عاتقنا تحديات جسام ومسؤولية الحفاظ على القيم السمحة والأهداف النبيلة التي أفنى حياته من أجلها".

وأضاف إدريس "برحيل الإمام تفقد البلاد علما من أعلام الأمة ورمزا من رموز النضال الوطني وداعية لخير الناس ومناصر للإنسانية ومفكرا بارزا  وسياسيا كبيراً له إسهاماته المشهودة التي تخطي أثرها السودان إلى المحيطين الإقليمي والدولي".

وقال الدكتور جبريل إبراهيم رئيس (حركة العدل والمساواة)، "تلقينا نبأ وفاة الإمام الصادق المهدي، إمام الأنصار ورئيس حزب الأمة القومي، وانتقاله إلى جوار ربه الرحيم الودود، بقلوب مفجوعة، لكنها راضية بقضاء الله وقدره".

وأضاف "البلاد فقدت، والعالم أجمع، قامة سامقة، ووطني غيور، وقلم سيال، ورجل وفاقي رحب الصدر، جم الأدب، عظيم الهمة، واسع المعرفة، موفور التواضع، وقدمت العدل والمساواة بيانا وصفت فيه الأمام بالمفكر والعالم والسياسي البارع الذي لم يلن له عزم، وقدم الكثير من جهد لأجل خدمة الإنسانية والحياة المعاصرة، سيما في السياسة والاقتصاد والفكر الإسلامي".

وبدوره أشاد الطاهر حجر، رئيس تجمع قوى التحرير، بالإمام الصادق المهدي، مؤكدا أنه "كان ساعيا للديمقراطية طوال مسيرته السياسية، ونموذجا للقائد الوطني المكافح المحب لوطنه، ورمزا للحلم والمثابرة.

وتابع حجر "كما قالت حركة وجيش تحرير السودان المجلس الانتقالي إن الإمام عرف بوقوفه ونضاله من أجل الحريات والديمقراطية في البلاد، وبمساهماته الفكرية والسياسية، ووسطيته وجهوده المؤثرة على الساحة السياسية السودانية لسنوات طوال"، معربا عن قناعته بأنه برحيله ستفقد البلاد أحد ساستها وأعمدتها ومفكريها الكبار الذين حملوا لواء السياسة المعتدلة والإسلام الوسطي من دون غلو أو تطرف".

ومن جهته اعتبر رئيس "تيار الوسط"، التوم هجو رحيل الإمام الصادق المهدي خسارة للسودان وللأمتين العربية والإسلامية، قائلا "كان قائدا سياسيا ومفكرا إسلاميا وداعية للوحدة الوطنية".

كما عبر قادة قوى سياسية واجتماعية في السودان عن أسفهم لفقدان قامة سياسية كبيرة.

وتوفي المهدي، ليلة الخميس الماضي، متأثرا بفيروس كورونا المستجد عن عمر يناهز 85 عاما بعد نقله إلى الإمارات مطلع تشرين الثاني /نوفمبر الجاري حالي.

ونقلت طائرة خاصة جثمان المهدي من أبوظبي حيث أقيمت بمطار الخرطوم مراسم تشييع عسكرية بحضور رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول، عبد الفتاح البرهان، وأعضاء مجلسي السيادة والوزراء يتقدمهم، عبد الله حمدوك، رئيس الوزراء.

وفي أم درمان تدافع آلاف الأنصار منتحبين لإلقاء النظرة الأخيرة على المهدي حيث لم تفلح القوات النظامية في السيطرة على الحشود وشقت السيارة التي تحمل النعش طريقها بصعوبة بالغة وسط الجموع إلى أن وصلت قبة المهدي حيث وري الجثمان الثرى بعد الصلاة عليه.

وأعلن مجلس الوزراء الحداد العام لمدة 3 أيام، وجرى تنكيس الأعلام داخل وخارج البلاد.

وبرحيل المهدي راجت كثير من التساؤلات حول خلافته وكذا حول مستقبل العملية السياسية في السودان بعد رحيل زعيم أكبر حزب جماهيري.

أفكارك وتعليقاتك