مؤتمر مقاصد الشريعة الإسلامية يدعو لتأصيل علم جديد للمقاصد وربطها بالأخلاق والقيم

مؤتمر مقاصد الشريعة الإسلامية يدعو لتأصيل علم جديد للمقاصد وربطها بالأخلاق والقيم

أبوظبي ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 07 ديسمبر 2020ء) نظم المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، بالتعاون مع رابطة الجامعات الإسلامية، وجامعة دار السلام في إندونيسيا أمس " الأحد " المؤتمر الدولي الافتراضي " مقاصد الشريعة الإسلامية بين التأصيل الأصولي والتوظيف السياسي "، بمشاركة نحو 30 شخصية رفيعة المستوى من علماء وفقهاء وأكاديميين من دول العالم.

ودعا المؤتمر إلى تأصيل علم جديد للمقاصد يتم تدريسه بطريقة منهجية في الكليات والجامعات الإسلامية يخرج متخصصين في مقاصد الشريعة، لضبط عملية البحث في المقاصد، وتحويلها من موضوع نظري إلى مجال عملي تطبيقي، يحول دون إمكانية توظيفه سياسيا وإيديولوجيا.

وفي كلمته الافتتاحية، أشار معالي الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إلى أهمية اختيار موضوع المؤتمر بسبب توظيف البعض لمقاصد الشريعة في خدمة أجندات سياسية، ولأن المؤتمر ينظر في التحديات التي تواجه المجتمعات المسلمة في العالم، في ضوء تجاوز بعض منتسبي العلم المصالح العليا للمقاصد بإصدار فتاوى، بدلا من أن تكون هذه الأعمال في خدمة الدين الإسلامي الحنيف.

(تستمر)

ودعا معاليه إلى ضرورة توعية طلبة العلم بأهمية مقاصد الشريعة بعيدا عن الأجندات السياسية، والتأكيد على مسؤولية الجامعات الإسلامية في تدريس هذه المقاصد ضمن مناهجها، ليتصف خريجوها بالحكمة والتوازن والفقه لخدمة المسلمين بكل مكان " .

من جانبه أكد الدكتور أسامة العبد، أمين عام رابطة الجامعات الإسلامية، أن القضايا المعاصرة بحاجة لنظر دقيق وفكر واع ومعرفة بمقاصد الشريعة لجلب المصالح ودرء المفاسد، فالموضوع بحاجة لذوي الفطنة والإدراك دون انحراف عن النصوص الشرعية والتأكيد على صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، موضحا أن موضوع المقاصد يأتي في إطار حركة الإحياء الحضارية والتجديد، و"المقاصد روح الأعمال" كما يقول الإمام الشاطبي.

وشدد الدكتور قطب سانو، أمين عام مجمع الفقه الإسلامي الدولي، على أهمية المؤتمر في كونه يسعى لتمكين الأمة الإسلامية من استعادة عافيتها الحضارية ودورها الريادي في شتى المجالات، موضحا أن مقاصد الشريعة هي مستقبل وواقع وتطلعات وقدرة الإسلام على إعادة الريادة في كل مجالات المعرفة والعلوم، فهذه المقاصد تحقق أهدف الشريعة الإسلامية وتعاليمها على أرض الواقع.

ونوه الدكتور أمل فتح الله زركشي، رئيس جامعة دار السلام كونتور في إندونيسيا، إلى ضرورة توسيع دائرة مقاصد الشريعة الإسلامية لتشمل حفظ السمعة والعدل الشامل والمساواة وحرية الممارسة السياسية، داعيا للعمل لتحقيق المقصد الأسمى للشريعة الإسلامية وهو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه، ودراسة مقاصد الشريعة الإسلامية لفهم الأحكام النصية من القرآن والسنة.

بدوره قال الدكتور محمد البشاري، الأمين العام للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، إن العلماء اجتمعوا على الكليات المقاصدية الخمس وهي حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ النسل، أو النسب، وحفظ والمال، مع التطرق للمصالح الضرورية، والحاجية، والتحسينية، وأن علم المقاصد من الآليات الحاسمة والدقيقة التي يبنى عليها الفقه الإسلامي.

وفي نهاية الفعالية، توصل المؤتمرون إلى 12 توصية وهي : الرصد العلمي الدقيق لتطور الدرس المقاصدي في تاريخ المسلمين وتأصيل علم جديد للمقاصد؛ يتم تدريسه بطريقة منهجية في الكليات والجامعات الإسلامية وإعادة المقاصد إلى موضعها الأخلاقي المتعالي، وهو أن تكون ميزانا لتوجيه بوصلة الفقه الإسلامي وتحرير المقاصد من كل محاولات التوظيف العقائدي والطائفي والسياسي لتبرير مواقف وأفعال لا يمكن تبريرها بموازين الفقه المنضبط وتطوير منهجية شاملة لتجديد الخطاب الإسلامي تقوم على ربط جميع مكونات التفكير الديني خصوصا الفقهي منه بمقاصد الشريعة.

ومن بين التوصيات إدماج التفكير المقاصدي في مناهج التعليم العام لتفكيك الخطاب الديني النصوصي وتحويل المقاصد إلى مكون أساسي في الثقافة الإسلامية عند عوام المسلمين والاستفادة من الاجتهادات المقاصدية لمواجهة تداعيات جائحة "كوفيد 19" والدعوة لتأسيس فقه خاص بالمجتمعات المسلمة في الدول غير المسلمة يقوم على فهم منضبط للمقاصد وإعادة فهم العلاقة بين المسلمين وغيرهم من منظور المقاصد العليا للشريعة وتحقيق الربط المنهجي المنضبط بين مقاصد الشريعة والعلوم الاجتماعية والإنسانية والدعوة لتأسيس وحدة بحثية مشتركة بين المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة ورابطة الجامعات الإسلامية.

وسعى المؤتمر إلى تحقيق عدة أهداف، منها تحرير موضوع المقاصد من خلال رصد وتحليل تطورات الفكر المقاصدي من الشاطبي حتى علال الفاسي وابن عاشور، والفصل والتمييز الدقيق بين تأصيل المقاصد وتوظيفها وتسييسها، وكذلك تحديد دور المقاصد في عمليات الاجتهاد الفقهي، والتنزيل العملي على مستوى الفتاوى والأحكام، ورصد التكامل المعرفي بين مقاصد الشريعة وباقي العلوم وضبط الحدود التوظيفية لكليهما، بالإضافة إلى تيسير الفهم المقاصدي ليسهم في صناعة فتاوي تستجيب لاحتياجات المجتمعات المسلمة.

جدير بالذكر أن المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة منظمة دولية غير حكومية، يتخذ من العاصمة الإماراتية أبوظبي مقرا له، حيث يعتبر بيت خبرة لترشيد المنظمات والجمعيات العاملة في المجتمعات المسلمة، وتجديد فكرها وتحسين أدائها من أجل تحقيق غاية واحدة؛ وهي إدماج المجتمعات المسلمة في دولها؛ بصورة تحقق لأعضائها كمال المواطنة وتمام الانتماء للدين الإسلامي.

أفكارك وتعليقاتك