المغرب في 2020: حرب في الصحراء انتهت باعتراف أمريكي وتطبيع إسرائيلي

المغرب في 2020: حرب في الصحراء انتهت باعتراف أمريكي وتطبيع إسرائيلي

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 29 ديسمبر 2020ء) عاش المغرب أحداث فارقة في عام 2020 فرغم تأثيرات جائحة كورونا وحالة الإغلاق العام التي عانى منها المغرب اكثر من أي بلد عربي بسبب انتشار الفيروس بشكل كبير في البلاد، فقد شهد المغرب وقائع مهمة وتحولات كبيرة لعل أهمها العملية العسكرية التي قام بها الجيش في الصحراء والتطبيع مع اسرائيل مقابل اعتراف امريكي بمغربية الصحراء.

وكباقي دول العالم عانى المغرب من جائحة كورونا اقتصاديا واجتماعيا وبسبب موقعه الجغرافي القريب من أوروبا أضافه إلى أعداد المغتربين الذين عادوا إلى بلادهم بعد ظهور الفيروس سجل المغرب نسبة إصابات مرتفعة ووفيات متزايدة، ودخل مرحلة الإغلاق العام والحجر الصحي وهو الأطول من نوعه عالميا في الـ 20 من آذار/ مارس ولمدة 3 اشهر بتوقيف حركة الطيران وإغلاق المدارس والمتاجر والأسواق والمصانع حيث أصبح الخروج من المنازل يستلزم التوفر على رخصة التنقل الاستثنائية، وهي المرة الأولى في تاريخ المغرب التي يتم فيها أغلاف منافذ المدن وتحديد حركة التنقل والخروج ل�

وساعد التزام المغاربة والمبادرات الحكومية في الحد من انتشار الجائحة حيث استقرت أرقام الإصابات لفترة من الزمن، خاصة مع مبادرة الملك محمد السادس لإحداث صندوق كورونا وتخصيص دعم للأشخاص الذين يشتغلون بالقطاع غير النظامي ولمختلف الفئات الاجتماعية.

(تستمر)

غير أن حلول العطلة الصيفية والاحتفال بعيد الأضحى رفع أعداد الإصابات إلى مستويات قياسية وظلت نسبة الاصابة بالفيروس مرتفعة لباقي أشهر عام 2020، وبلغت اعداد المصابين في نهاية العام أكثر من 430 الف إصابة وأكثر من 7200 حالة وفاة، ويستعد المغرب لبدء حملة التلقيح ضد فيروس كورونا بعد ان اقتنى 36 مليون جرعة لقاح من الصين.

قام الجيش المغربي بعملية عسكرية على مشارف الحدود الجنوبية لطرد عناصر من جبهة "البوليساريو" التي تنادي باستقلال الصحراء عن المغرب، من معبر "الكركرات" الحدودي مع موريتانيا والذي عمدت عناصر البوليساريو إلى إغلاقه لأكثر من 3 أسابيع، بحجة انه غير قانوني.

واجبر تدخل الجيش الأول من نوعه منذ التوقيع على وقف اطلاق النار في الصحراء مطلع التسعينيات، عناصر جبهة البوليساريو على الانسحابِ من المعبر حيث قام الجيش باقفال جميع الفجوات التي تتسلل منها عناصر البوليساريو وإنشاء جدار أمني على طول 10 كيلومترات لمنع أي دخول إلى المنطقة منزوعة السلاح.

ورغم ان المغرب اكد ان العملية تهدف الى "إعادة إرساء حرية التنقل" المدني والتجاري في المنطقة، وطرد عصابات تقوم بعرقلة حركة تنقل الأشخاص والبضائع على هذا المحور الطرقي، ردت البوليساريو بشن غارات على وحدات الجيش المغربي قرب معبر "الكركرات" لم تخلف أية خسائر في الارواح، واتهمت "المغرب بانتهاك وقف إطلاق النار"، قبل ان تعلن لاحقا إنتهاء العمل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع الرباط عام 1991.

واثارت العملية ردود افعال متباينة واعادت الجدل حول وضعية معبر "الكركرات" وقضية الصراع في الصحراء، فبينما اعلنت غالبية الدول العربية والاوربية عن تضامنها ووقوفها إلى جانب المغرب في حماية أراضيه، عقب العملية العسكرية التي قام بها الجيش المغربي، دعت دول اخرى الى اعادة النظر في قضية الصحراء والدفع بالاطراف لايجاد حل لهذا الصراع الذي طال امده.

ويعتبر المغرب تحركات البوليساريو في منطقة الكراكرات "استفزازية الغرض منها تغيير الوضع في المنطقة وزعزعة الاستقرار وانتهاك للاتفاقيات العسكرية كما تهدد استدامة وقف إطلاق النار وتقوض إطلاق العملية السياسية التي ينشدها المجتمع الدولي".

ويقترح المغرب منحها حكما ذاتيا واسعا للمحافظات الصحراوية مع حكومة وبرلمان محليين تحت سيادته، ولكن حركة البوليساريو (جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) ترفض هذا المقترح وتطالب بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي.

التطبيع والاعتراف الأمريكي

فاجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم بالإعلان عن اتفاق المغرب وإسرائيل على اقامة علاقات ديبلوماسية كاملة واصفا الامر بانه "انجاز تاريخي".

واعلن ترامب ان الولايات المتحدة الامريكية قررت الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء وكتب ترامب في تغريدة له على حسابه بموقع تويتر "لقد وقعت اليوم على إعلان يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية"، ووصف ترامب مقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب كحل لمشكلة الصحراء بانه "جاد وواقعي وهو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لتحقيق السلام الدائم والازدهار!". واضاف ترامب "لقد اعترف المغرب بالولايات المتحدة عام 1777. ومن ثم فإنه من المناسب أن نعترف بسيادتهم على الصحراء الغربية".

ولاقى القرار الامريكي ترحيبا كبيرا في المغرب واعتبره العاهل محمد السادس "دعم صريح ومطلق لمغربية الصحراء.. وموقف يعزز الشراكة الاستراتيجية القوية بين البلدين والارتقاء بها إلى تحالف حقيقي يشمل جميع المجالات".

واعلنت الولايات المتحدة بعد ذلك انها قررت فتح قنصلية بمدينة الداخلة كبرى مدن الصحراء، وعرضت السفارة الامريكية بالرباط خريطة للمغرب تتضمن محافظات الصحراء التي تتنازع الرباط والبوليساريو السيادة عليها.

بالمقابل قرر العاهل المغربي محمد السادس "استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الديبلوماسية مع اسرائيل"، خلال اتصال هاتفي بترامب، واستقبل لاحقا وفدا امريكي اسرائيلي برئاسة صهر ترامب ومستشاره غاريد كوشنير، ورئيس المجلس الأمني القومي مائير بن شبات، تم خلالها التوقيع على اتفاقية تطبيع بين البلدين تنص على الترخيص للرحلات الجوية المباشرة بين المغرب وإسرائيل، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة.

وقالت الحكومة المغربية ان التطبيع مع اسرائيل لا يمس بأي حال من الأحوال، الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة، وانخراطه البناء من أجل إقرار سلام عادل ودائم بمنطقة الشرق الأوسط.

ويعتبر المغرب الدولة العربية الرابعة التي تعلن عن اتفاق تطبيع مع إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد الإمارات، البحرين والسودان، والسادسة منذ اعلان دولة اسرائيل، كما انه البلد المغاربي الوحيد الذي يقيم علاقات مع إسرائيل، بعد أن قطعت موريتانيا علاقاتها مع تل أبيب في 2010.

ولاقى قرار التطبيع مع اسرائيل والاسراع في خطوات استقبال الوفد الاسرائيلي والمباحثات الهاتفية بين محمد السادس ونتنياهو، ردود افعال رافضة من قبل بعض الهيئات الإسلامية والقومية في المغرب.

حوار ليبي ورحيل فنانين وجرائم

شهد المغرب في عام 2020 جرائم هزت الرأي العام من بينها حادثة اختطاف وقتل الطفلتين نعيمة وإكرام، وواقعة اختفاء واغتصاب الطفل عدنان والعثور عليه جثة هامدة في حديقة خلف منزل عائلته.

ومن بين الاحداث السياسية الهامة التي شهدها المغرب نجاح الديبلومسية المغربية في جمع الفرقاء الليبيين لأول مرة منذ خمس سنوات في لقاءات "بوزنيقة" والتي استمرت اكثر من اسبوع تم خلال الاتفاق على وضع المعايير لتقاسم المناصب السيادية، ثم اجتماع نواب ليبيا نهاية أكتوبر في مدينة طنجة لتوحيد برلمان البلاد.

وشهد عام 2020 جمودا اقتصاديا غير مسبوق في المغرب بسبب تداعيات أزمة كوفيد-19، ما دفع الحكومة الى الاسراع بوضع برامج الدعم الاقتصادي والاجتماعي بهدف إنقاذ القطاعات الاقتصادية ودعم المواطنين الاكثر تضررا والذين انهكتهم الأزمة الصحية، وذلك بإحداث صندوق خاص بتدبير جائحة كورونا بلغ إجمالي المبالغ التي تم تجميعها 33.7 مليار درهم مع نهاية تموز/ يوليو الماضي.

وقدم الصندوق منحا شهرية للمواطنين العاملين في القطاع غير المهيكل كما قدم تعويضات عن المرض والبطالة، ومنح تسهيلات للمقاولات المتضررة من حالة الاغلاق العام.

واعلن العاهل المغربي محمد السادس عن إنشاء صندوق للاستثمار يحمل اسمه بغلاف مالي يبلغ 15 مليار درهم (1.6 مليار دولار)، ويهدف الى المساهمة في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى، ودعم رؤوس أموال الشركات والأنشطة الإنتاجية، بما يتماشى مع الاستراتيجيات القطاعية والسياسات العمومية، ودعم ومواكبة الانتعاش التدريجي للاقتصاد، والحفاظ على مناصب الشغل وتحفيز إنعاش النشاط الاقتصادي.

وشهد عام 2020 رحيل شخصيات بارزة في مختلف المجالات من بينهم رئيس أول حكومة تناوب توافقي في المغرب عبد الرحمان اليوسفي عن عمر يناهز 96 عاما، والممثلة والوزيرة السابقة ثريا جبران، والمؤرخ عبد الرحمن المؤذن، والوزير السابق محمد الوفا، والسياسي المحجوبي أحرضان، والمذيع صلاح الدين الغماري، إضافة إلى عدد من الممثلين من بينهم عبد الجبار لوزير، أنور الجندي، عزيز سعد الله، والمطرب محمود الادريسي.

أفكارك وتعليقاتك