حصاد فرنسا 4 – احتدام الجبهة الداخلية على وقع مشروع قانون "الأمن الشامل"

حصاد فرنسا 4 – احتدام الجبهة الداخلية على وقع مشروع قانون "الأمن الشامل"

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 31 ديسمبر 2020ء) أسامة حريري. تأثرت فرنسا كما بلدان أخرى بموجة المظاهرات التي عمّت الولايات المتحدة على خلفية قضية مقتل جورج فلويد الأمريكي من أصول أفريقية الذي قضى خنقاً بعد أن داس شرطي على عنقه أثناء تثبيته أرضا في مينيابولييس شهر أيّار/مايو الماضي​​​. ونظمت في العاصمة باريس شهر حزيران/يونيو عددا من المظاهرات المنددة بـ"عنف الشرطة" الفرنسية بعد سلسلة اعتقالات قامت بها الشرطة مستخدمة العنف.

هذا ووعد وزير الداخلية السابق كريستوف كاستانير آنذاك باتخاذ قرارات من شأنها أن تحسّن "أخلاقيّات" مهنة الشرطة وذلك بهدف مكافحة "العنصرية المتفشية لدى بعض عناصر قوات الأمن والشرطة. إلا أن الجدل حول "عنف الشرطة" تحول إلى فضيحة هزت الرأي العام بعد نشر أحد المواقع الإخبارية لشريط مصور شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي يظهر عناصر من الشرطة وهم يتعرضون بالضرب المبرح لمنتج موسيقي في مكان عمله.

(تستمر)

وزاد الجدل حدة حول مسألة عنف الشرطة ليصبح مواجهة بين السلطات والصحافيين بعد إصرار حكومة الرئيس ماكرون على إقرار قانون "الأمن الشامل" مع الحفاظ على المادة 24 منه

والتي بموجبها تتم معاقبة كل من يصور الشرطة أو ينشر صورهم.

عناصر من الشرطة يعتدون بالضرب على المنتج الموسيقي ميشيل زيكلر

هزت فضيحة ضرب الشرطة للمنتج الموسيقي الفرنسي من أصول أفريقية ميشيل زيكلر الرأي العام بعد نشر موقع "لوبسايدر"شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لشريط مصور يظهر استخدام الشرطة للعنف المفرط بحق زيكلر. وفي التفاصيل قام ثلاثة عناصر من الشرطة بضرب زيكلر مما أدى لإصابته بكسور في جسده وجراح في الوجه وقد وُثقت الحادثة في مقطع فيديو سجلته كاميرات المراقبة. وعمد عناصر شرطة على اقتحام ستوديو المنتج الموسيقي ميشيل زيكلر بحجة عدم ارتدائه للكمامة قبل أن ينهالوا عليه بالضرب المبرح والشتائم على الرغم من عدم محاولته التعدي عليهم. ويقول ميشيل زيكلر الذي لم يتو

قف عن الصراخ "أنقذوني أنقذوني" إن عناصر الشرطة شتموه قائلين "أيها الزنجي النجس" وإنه أحس لوهلة أنه يعيش لحظاته الأخيرة.

المادة 24 من مشروع قانون الأمن الشامل ومظاهرات الصحافيين

أثار مشروع قانون الأمن الشامل الذي تسعى السلطات إلى إقراره بهدف "حماية عناصر الشرطة من التهديدات الإرهابية ومكافحة الإرهاب بنجاعة أكبر"، أثار غضبا لدى أحزاب اليسار ولكن أيضا لدى الصحافيين والمدافعين عن حرية التعبير والصحافة. وتنص المادة 24 من هذا القانون على معاقبة كل من يصور عناصر الشرطة أو ينشر صورهم وهو أمر أثار حفيظة الصحافيين الذين رأوا بالمادة تكبيلا لحريتهم في التصوير وكشف الحقيقة.                                                                                                                              وعلى مدى ثلاثة أسابيع متتالية بين شهري نوفمبر ود�

�سمبر تظاهر آلاف الصحافيين والحزبيين والمدافعين عن حقوق الإنسان وحرية الرأي في كامل أنحاء فرنسا تنديدا بمشروع قانون الأمن الشامل والمادة 24 منه مما أجبر السلطات على تعليق المادة 24 بهدف إجراء تعديلات عليها.

أحداث متنوعة على الصعيد الداخلي / التعديل الحكومي

عين الرئيس ماكرون في الثالث من تمّوز/يوليو الماضي جان كاستيكس في منصب رئيس الوزراء خلفاً لإدوار فيليب الذي قدّم استقالته في نفس اليوم. وعُرف جان كاستيكس في فرنسا مؤخراً تحت اسم "السيد المسؤول عن رفع الحجر الصحي" حيث أوكل رئيس الجمهورية إليه مهمة تنسيق عملية الخروج من الحجر الصحي في الثاني من نيسان/أبريل الماضي. هذا وتجدر الإشارة إلى أن كاستيكس ينتمي إلى اليمين الفرنسي اسوةً بإدوار فيليب.

ولعلّ أبرز تعديل طرأ على الحكومة الجديدة هو تعيين جيرالد دارمانان المحسوب على اليمين وزيرا للداخلية خلفا لكريستوف كاستانير المحسوب على الجناح اليساري. ويرى محللون أن ماكرون يسعى في ما تبقى من ولايته إلى استمالة أكبر عدد ممكن من مصوتي أحزاب اليمين وقد تبين ذلك خاصة مع تعيين دارمانان وزيرا للداخلية وإعطائه حيزا أكبر في سياساته للمسائل الأمنية.

تقدم "الخضر" في الانتخابات البلدية الفرنسية

شكّلت الانتخابات البلدية الفرنسية، التي نُظّمت دورتها الثانية في 28 من حزيران/يونيو الماضي، خيبة أمل كبيرة للرئيس إيمانويل ماكرون وحزبه الحاكم "الجمهورية إلى الأمام". ولم يستطع الحزب الموالي لماكرون أن يفوز بأية بلدية في المدن الكبرى مما شكل صفعة سياسية له.

ولعلّ المفاجأة الكبرى في تلك الانتخابات هي التقدّم الملحوظ الذي حقّقه حزب الخضر (أوروبا إيكولوجيا الخضر) إذ فاز بعدد من البلديات في مدن كبرى كانت في السابق معقلا للاشتراكيين أو اليمين مثل مدن ليون (ثالث أكبر مدينة في فرنسا) وبوردو وستراسبورغ وبواتييه. هذا واستطاعت رئيس بلدية باريس الاشتراكية آن إيدالغو الحفاظ على منصبها لكي تترأس بلدية العاصمة لست سنوات مقبلة.

محاكمة تاريخية للضالعين في اعتداءات عام 2015

أصدر القضاء الفرنسي أحكاما تتراوح بين الحبس 4 سنوات والمؤبد بحق 14 مدانا اتهموا بالضلوع في الهجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو" ومحل المأكولات اليهودية و"مونروج" في باريس عام 2015 بعد محاكمة استمرت ثلاثة أشهر.

وبدأت أحداث الاعتداءات في السابع من كانون الثاني/يناير عام 2015 عندما قام الأخوان كواشي (شرف وسعيد كواشي) بمهاجمة مكتب مجلة "شارلي إيبدو" الساخرة وقتلوا 12 شخصا فيها معظمهم صحافيين قبل أن يلوذا بالفرار. وبعد ثلاثة أيام من الملاحقة استطاعت الشرطة محاصرة الأخوين كواشي في مطبعة في ضاحية باريسية والقضاء عليهما بعد أن رفضا الاستسلام. وفي عملية مرتبطة قام آميدي كوليبالي وهو شريك للأخوين كواشي بقتل شرطية في مونروج جنوب العاصمة باريس في الثامن من كانون الثاني/يناير قبل أن يلوذ هو الآخر بالفرار. وبعد يوم على فراره أقدم كوليبالي على مهاجمة متجر للمأكول

ات اليهودية "إيبير كاشير" في منطقة بورت دو فانسي نشرق العاصمة حيث قتل أربعة أشخاص من الطائفة اليهودية قبل أن تقضي عليه الشرطة.

وفاة الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان

توفي ليل الأربعاء 2 كانون الأول/ديسمبر الرئيس الفرنسي الأسبق فاليري جيسكار ديستان عن عمر 94 عاما بعد معاناته مع مرض فيروس كوفيد-19 الذي أصابه شهر أيلول/سبتمبر الماضي. وعاش فاليري جيسكار ديستان حياة مليئة بالأحداث التاريخية الكبرى هو الذي شارك عام 1944 في تحرير باريس من الاحتلال النازي عندما كان يبلغ من العمر 18 عاما.  وفاز ديستان عام 1974 بفارق ضئيل على منافسه فرنسوا ميتيران برئاسة الجمهورية وهو يبلغ من العمر 48 عاما ليصبح بذلك أصغر رئيس في الجمهورية الخامسة. وعرف عهد جيسكار ديستان عدداً من الإصلاحات التي غيرت وجه فرنسا حيث تم خفض سن الرشد من 21 إلى 1

8 عاما كما تم على عهده منع تجريم الإجهاض بفضل قانون وزيرة الصحة النسوية سيمون فايل. وفي عام 1981 ترشح فاليري جيسكار ديستان لولاية ثانية إلا أن الحظ لم يحالفه هذه المرة في وجه خصمه الاشتراكي فرنسوا ميتيران.

أفكارك وتعليقاتك