أصوات تناشد حكومة موزمبيق بوضع حلول لأوضاع النازحين من بالما

أصوات تناشد حكومة موزمبيق بوضع حلول لأوضاع النازحين من بالما

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 30 مايو 2021ء) تابيسو ليوكو. لا يزال المئات من الناجين من أماكن مختلفة مثل بالما، وموسيمبوا دا برايا، وكيسانغا، وماكوميا، ومناطق أخرى شمال مقاطعة كابو ديلغادو في موزمبيق في حالة نزوح، وذلك بسبب الهجمات المسلحة التي يشنها متشددون على تلك المناطق​​​.

ويأمل هؤلاء النازحون في الحصول على مساعدة السلطات المختصة في موزمبيق، إلا أن انتظارهم قد طال، فبدأوا يفقدون هذا الأمل، في الوقت الذي ينام معظمهم على الشاطئ والأماكن الشاغرة الأخرى في بيمبا.

علاوة على ذلك، أصبح النازحون من بالما والمناطق المدمرة الأخرى مصدر إزعاج لسكان بيمبا الأصليين.

ويقول كبير المستشارين لشؤون جنوب إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، بيرس بيغو، لوكالة سبوتنيك إن "ثمة تحديات خطيرة، وأن حجم ونطاق الجانب الإنساني من الأزمة في موزمبيق مقلق للغاية".

(تستمر)

وأضاف بيغو لوكالة سبوتنيك إن "الغالبية العظمى من المجتمعات التي تستضيف هؤلاء النازحين في الشمال لا تتلقى المساعدة، والبعض الآخر يزداد غضبا، وهذا يؤدي إلى التوترات في المجتمعات، والمطالبة بإيجارات، والاستغلال الجنسي".

هذا وتجاوز عدد النازحين داخليا 800 ألف شخص، وفي طريقهم لبلوغ المليون. وتبرز الأزمة الإنسانية المتنامية في وقت تخفض فيه الوكالات حصص الإعاشة، لأنها لم تجمع الأموال الكافية للتعامل مع هذا الأمر.

أما فيما يتعلق بالمأساة النفسية التي يعانيها هؤلاء النازحون الناجون من هجوم بالما، فقد أعرب أحد النازحين من بالما ويدعى "نافالوم سايد" في حديثه لسبوتنيك عن أسفه إزاء محنتهم قائلا "لقد مر 60 يومًا على المأساه والمستقبل يبدو قاتما"، مضيفا "ننام هنا في العراء مع أطفالنا".

فيما قالت أنشا باكار، 25 عامًا، وهي نازحة أيضا إنها مرت بأسوأ تجربة في حياتها منذ قطع رأس زوجها على يد المتشددين، مشيرة إلى أنه "عندما عُثر على جثة زوجي لم نجد أحشائه وبعض أعضاءه، ربما تم أخذها لبعض الطقوس أو الوظائف الأخرى".

وأكدت باكار في حديثها لسبوتنيك "قطعوا رأس زوجي وفتحوا بطنه وأخذوا جزءًا من حلقه وأعضاء أخرى، ولم يتم العثور على أعضاءه التناسلية أيضا".

وتابعت "لقد انهرت تماما عندما رأيت ذلك وظللت أبكي، لأنني لم أجد طريقة أخرى للتعبير عن ألمي سوى البكاء".

أما عن أسرتها فقالت "إنني أشعر بالأسى لأنني لا أعرف شيئا عن ابنتيَّ منذ هجوم بالما، إنني عثرت فقط على ابني وأخي لأننا التقينا مؤخرًا".

وحول ظروف الفارين، قالت باكار إن أقاربها الذين نجوا من الطلقات النارية والسيوف التي كانت تلاحقهم، غرقوا بعد تحطم سفينتهم التي لجأوا إليها أثناء محاولتهم الهروب من الهجمات على بالما.

وتابعت باكار "الكثير من أفراد عائلتنا وأصدقائنا وجيراننا، اختطفهم المتمردون، وأدعو الحكومة إلى إنقاذهم وإعادتهم إلى حياتنا مجددا. عدم سماع أخبار عنهم أمر مقلق ومحزن لنا. كما نريد من الحكومة أن تزودنا بالطعام، والملابس، ومواقع أفضل يمكننا العيش فيها".

لقد أصبحت التأثيرات النفسية للصراع أكثر وضوحا لدى النازحين في بيمبا، حيث يعاني البعض من اضطرابات نفسية نتيجة الصدمة الشديدة للحرب.

فقد صرح يوسين فوم، وهو رجل نبيل يقيم في بيمبا، قام بإيواء 15 لاجئًا في فناء منزله، لسبوتنيك قائلا "هؤلاء النازحين أصبحوا مرضى نفسيين. السيدات رأين أزواجهن وأطفالهن يتعرضن للقتل على أيدي الإرهابيين".

فيما أكد نازح آخر من بالما يدعى وزير أنلي لسبوتنيك أنه "لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك نريد العودة إلى أماكننا الأصلية، نحن مرضى وبدون طعام كاف وننام في العراء والأسوأ من ذلك كله دون أمل في أن نعود ذات يوم إلى مواطننا الأصلية لأن الحكومة لا يبدو أنها معنية بحل مشكلتنا".

وتابع آنلي "ندعو حكومة موزمبيق إلى طلب الدعم من الدول الأجنبية، لتكون قادرة على قتال المتمردين في ظل عدم قدرة الجيش على القيام بذلك. كما أنه من المهم للحكومة أن تدرك أن حياتنا لم تعد كالتي كنا نعيشها في الأماكن التي ولدنا فيها".

وأوضح "نجد معاملة سيئة هنا في بيمبا، ولا يوجد طعام لدينا، لذلك من المهم أن تطلب الحكومة المساعدة من الدول الغنية وبالتالي ستكون قادرة على تزويدنا بملاجئ ملائمة خلال الفترة التي نتواجد فيها هنا".

وعن المساعدة النفسية والوجدانية المقدمة للناجين، تقول كبيرة مسؤولي العلاقات الخارجية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في موزمبيق، فرانشيسكا فونتانيني، لسبوتنيك  إنهم كانوا يراقبون ويساعدون العائلات النازحة التي تصل إلى بيمبا.

وتابعت أنه "منذ بداية الأزمة في آذار/مارس، تراقب هيئة الأمم المتحدة وتساعد بشكل مباشر العائلات الفارة من بالما في الميناء المحلي وفي مطار بيمبا".

وأوضحت فونتانيني، "تعطي المفوضية الأولوية للأشخاص الذين يعانون من نقاط ضعف شديدة واحتياجات محددة، وتحيلهم إلى مقدمي الخدمات الأساسية، بما في ذلك الأطفال غير المصحوبين والمنفصلين عن ذويهم، والناجين من العنف الجنسي، والنساء الحوامل، والأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن".

وأشارت إلى أنه "فيما يتعلق بوحدات الحماية العاجلة في بيمبا، تشارك المفوضية في الوحدات الأربع التي أنشأتها مجموعة الحماية في المطار والميناء في بيمبا، لتوفير خدمات الحماية المباشرة في حالات الطوارئ والإحالات للعائلات الفارة من العنف في بالما".

وقالت المسؤول الأممية "إن كل وحدة تتكون من خمسة موظفين تقنيين من منظمة (آفسي) [المعنية بمشروعات التنمية] والمنظمة الدولية للهجرة ومنظمة أنقذوا الأطفال ومفوضية اللاجئين واليونيسيف المتخصصة في الحماية العامة وحماية الطفل والعنف القائم على النوع الاجتماعي والصحة العقلية والدعم النفسي والاجتماعي".

ووفقا لفونتانيني، "تقوم وحدات الحماية حاليًا بتحديد وإحالة الحالات ذات الاحتياجات المحددة، وإنشاء خرائط خدمات الطوارئ، وتوفير معلومات الحماية الرئيسية، ورسائل الحماية الرئيسية للوافدين الجدد، بالإضافة إلى تعميم الحماية، بما في ذلك السلامة الجسدية، عبر الاستجابة للطوارئ".

هذا وعقدت قمة طارئة لمجموعة التنمية في الجنوب الأفريقي (سادك) بمدينة مابوتو في موزمبيق في 27 أيار/مايو الجاري، وافتتحت بواسطة رئيس موزمبيق فيليبي نيوسي الذي تترأس بلاده حاليا مجموعة (سادك).

وتلقى المشاركون في القمة تقريرا حول الموقف الأمني في مقاطعة كابو ديلغادو شمالي موزمبيق، وأكد بيان للقمة على التضامن مع حكومة موزمبيق وشعبها واستمرار الجهود في مواجهة الإرهاب وضمان استمرار السلام والأمن في موزمبيق، التي يمثل عدم الاستقرار فيها تهديدا لمنطقة الجنوب الأفريقي بشكل عام.

وأوضح البيان أن "القمة أشارت إلى أن هناك تقدم في محاولات التوصل إلى حل دائم لمكافحة الإرهاب وأعمال العنف المتطرف في كابو ديلغادو، بجانب النظر في تقديم استجابة إقليمية لدعم جمهورية موزمبيق".

كما اتفق الحضور على عقد قمة أخرى غير عادية بحلول الثاني من الشهر المقبل في موزمبيق لمتابعة التطورات بهذا الشأن.

جدير بالذكر، أن مدينة بالما تعد مركزا لمشاريع الغاز الطبيعي التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، وتعرضت لهجمات من متمردين متطرفين في آذار/مارس الماضي، مرتبطين بتنظيم داعش الإرهابي [المحظور في روسيا] وعدد كبير من دول العالم. وتم إجبار أكثر من 30 ألف شخص على النزوح وترك منازلهم جراء الهجمات.

ويشغل الفارون من جحيم بالما مناطق خالية في منطقة بيمبا الساحلية، عاصمة مقاطعة كابو ديلغادو التي تتعرض مناطق فيه لهجمات من متطرفي حركة الشباب التابعة لتنظيم داعش [الإرهابي المحظور في روسيا وعدد كبير من دول العالم].

ويحمل المسلحون المتطرفين اسم الشباب ولكن لا صلة لهم بحركة الشباب في الصومال.

وبلغ عدد النازحين بسبب الهجمات في كابو ديلغادو من متطرفي "الشباب" أكثر من 700 ألف شخص.

وزادت في مقاطعة كابو ديلغادو منذ تشرين الأول/أكتوبر 2017، بشكل مطرد، الهجمات التي تشنها جماعة الشباب المسلحة، والتي يقول محللون إنها تتغذى على السخط السياسي والديني والاقتصادي المحلي. وغالبا ما يتعرض النساء والأطفال لخطر الاختطاف.

ولدى المسلحين القدرة على الاستيلاء على المدن، مما يؤدي إلى نزوح العديد من سكان مقاطعة كابو ديلغادو.

أفكارك وتعليقاتك