السياحة و الترحال في الإمارات .. تاريخ ينبض بالحياة و تراث محفوظ في القلوب والعقول

السياحة و الترحال في الإمارات .. تاريخ ينبض بالحياة و تراث محفوظ في القلوب والعقول

أبوظبي ( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ ‎‎‎ 04 يونيو 2021ء) تعد " السياحة و الترحال " جزءا أصيلا من مكونات تراث دولة الإمارات العربية المتحدة .. و الماضي القريب والبعيد و صفحات التاريخ تؤكد أنهما قدم وجود الإنسان في هذه المنطقة.

و جيل اليوم في مثل هذا الوقت من كل عام و مع قدوم فصل الصيف و بداية موسم الإجازات يمضي بعض وقته في المفاضلة بين زيارة إحدى الوجهات العصرية التي تزخر بها الإمارات و التي باتت مقصد المواطنين والمقيمين والسياح من أنحاء العالم أو شد الرحال إلى الشواطئ و المقاصد السياحية العالمية.

و زيارة أحد تلك المزارات والمقاصد السياحية داخل الامارات أو خارجها يحرك الحنين و الشوق لدى جيل الشباب لمعرفة تفاصيل السياحة و الترحال في الماضي خاصة "المقيظ" و تبديل مكان الإقامة صيفا كنوع من الاحتيال على الحر اللافح برحلة سنوية يقوم بها سكان الساحل وصولا إلى المزارع عبر الصحاري أو الاستقرار في بعض الأودية ذات الظلال الوارفة والبعض يفضل الوصول الى قمم الجبال العالية.

(تستمر)

و رغم مزايا الحياة الحديثة و رغد العيش لايزال موسم المقيظ يحتل مكانة مهمة في ذاكرة و نفوس كبار المواطنين الذين يؤكدون أن فصل الصيف هو موسم سياحي منذ القدم و كلمة "القيظ" تعني عند سكان الامارات المصيف وفقا للمواطن راشد محمد المزروعي.

و يقول المزروعي: " تعتبر المصايف في الإمارات من أجمل المقاصد السياحية منذ قرن تقريبا حيث تشد الرحال إلى مناطق تواجدها مثل واحات منطقة الظفرة ومدينة العين ومصفوت وحتا والخوانيج ومناطق الشارقة والمناطق الجبلية في رأس الخيمة مثل خت وغليلة والحيل ومعيريض وشعم بالإضافة إلى دبا ومسافي في المنطقة الشرقية وصولا الى رؤوس الجبال.

ويوضح أن المقيظ رحلة سياحية ابتكرها الإماراتيون قديما للانتقال من الأماكن الحارة صيفا إلى الأماكن الأكثر برودة للاستجمام بعيدا عن القيظ وشدة حرارته و الاستمتاع بالنسمات العليلة والظلال الوارفة في واحات النخيل ومياه الأفلاج العذبة وفواكه الصيف اليانعة.

و يضيف: "لا تزال ذاكرة الرعيل الأول من الإماراتيين مثقلة بتراث السياحة و الترحال و قدوم فصل الصيف يحرك بداخلهم الشجون والشوق وينعش ذاكرتهم بذلك الموسم السياحي و الترفيهي رغم طول السنين و رغم التقدم التكنولوجي وتطور وسائل الترفيه وتنوعها في الدولة لأنه جزء أصيل من تراثهم ومكون بارز ضارب في عمق ثقافتهم".

ويقول :" ذلك السفر غايته الاستجمام و السياحة مع بداية كل فصل صيف حيث تبدأ رحلة البحث عن البرودة والماء العذب والظلال الوافرة والثمار اليانعة في الأماكن التي توجد فيها وصولا إلى بعض الدول المجاورة".

ويؤكد المزروعي أنه برز في تلك الرحلات أشخاص من شتى إمارات الدولة امتهنوا الأسفار والرحلات وخبروا الطرقات والدروب بل وعلموا كيف يتصرفون أثناء انقطاع السبل وخطوا طرقا جديدة تختلف بعض الشيء عن طرق القوافل القديمة.

ويضيف المواطن راشد محمد المزروعي: " مع النعم التي حبا الله بها دولة الإمارات انحسرت رحلات المقيظ مبشرة بتطور الحياة و رفاهيتها إذ ظهرت وسائل الراحة والتبريد التي خففت من وطأة حرارة الصيف الحارقة." و يوضح أن تلك الرحلات كانت تتزامن مع موسم الغوص الذي يبدأ عادة مع بداية شهر يونيو ويستمر حتى نهاية شهر أغسطس حيث تشرع السفن لتمخر عباب الخليج بحثا عن اللؤلؤ في رحلة طويلة تقودها إلى موانئ بعض الدول المجاورة للتزود بالطعام والشراب أو للتجارة فتتحول رحلة البحث عن الرزق إلى رحلة سياحية وترفيهيه لبضع أيام أو أسابيع قبل العودة لأرض الوطن.

ويقول : "بالإضافة للغوص كانت تنطلق الرحلات البحرية لصيد السمك البعض منها بغرض اقتصادي و البعض الآخر لغرض ترفيهي ناهيك عن تنظيم الكثير من سباقات الشراع و السفن و المهرجانات البحرية وهي جزء أصيل من تراث الإمارات السياحي والترفيهي منذ القدم ومازالت تلك الأنشطة قائمة ولم تندثر وعادت بعد الاتحاد بشكل ممنهج وحضاري".

ويشير إلى أنه بالإضافة إلى رحلات الغوص داخل الخليج العربي امتهن الكثير من أهل الإمارات التجارة مع دول كثيرة في شرق أفريقيا والهند وباكستان حتى أصبح السفر خاصة البحري جزءا من ثقافة أهل الامارات.

من جانبه يقول المواطن حمدان محمد بن غازي: " رحلات المقيظ و الغوص ظلت حاضرة في مجتمع الإمارات بتقاليدها المعروفة إلى الربع الأخير من ستينيات القرن الماضي وبعد النهضة العمرانية والحضارية في منتصف السبعينيات ظهرت رحلات من نوع آخر عرفت بـ "المشتى" وهي رحلات ترفيهيه مرتبطة بفصل الشتاء.

و يضيف: " تنطلق تلك الرحلات من الساحل إلى البر فمن المعروف أن أجواء الصحراء في فصل الشتاء مساء تمتاز بالاعتدال ما يشجع الأهالي على قضاء وقت ممتع في مخيمات مؤقتة في المناطق البرية حيث تقام حلقات السمر والشواء.

و يشير إلى أن هذا النوع من الترفيه لا يزال قائما حتى يومنا هذا تحت مسمى "طلعات البر" حيث يطيب الانتقال من المدينة وصخبها إلى الإقامة المؤقتة في الصحراء والاستمتاع بالأجواء الهادئة.

و يقول : " بل وزاد الاهتمام به من الناحية الرسمية فنظمته البلديات و الدوائر المختصة بإصدار شروط فنية له وتحديد المواقع المخصصة للتخييم".

ومع تطور الحياة وتغير مفاهيم السفر و الترحال أصبح صنع الآباء و الأجداد تراثا ينبض بالحنين وتاريخا دون بفطرة الطبيعة يأبى الرحيل من القلوب و العقول .

و لايزال أبناء الإمارات يعشقون الترحال والسفر أثناء موسم الحر إلى مختلف مناطق العالم أو قضاء فصل الصيف داخل الدولة وفاء لتقاليد وعادات راسخة و ذكريات جميلة تلهمهم وتحرك حنينهم إلى الماضي.

أفكارك وتعليقاتك