إصدار بلاغ بحث وتحر بحق حاكم مصرف لبنان.. "شد حبال" سياسي داخلي - خبير قانوني

إصدار بلاغ بحث وتحر بحق حاكم مصرف لبنان.. "شد حبال" سياسي داخلي - خبير قانوني

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 30 أغسطس 2021ء) امين شيا . علق الخبير القانوني اللبناني، المحامي فراس كليب، على خبر إصدار بلاغ بحث وتحر الصادر عن القضاء اللبناني يوم الأربعاء الماضي، بحق حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في مسلطاً الضوء على الدور المؤثر الذي يلعبه الصراع ما بين الفرق السياسية اللبنانية في التحقيق في حق المسؤول اللبناني.

وقال المحامي كليب، في حديث إلى وكالة "سبوتنيك" موضحاً الإجراءات القضائية في هذا السياق "إنّ إصدار بلاغ البحث والتحرّي هو إجراء يحق للنيابة العامة إصداره عند التحقيق في فعل جرمي بناء على شكوى أو إذا تحرّكت النيابة العامّة من تلقاء نفسها، وذلك سندا لقانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني؛ هو إجراء تلجأ إليه عند تعذّر إيجاد الشخص المشكو منه أو عدم امتثاله للدعوة إلى التحقيق".

(تستمر)

وأضاف الخبير القانوني، تعليقاً على التحقيق الرهن في ملف رياض سلامة والامتيازات السياسية التي لا يزال يتمتع بها رغم التحقيق الجاري، قائلاً "أمّا بالنسبة لحالة حاكم مصرف لبنان، فتسطير بلاغ البحث والتحرّي لن يجدي حسبما أعتقد وأكاد أجزم، ولا يمكننا توصيفه عمليّا بكونه إجراء تحقيق وحسب، فالسيّد رياض سلامة معروف المقام، لا بل يتحرّك بحماية أمنيّة رسميّة، ويتوجّه إلى القصر الجمهوري ومجلس الوزراء لحضور اجتماعات الحكومة، فمن يناط بهم تنفيذ بلاغ البحث والتحرّي بحقّه يقومون بمواكبته وحمايته، فالسؤال يطرح والحال هذه من جدوى هذا الإجراء وإمكانيّ

ة تنفيذه في ظلّ شبه استحالة ذلك".

ورداً على سؤال "سبوتنيك" حول احتمالية الضغوطات التي تمارسها القوى السياسية اللبنانية على هذا الملف، أضاف المحامي كليب، "أن مسألة الضغط السياسي فاضحة في قضيّة السيّد رياض سلامة، وذلك لسبب بسيط ، فملاحقته (وبقطع النظر عن أحقّيّتها) سياسية كما أنّ الدفاع الشرس عنه مسيّس، ولا يرتكز إلى منطلق حقوقي؛ ففي الحالة العاديّة لم يكن إجراء مماثل ليأخذ هذا الحيّز من السجال؛ والمفارقة أنّه مثل أمام القضاء منذ فترة غير طويلة، في حين أنّه رفض في هذا التحقيق، فالمسألة لو لم تكن سياسيّة حتّى الصميم لكانت اختلفت المعطيات".

وأضاف المحامي، موضحاً الأسباب الأساسية للخلافات بين الأطراف السياسية اللبنانية فيما يتعلق بقضية حكم مصرف لبنان، قائلاً أن "هناك الكثير من النقاشات حول السيّد رياض سلامة، الآن، وبنظري لن يستطيع أحد أن يحقق معه في الوقت الحالي في هذا الملفّ، فالمسألة أكبر بكثير من شخصه وهي مسألة مواجهة سياسية شرسة؛ أما الأطراف السياسية المعنية بالموضوع، فمنهم من يهاجمه علنا مثل حزب الله والتيار الوطني الحر، وهناك من يدافع عنه علنا".

ورداً على سؤال عن احتمالية إصدار حكم بقضية رياض سلامة في المدى القريب، أضاف المحامي، أن النسبة ضئيلة جداً نسبةً للاتفاقات الضمنية ما بين عددٍ كبير من القوى السياسية اللبنانية نسبةً لمصالحها المشتركة، قائلاً: "فبرغم وجود هجوم علنيّ عليه من بعض الأطراف، فالجميع من تحت الطاولة يودّون حمايته، كونه يعلم خبايا الصفقات التي كانت تتمّ في ظلّ الحكومات منذ اتفاق الطائف (وغالبيّتها حكومات وحدة وطنيّة، أي أن جميع الفرقاء السياسيين إمّا كانوا جزء من الصفقات، أو شاهدين عليها) فليس من مصلحة أحد ممّن كانوا في الحكم أن يدلو السيّد سلامة دلوه، وما نشهده ل�

�س سوى لتسجيل النقاط السياسيّة، وتحسين شروط التفاوض، في حين أنّ الخاسر الأكبر هو مجموع المودعين اللبنانيّين"؛ مضيفا  "إلّا إذا أصبح هناك إجماع على تحويله إلى كبش المحرقة، وهنا أخاف على حياته أكثر ممّا أعتقد بإمكانية حصول محاكمة، فهو يعلم الكثير، وهناك كثر ممّن تقتضي مصلحتهم إسكاته، وهذا الأمر لا يخفى على أحد".

وأشار الخبير القانوني، إلى سوابق التحقيق، وتحديداً العرقلة التي تعرض لها ملف التحقيق الجنائي في أعمال مصرف البلاد المركزي، قائلاً: "فإذا استنتجنا من هذه النقطة، فيبدو واضحا الحرص على تناول المسألة فقط على صعيد السجال الإعلامي، أمّا النتائج الفعليّة فغير مرغوب بها، وذلك نسبةً لمصالح الأطراف السياسية التي لا تناسبها الشفافية في القطاع المصرفي اللبناني خوفاً من ظهور الخفايا والفظائع من التدقيق في حسابات المصرف المركزي".

واختتم الخبير اللبناني حديثه لـ"سبوتنيك" بالإشارة إلى الأهداف التي تسعى لتنفيذها القوى السياسية اللبنانية في ملف حاكم مصرف لبنان، قائلا: "في نظري، ينطبق على التحقيق مع السيّد رياض سلامة، ينطبق من باب أولى على التدقيق الجنائي، فهناك فريقان بين مهلّل وشاجب، ويستعملان المسألة كمادّة سجال، بينما الموضوع عملياً هو مسألة الحفاظ على الوضع الراهن، فمن الواضح أنها لعبة سياسية وهدفها توازن القوى، حيث لا يسعى أي من الأطراف للوصول إلى النتيجة فعلا بل إلى صفقة سياسية بين أطراف السجال".

هذا وأثار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الجدل في البلاد منذ نهاية العام 2019 ، وذلك بعدما برزت مشاكل حادة في القطاع المصرفي اللبناني، وتحديداً فقدان الدولار الأميركي من المصارف اللبنانية ، مما أدى إلى تدهور غير مسبوق في اقتصاد البلاد ، حيث بدأ انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي في السوق السوداء لتتعدى العشرة أضعاف في شهر أب/ أغسطس 2021 ، مما أدى بالتوازي إلى أثار وخيمة للبلاد ومنها انقطاع الأدوية والمحروقات من السوق اللبناني لعدم إمكانيات استيرادها بالعملة الصعبة.

أما فيما يخص ممارسات سلامة المهنية، فواجه حاكم مصرف لبنان النيابة العامة التميزية في وقتٍ سابق من شهر أب/أغسطس الجاري، بتهمة الاشتباه في "جرائم اختلاس أموال عامة وتزوير وإثراء غير مشروع وتبييض أموال وتهرب ضريبي" عقب صدور قرار قضائي بحقه في شهر تموز/يوليو من العام الجاري، وذلك في خضم تحقيقات بجرائم غسل الأموال من قبل السلطات الفرنسية والسويسرية بحق سلامة .

أفكارك وتعليقاتك