زيارة شي جين بنغ إلى فرنسا.. حديث المخاوف من هيمنة اقتصادية صينية على أوروبا يعود للواجهة

زيارة شي جين بنغ إلى فرنسا.. حديث المخاوف من هيمنة اقتصادية صينية على أوروبا يعود للواجهة

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 25 مارس 2019ء) أسامة حريري. نالت زيارة الرئيس الصيني شي جين بنغ إلى فرنسا اهتماما واسعا من الصحافة الفرنسية التي خصصت صفحاتها الأولى لتقارير وزوايا تناولت أهمية الزيارة وطبيعة العلاقات الصينية الفرنسية والصعوبات التي تواجهها فرنسا في تعاملها مع ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم بالإضافة للعلاقات الصينية الأوروبية.

ونشرت صحيفة "لوفيغارو" المحسوبة على اليمين الفرنسي مقالا بعنوان "إلى أي مدى نحن نعتمد على الاقتصاد الصيني؟" تحدث عن التبعية الاقتصادية لبعض البلدان النامية تجاه الصين.

وقالت لوفيغارو إن الصين بدأت تعاني منذ بضعة أشهر من تباطؤ شديد في نموها الاقتصادي مما سيؤثر سلبا على اقتصاد الدول النامية التي تعتمد بشدة على الصين على عكس بعض الدول المتطورة مثل ألمانيا وفرنسا التي تمتلك اقتصادا متنوعا يعتمد بشكل أقل على التنين الصيني.

(تستمر)

ورأت الصحيفة أن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين سيؤدي إلى تباطؤ في حركة الاستثمارات الصينية في دول الخارج علماً بأن نسبة استثمارات الصين في الخارج بلغت 1300 مليار دولار عام 2016 بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.

وتعد فرنسا أرضا خصبة للاستثمارات بالنسبة للصين التي زادت من استثماراتها في عدة قطاعات خلال السنوات الأخيرة . أما بما يتعلق بالاستثمارات الصينية في فرنسا نشرت صحيفة "سود ويست" مقالا بعنوان "الاستثمارات الصينية في فرنسا: عمليات استحواذ ضخمة في عدة مجالات".

وقالت الصحيفة إن حجم استثمارات الصين في فرنسا بلغ نحو 14.3 مليار يورو خلال الفترة الممتدة بين عامي 2000 و2018 وقد شملت كافة القطاعات خاصة قطاعات الفنادق والمواصلات والصناعات الزراعية والترف. ولا تتوانى السلطات الفرنسية عن التعبير عن خشيتها من المارد الصيني الذي يحاول الاستحواذ على العديد من المرافق في فرنسا. واستطاعت الصين عام 2014 أن تشتري 49.9 بالمئة من أسهم مطار تولوز الفرنسي بعد أن قررت الدولة تخصيصه إلا أن وزارة الاقتصاد الفرنسية رفضت آنذاك أن تستحوذ الصين على الغالبية المطلقة من الأسهم.

هذا وقد كان وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لومير صرّح شهر كانون الثاني/يناير عام 2018 بعد زيارة قام بها للصين قائلاً بأنه "رفض العديد من العروض الصينية للاستحواذ على مرافق فرنسية" واصفا بعض الاستثمارات الصينية ب"استثمارات النهب".

من جهته حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أكثر من مناسبة من "طموح الصين للهيمنة الاقتصادية" عبر الطريق التجاري الجديد الذي تعبده والذي بات يعرف ب"طريق الحرير الجديد". وبحسب صحيفة "ليبيراسيون" المحسوبة على اليسار الفرنسي يسعى ماكرون لإقناع شي جين بينغ "بضرورة احترام قواعد تعددية الأقطاب" حيث باتت دول الاتحاد الأوروبي تخشى يوما بعد يوما "الهجمة" الصينية الدبلوماسية والاقتصادية على أوروبا.

وتقول "ليبيراسيون" إن الأوروبيين باتوا ضعفاء بسبب انقسامهم في وجه هجمة الصين التي تغير وجه العالم من خلال استثماراتها.

وبحسب "ليبيراسيون" فإن النقطة الأهم في زيارة شي جين بينغ لفرنسا ستكون اللقاء الذي سيجمعه يوم غد الثلاثاء في الإليزيه بكل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر.

ويسعى الأوروبيون لردع الصين من التغلغل في القطاعات الاستراتيجية في أوروبا خاصة بعد استثمار بكين في مرفأ بيري في اليونان وفي شركة الكهرباء البرتغالية. هذا وضمت بكين مؤخراً إيطاليا الى مشروعها لبناء طرق بحرية وبرية لتعبيد طريق الحرير الجديد حيث وقعت روما مع بكين يوم الجمعة الماضي اتفاقيات لكي تقوم هذه الأخيرة بالاستثمار بعدد من المرافئ الإيطالية مما أثار حفيظة بعض الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا.

وعلى الرغم من ارتفاع مستوى الصادرات الفرنسية نحو الصين خلال الأعوام الثلاث الماضية ، إلا أن العجز التجاري الفرنسي في العلاقة مع الصين ما زال مرتفعا. وبحسب قناة "بي.اف.ام" ارتفعت الصادرات الفرنسية نحو الصين بنسبة 30 بالمئة بين عامي 2016 و2018 لتبلغ قيمة 20.8 مليار يورو، فيما الصادرات الصينية إلى فرنسا فارتفعت بنسبة 8 بالمئة بين عامي 2016 و2018 لتبلغ 50.1 مليار يورو مما يعني بأن العجز التجاري الفرنسي مع الصين بلغ 29.3 مليار يورو.

ووصل الرئيس الصيني شي جين بينغ الى فرنسا صباح يوم أمس الأحد حيث حطت طائرته في مدينة نيس جنوب البلاد قبل أن يصل صباح اليوم الاثنين الى باريس.

ويختم شي جين بينغ زيارته لفرنسا يوم غد الثلاثاء بعد مشاركته باجتماع ينظم في قصر الإليزيه على الساعة التاسعة صباحا بتوقيت غرينيتش يأتي تحت عنوان "التحديات التي تواجهها تعددية الأقطاب" .

أفكارك وتعليقاتك