الكاتب محمد طرزي: استكمل ثلاثية "الحلم الأفريقي".. وأريد لكتابتي أن تكون انعكاسا للواقع

الكاتب محمد طرزي: استكمل ثلاثية "الحلم الأفريقي".. وأريد لكتابتي أن تكون انعكاسا للواقع

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 20 يوليو 2019ء) سلمى خطاب. ينتقي من بين حكايات ووقائع التاريخ ما يمكن أن يمثل انعكاسا للواقع، وبعد بحث دؤوب ودراسة مستفيضة، يبدأ الكاتب اللبناني محمد طرزي في نسج رواياته، التي يتخذ أغلبها طابعا تاريخيا لكنه غير منفصل عن الواقع، كما يلقي من خلال هذه الروايات الضوء على حقب ووقائع تاريخية ندرت مناقشتها والكتابة عنها، مثل الوجود العربي في شرق أفريقيا.

صدر للكتاب، حتى الآن 6 روايات، 4 منهم يمكن وصفهم بالروايات التاريخية، هما النبؤة (2010)، وجزر القرنفل- حكاية الحلم الأفريقي (2013)، ورسالة النور- رواية عن زمان ابن المقفع (2016)، وماليندي- حكاية الحلم الأفريقي(2019)، وروايتين من الواقع المعاصر هما أفريقيا أناس ليسوا مثلنا (2018)، ونوستالجيا (2019).

(تستمر)

خلال زيارته الأولى للقاهرة لمناقشة رواية (رسالة النور) ولتوقيع أحدث رواياته (ماليندي)، التقت وكالة "سبوتنيك" مع الكاتب طرزي الذي يعيش متنقلا بين لبنان وموزمبيق، حيث بدأ بالحديث عن روايته الجديدة قائلا إن "الرواية اسمها ماليندي، مذيلة بعبارة الحلم الأفريقي".

ويوضح "الحلم الأفريقي هو عبارة عن ثلاثية مذيلة بهذه العبارة، بداية من رواية جزر القرنفل، صدرت عام 2013، وهي تتحدث عن عرب زنجبار في القرن التاسع عشر، وماليندي تتحدث عن عرب ماليندي، وهي مدينة في كينيا في القرن الخامس عشر، وأخيرا الرواية التي أعمل على كتابتها الآن، وهي الرواية الثالثة ضمن هذه الثلاثية، مذيلة بذات العبارة، وهي تتحدث أيضا عن حقبة تاريخية لعرب شرق أفريقيا، وبهذه الثلاثية أكون قد سلطت الضوء على الوجود العربي في تلك المنطقة التي اعتبرها الأندلس المنسي، لأن قليلة هي الكتابات التي تناولت هذه المنطقة".

وحول تفضيله لكتابة الرواية التاريخية، قال طرزي إن الأمر "يتعلق بالتذوق الشخصي، أنا أتذوق الرواية التاريخية كقارئ، بدأت كأي كاتب يبدأ مشروعه الكتابي كقارئ في البداية، وكنت منذ البداية أتذوق هذا النمط الأدبي وأبحث عن تلك الرواية التاريخية وأتابع لكبار الكتاب العرب وغير العرب المهتمون بهذا النوع، وحين قررت أن أكتب كان من البديهي أن أبدأ بالشيء الذي أحبه".

ويتابع "أخال أن التجربة [الكتابة التاريخية] من زاويتي كانت تجربة جيدة وناجحة إلى حد ما، استمريت في هذا ولم يكن هناك ثمة  حاجة لأن أبدله، علما أنني كتبت 6 روايات، 4 روايات منها يمكن أن نصفها بالتاريخية، وروايتين معاصرتين، واحدة وجدانية وهي نوستالجيا، وأخرى عن أفريقيا المعاصرة، شرق أفريقيا أيضا، كيف نتحدث عن تاريخ العرب في شرق أفريقيا؟، ظننت أنه من الأهمية أن أتحدث عن أفريقيا اليوم وهي رواية تتحدث عن تجربة مغترب لبناني في أفريقيا".

يعتمد طرزي على منهج بحثي ودراسي واسع، قبل كتابته رواياته التي يسعى من خلالها أن يأتي انعكاسا من التاريخ لبعض القضايا التي نعيشها في عالمنا المعاصر، ويقول في هذا الشأن "أنا اعتمد المدرسة التالية، أقوم بدراسة المادة التاريخية، وبعدها أتوقف عند النقطة التي يختلف بشأنها المؤرخون، أختار خطة معينة وأبني عليها الرواية، من الأهمية بمكان أن يكون هذا الخط الذي اخترته انعكاس للواقع الذي نعيشه، في رسالة النور تحدثت عن ثورات حصلت في القرن الثامن الميلادي تعكس الثورات التي وقعت في العالم العربي، وفي ماليندي أيضا أتحدث عن واقع معين في شرق أفريقيا، وصر

اعات بين إمارات عربية على حدودها سلطنة فارسية وتعكس أيضا المشهد السياسي في الشرق الأوسط".

ويواصل مؤكدا " نعم أريد لروياتي أن تكون انعكاسا للواقع الذي نعيش فيه".

وحول كيفية اختيار الأفكار التاريخية التي يكتبها في رواياته، قال طرزي " في بالي في مواضيع تاريخية عديدة، منذ سنوات طويلة، في رأسي هذه الأفكار، كل ما أفعله أنني أنتقي فكرة من هذه الأفكار التي أريد الكتابة عنها، وأقوم ببحث معين ودراسة محددة وهي المرحلة التي تأخذ الوقت الأطول في الكتابة التاريخية، البحث يأخذ وقتا أكثر من الرواية نفسها في بعض الروايات".

وأردف "انتقي من بنات أفكاري كما يقال، وفي رأسي الآن يمكن أكثر من 20 فكرة لكتابة الرواية، اختار واحدة من هذه الأفكار وأعمل على دراستها ودراسة حيثياتها تاريخيا، وبعد ذلك انتقل لمرحلة الكتابة".

ويرى الكاتب الذي درس القانون والاقتصاد في لبنان ولندن، أن دراسته لم يكن لها أثرا يذكر على كتابته للرواية، إذ يرجع الفضل الأغلب في هذه الكتابات إلى الفترات التي عاش فيها في شرق أفريقيا، ويقول طرزي "لم يكن لهاذين الاختصاصيين التأثير القوي على رواياتي، صحيح أنا اكتب رواية أكاديمية لكن التجربة والإقامة في شرق أفريقيا لفترة من الزمن هو الذي كان له تأثير أكبر على كتابتي للرواية التاريخية أكثر من الدراسة الأكاديمية".

وحول إقامته في شرق أفريقيا، قال طرزي "أنا أقيم في موزمبيق منذ أكثر من عقد، الآن إقامتي أكثر في بيروت، لكنني أقمت لفترات متواصلة ولوقت طويل في تلك المنطقة، في موزمبيق كنت أعيش في العاصمة، تواجدت هناك في مرحلة معينة كمغترب لبناني يسعى لممارسة أعمال تجارية، ولفتني الإرث العربي في تلك المنطقة، تنقلت بين مناطق شرق أفريقيا، وانتبهت إلى أن هذا الإرث مغيب في الثقافة العربية، فخططت وعملت على وضع هذه الروايات التاريخية".

ويواصل الروائي اللبناني "في رواية أفريقيا أناس ليسوا مثلنا، تحدثت عن تجربتي، ليس بمعني الحياة التي عشتها بالتحديد، ولكن من مشاهداتي، أنا كتبت رواية لها حبكتها الخاصة، لكن المشاهدات التي وضعتها في النص منبعثة بشكل أو بآخر من التجربة ومن الحياة التي عشتها في تلك المنطقة".

وتلقى روايات طرزي صدى لافت في العديد من البلدان العربية، لكنه يرى أن ردود الأفعال الأكبر على كتابته تأتي من الدول الخليجية، نظرا لارتباط هذه الدول تاريخيا بشرق أفريقيا.

ويقول الكاتب اللبناني "بدأت مع جزر القرنفل، ولو لم أجد اهتماما لم أتوقعه من القارئ العربي بهذه المنطقة من العالم وبالتاريخ العربي المجهول بالنسبة إليهم لم استمريت بهذا المشروع، دافع أساسي للاستمرار بهذا المشروع كان اهتمام القارئ العربي، وبالتاريخ العربي في شرق أفريقيا، ولاسيما في الدول الخليجية، على اعتبار أن تاريخ شرق أفريقيا وتاريخ العمانيين واليمنيين مرتبط بهم أكثر من غيرهم، وبشكل عام في دول الخليج، السعودية والإمارات وسلطنة عمان، الجمهور يهتم بهذه النصوص ربما أكثر من أماكن أخرى".

وعن مشاريعه الروائية القادمة، قال طرزي "أخطط لمشاريع ولكن لا أعمل عليها، أخطط لكتابة سيناريو، لكن الهاجس الأساسي الآن هو الاستمرار في الثلاثية [الحلم الأفريقي]".

وحول رؤيته للواقع الثقافي في العالم العربي، لا يرى طرزي أن الثقافة العربية في حالة خطر، بل تشهد حالة من التحول إذ يقول "لا أرى أن الثقافة العربية في خطر وهو الكليشيه الذي يستخدمه بعض المثقفين، لم تكن الثقافة العربية في أي وقت من الأوقات في خطر، وإنما هناك تحول في الذوق العالم، على سبيل المثال، تحول الذوق العام العربي من الشعر إلى الرواية ، المهتمون بالشعر قد يعتبرون ذلك خطرا".

ويردف طرزي "الثقافة العربية لم تكن يوما في خطر، لكن هناك تحولا من فن إلى فن آخر، وتتحول الأذواق، فالناس على سبيل المثال كانوا يقرأون في الكتب الآن يقرأون في التليفون، حتى لو قرأوا تلك العبارات القصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، فهي ثقافة أيضا".

ويواصل "أنا أرى من متابعتي لمعارض الكتب على الأقل لمبيعات معارض الكتب، تعطي انطباعا أن الناس ما زالت تهتم بالأدب والرواية لها مكانة مرموقة في العالم العربي اليوم، والتقى بالكثير من القراء، وانطباعي جيد".

أما أبرز الكتاب الذين يفضل القراءة لهم، فأفضل ثلاثة كتاب بالنسبة له مصريين، وهم الكاتبين بهاء طاهر ومحمد المنسي قنديل والكاتبة رضوى عاشور، ويقول "أنا دائما أقول أن مصر ليست وطني الثاني، بل هي الوطن الأول لي ثقافيا، الروائيين المصريين هم بالتحديد أساتذتي في الرواية".

الجدير بالذكر أن طرزي فاز بجائزة غسان كنفاني عام 2017 عن روايته جزر القرنفل، وفِي عام 2018 فازت روايته "نوستالجيا" بجائزة توفيق بكار للرواية.

أفكارك وتعليقاتك