وزيرة سورية سابقة: تذبذب سعر الصرف وانخفاض الليرة يعكس الوضع الاقتصادي والسياسي العام

(@FahadShabbir)

وزيرة سورية سابقة: تذبذب سعر الصرف وانخفاض الليرة يعكس الوضع الاقتصادي والسياسي العام

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 09 سبتمبر 2019ء) محمد معروف. فرض الارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية والذي وصل سعر الدولار الواحد في السوق السوداء الى 690 ليرة سورية ارتفاعا كبيرا في أسعار جميع السلع والمواد التموينية وأجور النقل وغير ذلك من ضرورات الحياة اليومية وتسود الاسواق السورية حالة من الركود على الرغم من عروض التخفيضات التي أعلنت عنها معظم المحال التجارية في هذه الاشهر التي كانت في السابق تعد الفترة الاكثر بيعا لتزامنها مع بدء العام الدراسي وما يتطلبه من شراء لباس مدرسي وقرطاسية وغير ذلك اضافة الى موسم صناعة المؤن التي اعتاد السوريون على Ø

�خزينها كالمكدوس والمربيات والبقوليات وغير ذلك​​​.

وتقول الباحثة الاقتصادية الدكتورة لمياء عاصي وزيرة الاقتصاد السورية السابقة في لقاء مع وكالة سبوتنيك ان "تذبذب سعر الصرف وانخفاض قيمة الليرة السورية فإنه يعكس الوضع الاقتصادي والسياسي العام".

(تستمر)

وتضيف عاصي التي تسلمت حقيبة الاقتصاد في الحكومة السورية عام 2010 ان "تكاليف الحرب القذرة التي شنت على سوريا باهظة جدا، وانعكست على المستوى المعيشي للشعب السوري، فبينما كان الحد الأدنى للأجور في عام 2010 يبلغ ما يعادل 245 دولار، اليوم يكاد لا يتجاوز بضع عشرات من الدولارات. إضافة إلى حصول انكماش حاد في الناتج المحلي الإجمالي بسبب عدد من العوامل أهمها سيطرة المسلحين على منابع النفط والمناطق الزراعية أيضا وتوقف الكثير من المنشآت الإنتاجية وعدم توفر الأمان والعقوبات الاقتصادية. كل ذلك أدى إلى النتيجة القاتمة المتجلية في الركود اقتصادي والتضخم الذÙ

Š أتى على الدخول والقوة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين. بشكل عام اعتمدت السياسات الاقتصادية على ضغط الإنفاق العام إلى أقصى حد".

وترى الدكتورة عاصي والتي شغلت منصب وزيرة السياحة عام 2011 ان "السياسات الاقتصادية السورية التقشفية كان لها أثرا كبيرا على عموم الناس، لأن الإنفاق العام يعتبر محرك الاقتصاد الأول".

وتقول عاصي إن "التركيز على التقشف في الإنفاق العام بدون التركيز على زيادة الايرادات الحكومية أو إعادة دراستها وهيكلتها كان أحد الأسباب التي أدت إلى انكماش في الناتج المحلي الإجمالي وإلى الركود الاقتصادي والتضخم بآن معا".

وتضيف "مثلا، يعتبر الغاء الاستيراد للكثير من المواد التي اعتبرت كمالية أو غير ضرورية لحياة المواطن هو إجراء محق وطبيعي في ظروف الحرب السورية، ولكن الإلتفاف على هذا القرار ومنسوب الفساد الذي ارتفع هو المشكلة الحقيقية، وبرغم صعوبة الظروف فإن عملية توفير السلع الأساسية أو المحروقات وتأمين الماء والكهرباء فقد استمرت".

وتقول الباحثة الاقتصادية التي كانت سفيرة لبلادها في ماليزيا الدولة ذات التجربة الناجحة اقتصاديا ان "الاقتصاد السوري حاليا بعد سنوات من الحرب واستنزاف الثروات الطبيعية, يمر بمرحلة استثنائية وصعبة وبحاجة إلى استخدام كل الطرق التقليدية منها وغير التقليدية من أجل تعبئة كل الموارد المتاحة داخليا أو المحتملة خارجيا من أجل القيام بالنهوض الاقتصادي وإنجاز مرحلة إعادة الإعمار".

وتضيف "في هذا السياق، تعتبر التشاركية وسيلة ناجعة ومتبعة في كل دول العالم لتنفيذ المشاريع العملاقة ولاسيما في البنى التحتية , مثل مشاريع الطاقة والكهرباء والطرق وغيرها , إذ ليس من الحكمة عدم تنفيذ الكثير من المشاريع الحيوية لأن ميزانية الدولة لا تسمح بتمويلها , في حين أنه يمكن استخدام أموال القطاع الخاص المحلي والخارجي لتنفيذ مثل تلك المشاريع ويكون سيناريو الربح المتبادل لكل من الدولة والقطاع الخاص هو المتبع , ما يعيق تطبيق التشاركية حاليا , هو عدم وجود قضاء تجاري سريع ومستقل , لأن الدولة لا يمكنها أن تكون الخصم والحكم بآن معا , أما بالنسبة ل

مؤسسات القطاع العام , فإنه لرفع كفاءتها وتحديثها لا بد من تأمين التمويل اللازم لها , في ظل الوضع الحالي حيث ضغط الإنفاق العام , فلابد من مشاركة القطاع الخاص بهذه العملية حسب وضع وتقييم كل شركة عامة , بكل الأحوال , وبغض النظر عن الحلول لهذه الشركات لا بد من ضمان حقوق العمال الموجودين فيها".

وتقول عاصي "إن ما يطمح إليه السوريين من خلال عملية إعادة الإعمار، أن تشمل إعادة بناء الإنسان، فجزء منهم قاموا بتهديم بلدهم والجزء الآخر هو من يدفع الثمن".

وتضيف "أسوأ ما يمكن أن تحمله إعادة الإعمار، أن تكون مجرد عملية استثمار عقاري لمناطق تنظيمية لرجال الأعمال فقط , وأن يتم من خلالها غسيل لأموال الحرب ويساهم في تعميق الفجوة الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء الذين باتوا يشكلون غالبية السكان".

وتعتبر الدكتورة عاصي إن "إعادة الإعمار وبغض النظر عن تكلفتها أو الجهات التي ستمولها، اعتقد بأنها عملية شاملة وتدريجية بالضرورة، وهي مرتبطة بالوضع السياسي في سوريا والمنطقة بشكل عام، أي أن المستثمرين السوريين والعرب حاليا لن يأتوا ليستثمروا في سوريا إلا إذا تغيرت الظروف والأوضاع السياسية والاقتصادية , في هذه الحالة ربما تكون سوريا مقصد ملائم وجيد لهؤلاء المستثمرين , طبعا الاقتصاد السوري المنهك حاليا غير قادر بشكل منفرد على تمويل عملية الإعمار التي تستلزم مبالغ ضخمة".

وحول التحفظات التي تبديها الدولة السورية على الاستدانة من البنك الدولي تقول الباحثة عاصي ان "الاستدانة من البنك الدولي ليس خيارا جيدا لأي من الدول التي تعاني أزمة في تمويل مشاريعها , لأنه كما هو معروف أن البنك الدولي يفرض شروطا على الدول التي تلجأ للاستدانة منه , وتوافق واشنطن بنقاطه العشر , ليس إلا برهانا على ذلك , فهو سيفرض كثير من السياسات الاقتصادية التي تؤدي إلى المزيد من الركود الاقتصادي والتضخم وزيادة إفقار للغالبية العظمى من الناس ".

وتقول عاصي "أما عن الخيارات الأخرى فهي تحتاج إلى عمل دؤوب ومثابرة , مثل عمليات إعادة هيكلة الإيرادات العامة للدولة , من خلال مكافحة التهرب الضريبي والجمركي والتأميني والفساد , وتسييل بعض ملكيات الدولة , واللجوء إلى الدول الصديقة للاستثمار ".

وتختم الوزيرة عاصي بالقول " أعتقد بأن هناك خيارات كثيرة في سوريا وفرص استثمارية واعدة في المستقبل القريب" .

أفكارك وتعليقاتك