حصاد إيران في 2019.. احتجاجات داخلية والاتفاق النووي على محك

حصاد إيران في 2019.. احتجاجات داخلية والاتفاق النووي على محك

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 29 ديسمبر 2019ء) محمد إسماعيل. شهدت إيران خلال عام 2019 احتداماً في المواجهة مع الولايات المتّحدة على كافة الأصعدة وفي مواقع مختلفة من العالم، من اليمن إلى سوريا والعراق والسعودية، وكذلك تحديات داخلية صعبة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي.

ويمكن تلخيص أهم هذه الأحداث ببدء إيران تقليص التزاماتها النووية بشكل تدريجي، بسبب "عدم فعالية الآلية الأوروبية للدفع "الانستكس" كما شهدت البلاد في تشرين الأول/أكتوبر الفائت احتجاجات شعبية على رفع أعار الوقود، قمعتها الأجهزة الأمنية بعنف مما أدّى إلى سقوط قتلى تعدوا المئة وأكثر بحسب الإحصاءات المختلفة. كذلك ارتفع مستوى التصعيد العسكري في منطقة الخليج ومضيق هرمز بعد أزمة ناقلات النفط.

(تستمر)

استقالة ظريف المفاجئة

أعلن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، مطلع العام، في شباط/ فبراير وبصورة مفاجئة عبر حسابه في برنامج التواصل الاجتماعي "إنستغرام" الاستقالة من منصبه بشكل مفاجئ. ولم يلبث الوزير ظريف ساعات حتى عاد عن الاستقالة، بعد أن انهالت عليه رسائل الدعم والتضامن الداخلي ورفض الرئيس الإيراني حسن روحاني هذه الاستقالة.

وجاء قرار الاستقالة بعد زيارة مفاجئة أجراها الرئيس السوري بشار الأسد إلى طِهران، ولقائه المرشد الإيراني والرئيس حسن روحاني برعاية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني دون توجيه دعوة إلى الوزير ظريف لحضور استقبال الأسد، كذلك الضغوط الداخلية الكبيرة على ظريف إثر فشل بلاده في الحصول على فوائدها الاقتصادية من الاتفاق النووي الذي هندسه بنفسه بين 5+1 وانسحاب الولايات المتحدة الأميركية من هذا الاتفاق وفرضها عقوبات مشددة أنكهت الاقتصاد الإيراني.

تقليص الالتزامات النووية

بدأت إيران في أيار/ مايو أولى خطوات التحلل من الاتفاق النووي والانسحاب التدريجي منه، وواصلت طهران هذا المسار، بإعلانها كل 60 يوماً عن خطوة جديدة لتقليص تعهداتها في الاتفاق، وجاء القرار الإيراني بعد عام على الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي، وربطت طهران سيرها على هذا المسار بعدم وفاء الأوروبيين بالتزاماتهم الموقعة مع إيران في الاتفاق، وعدم تفعيل آلية "إينستكس" للتبادلات التجارية المالية والتجارية التي أطلقها الأوروبيون مع إيران، واستمرار أميركا بفرض العقوبات على البلاد.

أعلنت إيران بدء تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي، وأوقفت بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، الأمر الذي كان يلزمها به الاتفاق. 

بدأت الجمهورية الإسلامية بتخصيب اليورانيوم بنسبة أعلى من 3.67% المنصوص عليها في الاتفاق النووي، وقطعت سقف التخصيب إلى أعلى من نسبة 5 %.

أدخلت إيران أجهزة طرد مركزي متطورة إلى الخدمة، وأزالت جميع القيوم المفروضة على البحث، والتطوير في المجال النووي.

تشرين الثاني/ نوفمبر:

أعادت تشغيل مفاعل "فوردو" بمساعدة خبراء روس والذي أوقف الاتفاق النووي العمل به بشكل كامل في السابق.

إسقاط المُسيّرةً الأميركية

أعلن الحرس الثوري الإيراني في حزيران/ يونيو إسقاط طائرةً مُسيّرة من طراز (إم كيو-4 سي ترايتون) الأحدث في العالم في الترسانة العسكرية الأميركية، وأكد الحرس الثوري أنّ إسقاط المُسيّرة بصاروخ إيراني الصنع تم بعد اختراقها للمجال الجوي الإيراني.

واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن إيران ارتكبت بهذه الخطوة "خطأ جسيما"، وحشدت  القِيادة العسكريّة الأميركيّة  حامِلات طائرات وعشَرات السّفن الحربيّة في منطقة الخليج، للبدء بهجوم على أهداف إيرانية، لكن الرئيس ترامب أمر بإيقاف الهجوم بسبب ما أسماه احتمال سقوط ضحايا مدنيين، بينما حذر قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي من أي اعتداء على بلاده وأكد أن بلاده سوف ترد بقصف القوات الأميركية في المنطقة.

ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية عن سكرتير الأمن القومي الإيراني الجنرال علي شمخاني قوله "مجالنا الجوي هو خطنا الأحمر، إيران ردت وستواصل الرد دوما بقوة على أي دولة تنتهك مجالنا الجوي".

أزمة ناقلات النفط

تعرضت عدد من ناقلات النفط في المياه الخليجية وبحر عُمان للاستهداف والتخريب، وحمّلت العديد من الدول العربية والعالمية إيران مسؤولية تعطيل تجارة النفط العالمية كون واشنطن منعتها من تصدير نفطها اثر العقوبات التي فرضتها على استيراد النفط الإيراني.

وفي تموز/ يوليو احتجزت سلطات جبل طارق ناقلة نفط إيرانية "دريان داريا1" أثناء توجهها إلى سوريا، معللة سبب ذلك بأن الناقلة انتهكت العقوبات الأوروبية المفروضة على النظام السوري.

ورد الحرس الثوري الإيراني باحتجاز ناقلة نفط بريطانية "سنتينا امبيرو" أثناء عبورها من مضيق هرمز، وأيضا أرجع سبب ذلك الى انتهاكها معايير الملاحة الدولية واصطدامها بقارب صيد إيراني وإطفائها أجهزة الملاحة الدولية عند عبورها مضيق هرمز.

وأفرجت إيران عن الناقلة البريطانية في أيلول/ سبتمبر، بعد أن أفرجت سلطات جبل طارق التابعة لبريطانيا عن ناقلتها  "دريان داريا1" ووصلت الناقلة الإيرانية إلى الشواطئ السورية وأفرغت حمولتها هناك حسبما أفادت تقارير إعلامية.

وساطات في خضم تحديات وصعاب

شارك الرئيس الإيراني حسن روحاني في أواخر أيلول/سبتمبر، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وبذلك الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون جهودا على هامش أجتماعات الجمعية العامة لدفع الرئيس دونالد ترامب وحسن روحاني إلى أجراء محادثة هاتفية لكن روحاني رفض ذلك مطالبا بإعلان ترامب رفع جميع العقوبات عن بلاده قبل الولوج بأي محادثات او مفاوضات مع واشنطن.

وسبق ذلك إرسال ماكرون لكبير مستشاريه الدبلوماسيين إلى إيران للسعي إلى تخفيف التوتر في منطقة الخليج بين إيران وأميركا، وإيران ودول الخليج.

وأيضا قام رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بزيارة إلى طهران، في إطار دور دبلوماسي لحل الإشكاليات القائمة بين واشنطن وطهران، كما تلى ذلك زيارة لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان ورئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي ووزير الخارجية الكويتي صباح الخالد إلى كل من طهران والرياض وواشنطن لخفض حدة التوترات بين الأطراف.

دخول النساء إلى الملاعب

لأول مرة منذ 40 عاما، منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، سمحت السلطات الإيرانية في تشرين الأول – أكتوبر ببيع  تذاكر للنساء لمشاهدة مباريات كرة القدم في الملاعب. وأتى ذلك امتثالا لضغوطات قوية مارسها الاتحاد الدولي "الفيفا" على الاتحاد الإيراني لكرة القدم.

وعاشت كرة القدم الإيرانية حدث تاريخي، إذ  طرح ستاد "أزادي" الدولي في العاصمة طهران تذاكر للبيع مخصصة للنساء لمتابعة مباراة منتخب بلادهم يوم الخميس (العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول) من على مدرجين مخصصين لهن. وجمعت المباراة الدولية بين المنتخب الإيراني ونظيره الكمبودي ضمن تصفيات بطولة كأس العالم.

وتمّ الاحتفال بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة من لدن النساء سواء من عاشقات عالم الساحرة المستديرة  أو من غيرهن، باعتبار أنه يشكل "انتصارا ولو بسيطا" للمرأة في البلاد.

احتجاجات البنزين الغاضبة

شهدت إيران موجة احتجاجات غاضبة منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، وجاءت الاحتجاجات اعتراضاً على رفع الحكومة الإيرانية أسعار البنزين بنسبة 50 بالمئة وبشكلٍ مفاجئ.

وتخلل الاحتجاجات عنف، وإلحاق ضررٍ بالأماكن العامة؛ واشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين بعضها بالأسلحة النارية، ما أدّى إلى سقوط قتلى وجرحى في مناطق متفرقة من البلاد.

وقامت السلطات الإيرانية بقطع خدمات الإنترنت في جميع أرجاء البلاد لمدة أسبوع تقريبا، ما تسبب بخسائر كبيرة تكبدها الاقتصاد الإيراني.

واتهمت القيادة الأمنية الإيرانية جهاتٍ خارجية وعلى رأسها أميركا، بمحاولة تأجيج الوضع الداخلي وخلق فتنة داخلية تؤدي إلى حرب أهلية تسقط من خلالها النظام الحاكم.

أفكارك وتعليقاتك