العلاقات الخليجية الإيرانية في 2019: مواجهات مستعرة وهدوء حذر

العلاقات الخليجية الإيرانية في 2019: مواجهات مستعرة وهدوء حذر

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 01 كانون الثاني 2020ء) محمد إسماعيل. شهدت العلاقات الإيرانية ـ الخليجية الكثير من التحديات المباشرة، على مدى عام 2019​​​. كان من أبرز العوامل المؤثرة فيها، زيادة الضغط الأميركي الاقتصادي على إيران، والصدامات بينها وبين السعودية والإمارات فيما سمي بحرب ناقلات النفط في منطقة الخليج ومضيق هرمز، خاصة في آيار/ مايو الماضي، واستهداف منصات النفط في المنطقة الشرقية بالسعودية في أكتوبر/ تشرين الأول.

ووصلت التوترات بين الطرفين إلى أوجها مع بداية عام 2019 على خلفية دخول العقوبات الأميركية على إيران حيز التنفيذ ومنع واشنطن الدول الأخرى من استيراد النفط الإيراني، وتكرار حوادث الاعتداء على ناقلات النفط وتوقيفها. تصاعد هذه التوترات وضع المنطقة في مرحلة ما على شفا حرب مفتوحة كما وضع قواعد اشتباك حذرة جديدة للمنطقة برمتها.

(تستمر)

-التوتر الخليجي الإيراني ما بعد العقوبات

في حوار مع وكالة "سبوتنيك"، يقول نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الخليجية رضا عنايتي إن "الأوضاع في العام الماضي لم تكن في موقف تحسد عليه، مضيفا "بعض الأمور لم تعالج بشكل عقلاني وهناك أياد دخيلة قامت بإثاره المشاكل وخلق الأزمات وتصعيد الأمور وجعل إيران تعيش في دوامة الحصار لكنها في جزء أخر كان هناك بوادر طيبة ومبادرات توحي بنوع من الاستقرار وجعل التعاون بين دول الخليج الفارسي ضرورة ملحة".

وأضاف " في مناخ متوتر للغاية كانت هناك أصواتا تعلو وتنمو وتدعو إلی حلول سیاسیة للأزمات ونحن نرید أن تتغلب لغة الحوار علی کل القضایا الاقلیمیة  ونرید أن نكون متفائلین في أن تذهب الأمور إلى التهدئة وهذا یحتاج في بدايته الی عزم في جعل الحوار مفتاحا لحلحلة المشاکل العالقة".

الجدير بالذكر أنه في 8 مايو/ أيار 2018 أعلنت أميركا الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم مع إيران في 2015، وفي الثامن من إبريل/ نيسان 2019، أعادت فرض عقوبات مشددة على صادرات النفط الايرانية، وأدرجت الحرس الثوري الإيراني على قوائم التنظيمات الإرهابية.

وفي مايو/ أيار 2019 تعرضت ناقلات نفط تحمل الخام السعودي والإماراتي إلى أوروبا، للهجوم والتلف من قبل مصدر غير معروف. ما دفع واشنطن والرياض وأبو ظبي إلى الإسراع في اتهام طهران، ولكن الأخيرة نفت ذلك.

الدبلوماسي الإيراني السابق أمير موسوي يقول لوكالة "سبوتنيك" إن "سنة 2019 كانت سنة صعبة وكادت أن تصل الأمور إلى مواجهات بين جهتين، وهو أن أميركا أتت بثقلها لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعدما خرجت من الاتفاق النووي وفرضت عقوبات صارمة وشاملة ضد الشعب الإيراني وفي نفس الوقت كانت تحرض الدول المجاورة ومنها السعودية والإمارات على التورط في مواجهات مع إيران".

-المنطقة على شفا الحرب

وبعد حوادث استهداف الناقلات بفترة قصيرة، وبشكل مفاجئ مساء 20 يونيو/ حُزيران 2019، أعلن الحرس الثوري الإيراني إسقاط طائرة أميركية مسيرة ( آر كيو-4 غلوبال هوك ) بعد دخولها المجال الجوي الإيراني بطريقة غير شرعية، ما وضع منطقة الخليج على شفا حرب بين إيران وأميركا وتهديد طهران بأنها ستستهدف القواعد الأميركية في الخليج في حال تعرضت لهجوم.

يقول موسوي إن "إيران استبقت الأمور بفعلتين قويتين رادعتين، استطاعت أن تؤدب أميركا وبريطانيا من خلال إسقاط المسيرة الأميركية وحجز السفينة البريطانية وهاذين الأمرين أجبرا هاتين الدولتين على مراجعة حساباتهما، وأن لا يصلا بالأمور إلى المواجهة العسكرية، وفضلا الطرق الدبلوماسية، فبدأت المبادرات المتتالية من خلال وساطات من خلال سويسرا وسلطنة عمان واليابان وأطراف عديدة أخرى".

-حرب ناقلات النفط :

وفي الأول من تموز/ يوليو 2019، أعلنت سلطات جبل طارق التابعة للحكومة المركزية في بريطانيا احتجاز ناقلة نفط إيرانية تحمل اسم "غريس1 " بتهمة نقل النفط إلى سوريا التي يفرض عليها الاتحاد الأوروبي عقوبات.

وردت الجمهورية الإسلامية في التاسع عشر من يوليو/ تموز 2019 باحتجاز ناقلة نفط بريطانية تحمل أسم "ستينا إمبيرو" في مضيق هرمز، قالت طهران أنها انتهكت قوانين الملاحة الدولية.

وعلى أثر ذلك، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع كل من المملكة العربية السعودية والإمارات وعدد من دول الخليج ودول أخرى تشكيل تحالف أمني عسكري لحماية أمن الملاحة البحرية في مضيقي هرمز وباب المندب في  في 9 يوليو/تموز 2019، ومع ذلك، فضلت الدول الأوروبية الأخرى والإمارات والسعودية حلاً دبلوماسياً لخفض التوترات مع طهران.

وأردف الدبلوماسي الإيراني السابق أمير موسوي لسبوتنيك:"رأت السعودية نفسها وحيدة خاصة بعد المؤتمرات الثلاثة في مكة المكرمة(مؤتمر مجلس التعاون، والقمة العربية والقمة الاسلامية وفهمت الرياض إن كل هذه الاجتماعات وكل المجتمعين والبيانات الرنانة ليس فيها إلى الإنشاء والعبارات والمجاملات، لا أحد يمكن أن يدافع عن السعودية لا أميركا ولا غيرها خاصة إن المغرب سحب نفسه والمصريين ارتقوا أن يكونوا بعيدين والباكستانيين لم يدخلوا على الخط لذا بدأت السعودية بتغيير ومعالجة موقفها مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، من خلال إرسال رسائل عبر سلطنة عُمان وÙ

�ذلك عبر رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بالإضافة إلى إرسالها وفد أمني استطلاعي إلى طهران".

-التصعيد والهدوء الحذر

وبعد محاصرة صادرات النفط الإيرانية بشكل شبه كامل من قبل أميركا على مدى العام، أعلنت الرياض صباح يوم 14 سبتمبر/ أيلول 2019 تعرض أجزاء من منشآت "أرامكو" لهجمات غير مسبوقة بصواريخ وطائرات مسيرة على المنشآت، وسارعت واشنطن والرياض بتوجيه أصابع الاتهام إلى إيران، رغم إعلان جماعة أنصار الله "الحوثيين" في اليمن المسؤولية عن الهجوم

نفت طهران تورطها في هذه الهجمات. ووصف الرئيس الإيراني حسن روحاني الهجوم بأنه رد فعل طبيعي "من الشعب اليمني".

كما شهد شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2019 تعرض ناقلة نفط إيرانية مقابل السواحل السعودية في البحر الأحمر إلى هجوم صاروخي.

في السياق، يقول المتخصص بشؤون الشرق الأوسط الإيراني مهدي شكيبايي لوكالة "سبوتنيك" إن "السعوديون والإماراتيون يبدون يائسين إزاء الاعتماد المطلق على الأميركيين في حمايتهم من إيران، لذلك يسعون إلى إيجاد طريقة لتطبيع العلاقات مع إيران، ومن المؤكد أن إيران سترحب بذلك".

بينما قال  الدبلوماسي الإيراني السابق أمير موسوي لسبوتنيك "بعد أن أعطت إيران رسائل إما عبر الوسطاء أو بشكل مباشر عبر الإعلام بأنها مستعدة للتفاهم مع الرياض إذا ما عالجت موقفها وأنهت الاعتداء في اليمن، بعد ذلك على ما يبدوا بدأت الرياض الاتصالات المباشرة مع أنصار الله لإيجاد حلول لإنهاء الأزمة في اليمن وخلال تلك الفترة خفضت السعودية تصعيدها ضد اليمن ولكنها بين الفترة والأخرى تصعد وتهدد، وهي متذبذة لا تدري ماذا تفعل أمام الواقع المر بالاعتراف بقوة اليمن وجيشه ولجانه الثورية، هل بإمكانها أن تترك الحلفاء التقليديين والاتجاه نحو طهران أم الح

فاظ على كل تلك الارتباطات ولكن محاولة التهدئة مع طهران والمملكة الآن في هذه المرحلة".

-مستقبل العلاقات الخليجية- الإيرانية

في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، أعلنت إيران أنها سلمت رسميا الدول المطلة على الخليج مبادرتها الإقليمية للأمن والتعاون في المنطقة "هرمز للسلام" بعدما عرضتها في الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2019، وسبق ذلك تخفيض في مستوى حدة التوترات بين الأطراف بعد لقاءات جمعت قادة حرس الحدود البحرية القطرية والإماراتية مع نظيرهم الإيراني بشكل منفصل في العاصمة طهران.

وشدد نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الخليجية علي رضا عنايتي لسبوتنيك على إنه "لا يمكن أن یقارن مشروع إیران للسلام (هرمز للسلام) بالتحالف الأميركي أبدا"، مضيفا "الأول یؤکد علی تعاون إقلیمي بین دول المنطقة الثمانیة ویشمل جمیع مناحي العمل الاقلیمي المشترك، من التجارة والاقتصاد والسیاسة والثقافة وغیرها ویری أن الأمن لا يأتي عبر السلاح والعتاد بل یتبلور ضمن عمل إقلیمي جماعي وإن إیران متفائلة بتمریر مبادرتها فتری أن مشارکة الدول المعنیة من المنتجین والمستهلكین في دعم هذه المبادرة تعطي دفعة إيجابیة لعمل إقلیمي متکامل وتساعد في سبل نجاحها".

وحول التحالف العسكري الأميركي ذكر عنايتي لسبوتنيك:" التحالف الأميركي يتلخص في عمل عسكري  وبني علی أسس هشة ولم تستطع واشنطن تسویقه وذلك بعد عدة شهور من إعلان تشكيله ولم يجلب انتباه أطراف مهمة"، مؤكداأن "التحالف الأميركي ولد ميتا ولم يأتي بشيء للازدهار الإقليمي  بل سوف يزيد من انعدام الأمن والاستقرار في المنطقة".

أما المتخصص بشؤون الشرق الأوسط  الإيراني شكيبايي فيشير في هذا السياق إلى إنه "على عكس المبادرة الأميركية التي تقوم على تحالف عسكري من دول عربية وغربية مثل (السعودية والإمارات وبريطانيا وغيرهم) أثبتت فشلها أمام إيران ومحور المقاومة، تبقى مبادرة هرمز للسلام الإيرانية، بالإضافة إلى كونها أقل تكلفة وأكثر إغراء للدول العربية تتلقى الدعم من قبل خصمين رئيسيين للولايات المتحدة الأميركية وهم روسيا والصين، وخاصة أن الروس والصينيين لديهم علاقات قريبة ووثيقة مع السعودية ويمكن لهذه العلاقات أن تكون صمام أمان لكل من السعوديين والإيرانيين".

كما لفت الدبلوماسي الإيراني السباق أمير موسوي إن الكرة في ملعب السعودية والإمارات، مؤكدا إن "موضوع طرح مشروع هرمز للسلام فرصة ذهبية لإنهاء الأزمة من خلال التفاهم من خلال الحوار ومن خلال تقسيم المصالح في المنطقة. لا يمكن لطرف أن يزيل الآخر، لابد لطرفي الخليج الفارسي أن أن يجلسا ويتفاهما، وإيران مستعدة للتفاهم لكن هذا التفاهم لا يتم إلا بعد حل الأزمة اليمنية التي هي حلقة الوصل، وإنهاء الحرب في اليمن يمكن أن ترطب الأجواء بين ضفتي الخليج الفارسي".

أفكارك وتعليقاتك