هروب رؤوس الأموال من تركيا هو السبب الرئيسي لتراجع الليرة أمام الدولار - خبيرة اقتصادية

هروب رؤوس الأموال من تركيا هو السبب الرئيسي لتراجع الليرة أمام الدولار - خبيرة اقتصادية

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 11 مايو 2020ء) سماهر قاووق أوغلو. أرجعت الخبيرة التركية في شؤون الاقتصاد والرئيسة السابقة لحزب الوطن الأم نسرين ناس تراجع قيمة الليرة التركية أمام الدولار إلى ما وصفته بهروب رؤوس الأموال الأجنبية من البلاد، مشيرة إلى أن الحكومة التركية عاجزة عن إدارة اقتصاد البلاد​​​.

وقالت ناس في تصريح خاص لوكالة سبوتنيك: "إن الحكومة التركية لا تدير الأزمة الاقتصادية منذ عام 2017 وإنما تعمل على مواصلة الأزمة وتأجيلها إلى موعد لاحق اعتقادا منها بأن هناك احتمال ظهور فرص جديدة يمكنها استغلالها في حل جزء من المشاكل القائمة من خلال الاستفادة من هذه الإمكانيات ".

وأضافت ناس "هناك هروب مستمر نحو المستقبل في تركيا، لذلك تحاول تعويض نقص الموارد الخارجية في اقتصادها المعتمد على الموارد الخارجية من خلال تشغيل آلية الائتمان في الداخل باستمرار".

(تستمر)

وتابعت: " تخضع تركيا لنظام الصرف العائم في عملتها ورغم ذلك تتصرف وكأن لديها هدف لتحديد سعر الصرف، ولأنها تعتبر تفسير ارتفاع  سعر الصرف فشلا، فلذلك تتدخل في سعر الصرف من خلال احتياطي العملات الأجنبية الموجود في خزائن البنك المركزي، كما تقوم بإغراق الأسواق الداخلية بالقروض والائتمان عبر عمليات البنك المركزي والبنوك العامة بهدف خلق تصور يوحي بأن الأمور على ما يرام في السوق الداخلي، فتستجيب الحكومة لكل المطالب وتحاول الحفاظ على الطلب الكلي في أعلى مستوى له من خلال هذه الطريقة".

واستطردت: "ولكن لكل هذا نهاية إذ يعتمد الاقتصاد التركي على الموارد الخارجية وهذه الموارد بدأت بالنفاذ قبل تفشي وباء كورونا، حيث بقيت الموارد قصيرة المدى و بفائدة عالية جدا ممكن أن تصلها تركيا حيث تتمكن البلدان الأخرى من الاقتراض بفائدة سلبية بينما تقترض تركيا على المدى القصير من خلال دفع فائدة بالعملة الصعبة تبلغ 7 و7.5 و8.5 بالمئة وبعد ما تسبب وباء كوفيد – 19 بكبح الأسواق العالمية  فبات من الصعب بل من المستحيل مواصلة تركيا لوضعها القائم، كما شكل ذلك حجة بالنسبة للحكومة الحالية حيث وجدت الفرصة لتقول أن الاقتصاد العالمي يعاني من أزمة مثلنا".

وأضافت: "ولكن الحقيقة أن الأزمة الاقتصادية التي لم تتمكن الحكومة من إدارتها منذ زمن بعيد دفعت اقتصاد البلاد إلى حافة الهاوية مع تفشي وباء كورونا".

وحول ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة التركية ليتجاوز 7 ليرات قالت ناس: "عند حدوث أزمات عالمية مثل وباء كورونا تؤدي إلى كبح شديد في الاقتصاد العالمي فتنتقل رؤوس الأموال إلى موانئ آمنة  و كان هناك هروب شديد لرؤوس الأموال من الدول النامية قبل وباء كورونا  حيث تم سحب 140 مليار دولار من الدول النامية وإعادتها إلى وطنها الأم وتركيا أحد البلدان التي تأثرت بعملية سحب الاستثمارات من البلدان النامية إذ أن سعر مقايضة مخاطر الائتمان هو  في أعلى مستوى له في تركيا كما هو الحال في جميع الدول النامية ، لأن ديون القطاع الحقيقي والبنوك والمواطنين في الداخل

تتزايد وقد تتحول إلى أزمة في ميزان المدفوعات ، لذا تأتي تركيا على رأس الدول التي هربت منها رؤوس الأموال الأجنبية حيث خرج نحو 8 مليارات دولار من البورصة وأوراق الخزانة منذ تفشي وباء كورونا".

كما أشارت ناس إلى أن "الثقة بإدارة الاقتصاد مفقودة في تركيا وأسلوب إدارة الحكومة الحالية، لأن الحكومة عاجزة عن إدارة الاقتصاد، حيث تقوم باتخاذ قرار ما ومن ثم تتراجع عنه بعد عدة أيام، كما تقوم بحظر تداول الليرة على 3 بنوك أجنبية وتجمد سوق التداول في الوقت الذي تسعى فيه إلى عقد اتفاق مبادلة العملة، وتقول ليس لديها هدف تحديد سعر العملة من جهة وتقوم بالدفاع عن هدف سعر صرف العملة من خلال بعض الإجراءات السرية أو المبطنة من جهة أخرى".

موضحة "أي أن هناك هوة كبيرة بين ما تقوله الحكومة وما تفعله وهذا ما يدفع المستثمرين للابتعاد عن تركيا وسحب رؤوس أموالهم واستثماراتهم منها" مؤكدة أن "مفهوم إدارة الاقتصاد غير الواقعي وغير المستقر المتبع من قبل الحكومة لا يمنح الثقة لا للمستثمرين في الخارج ولا في الداخل ولا للمستهلك في البلاد".

وفيما يتعلق بتوقعاتها حول سعر صرف الليرة أمام الدولار قالت: "من الطبيعي أن يرتفع سعر السلعة إذا كان العرض قليلا، وموضوع سعر صرف العملة مرتبط بقدرة تركيا على تسديد ديونها وتجديد قروض المشترك ووصولها إلى موارد تساعدها في تحسين اقتصادها المتدهور بسبب وباء كورونا أو استفادتها من برنامج الطوارئ لصندوق النقد الدولي، لذا من غير الممكن التنبؤ بسعر صرف الليرة أمام الدولار".

وأشارت إلى أن: "التقلبات الشديدة في أسعار الصرف يضر الاقتصاد  أكثر من سعر الصرف، فهذا يجعل السوق غير قادر على تسعير أي منتج".

وحول سعي تركيا لعقد اتفاق تبادل العملات ومساهمتها في الاقتصاد التركي قالت: "اتفاق تبادل العملات (سواب) لا يحل المشاكل الطويلة الأجل، لأنه إجراء قصير الأجل يقتصر على شهر أو شهرين أو ثلاثة حيث ستضطر تركيا خلال المدة المحددة إلى إعادة الليرة التركية التي قدمتها ودفع الدولار أو اليورو الذي أخذته، لذلك يعتبر هذا حلا مؤقتا من الممكن استخدامه لتجاوز الأزمات والمآزق المفاجئة والمؤقتة ولكن الوضع يختلف حاليا" مضيفة أن: "اعتبار السواب كحل حاسم أمر غير واقعي وغير صحيح".

وأوضحت:" في حال عقدت تركيا اتفاقاً لتبادل العملات مع البنك المركزي الأميركي وهذا أمر غير وارد فمن الممكن أن يخلق الثقة حول تركيا ولكن لا يحل مشكلة العملة الصعبة فلدى تركيا مشاكل جذرية تحتاج إلى إصلاحات شاملة".

وتوقعت ناس أن: "قطاعات التصدير والاستيراد والتجارة والسياحة والمواصلات ستتلقى ضربة قوية بسبب وباء كورونا وبناء عليه ومقارنة مع الإحصائيات في السنوات الماضية يمكن القول أن معدلات البطالة قد تصل إلى 30 بالمئة ونسبة الانكماش الاقتصادي قد تتراوح بين  10 و 15 بالمئة في المرحلة المقبلة" ورأت "أنه من الصعب السيطرة على معدلات التضخم، لأن سلسلة التوريد لا بد أن تشهد احتقانا بعد فترة قصيرة، الأمر الذي سيؤثر سلبا على مستوى أسعار المنتجات بشكل عام ".

أفكارك وتعليقاتك