الانتخابات البلدية في فرنسا..​​​. فشل للرئيس ماكرون ونصر رمزي لـ "الخضر"

الانتخابات البلدية في فرنسا..​​​. فشل للرئيس ماكرون ونصر رمزي لـ "الخضر"

( أردو بوینت نتورك‎‎‎ ۔ / سبوتنيك - 29 يونيو 2020ء) أسامة حريري. شكّلت الانتخابات البلدية الفرنسية، التي جرت جولتها الثانية أمس الأحد، خيبة أمل كبيرة للرئيس إيمانويل ماكرون وحزبه الحاكم "الجمهورية إلى الأمام"، إذ لم يستطع الحزب الفوز بأية بلدية في المدن الكبرى مما شكل صفعة سياسية ستكون لها تبعاتها على الساحة الداخلية.

ولعلّ المفاجأة الكبرى في هذه الانتخابات هي التقدّم الملحوظ الذي حقّقه حزب الخضر (أوروبا إيكولوجيا الخضر) إذ فاز بعدد من البلديات في مدن كبرى كانت في السابق معقلا للاشتراكيين أو اليمين مثل مدن ليون (ثالث أكبر مدينة في فرنسا) وبوردو وستراسبورغ وبواتييه.

ويتوقّف الصحافي في لوفيغارو الفرنسية، "فرنسوا كسافييه بورمو" عند أسباب "الفشل" الذي أصاب الحزب الحاكم ودلالات "النصر الذي حققه حزب الخضر في انتخابات جرت في ظروف استثنائية سببها أزمة فيروس كورونا.

(تستمر)

ويقول الصحافي وكبير المراسلين في صحيفة لوفيغارو فرنسوا كسافييه بورمو، لوكالة سبوتنيك، إن أحد أسباب "فشل" حزب "الجمهورية إلى الأمام" في إحراز نتائج إيجابية في الانتخابات البلدية يعود إلى كونه "حزب شاب".

وتابع: "السبب الأول لفشل حزب الجمهورية إلى الأمام في الانتخابات البلدية هو سبب هيكلي يعود إلى كونه حزب شاب لا يتمتع بموطئ قدم على المستوى المحلي والمناطقي ولا يمتلك شخصيات سياسية محلية لكي يخوض هكذا نوع من الحملات الانتخابية".

ويتابع:" رئيس البلدية في فرنسا هو المُنتخب المُفضّل لدى الفرنسيين لأنه على احتكاك دائم بهم ولهذا السبب يفضل المواطنون رؤساء البلدية الذين يمارسون مهامهم منذ مدة من الزمن أو الذين لم يُنتخبوا بعد وينشطون في الحياة العامة".

هذا وتجدر الإشارة إلى أن حزب "الجمهورية إلى الأمام" تأسس عام 2016 مما يعني أن الانتخابات البلدية لهذا العام هي أول انتخابات يخوضها الحزب الشاب (آخر انتخابات بلدية كانت عام 2014).

ويصف كسافييه بورمو، صاحب كتاب "ماكرون .. الضيف المفاجئة"، أداء حزب الجمهورية الى الأمام في الانتخابات البلدية بـ"الفشل الكامل" حيث لم ينجح الحزب في زرع مرشحيه في المدن والبلدات كما كان يأمل لكي "يتقرّب من المواطنين" على مستوى محلي.

وعن سبب "النجاح" الذي حققه حزب "الخضر" في الفوز برئاسة بلديات عدة مدن كبرى يقول بورمو لسبوتنيك: "هناك حركة تغيير جوهرية في المجتمع الفرنسي وفي العالم أيضا تتعلق بالدفاع عن البيئة. في المجتمعات الغربية أصبحت قضية الاحتباس الحراري مسألة مهمة بالنسبة للرأي العام وهذا يُترجم بفوز رمزي لحزب الخضر ببلديات مدن كبرى".

وبالنسبة لفرنسوا كسافييه بورمو فإن "النصر" الذي حققه حزب الخضر يعدّ "رمزياً" لأنه "لم يعمّم على كامل الأراضي حيث لم يستطع هذا الحزب الفوز في المدن الصغرى التي ما زالت معقلا لأحزاب اليمين".

وعن احتمال أن يشكّل "الخضر" تهديدا للرئيس ماكرون في المستقبل يقول بورمو :"لا أعتقد أن حزب الخضر سيشكل خطرا على الرئيس ماكرون في الانتخابات الرئاسية عام 2022 يجب ألا ننسى أن أحزاب اليسار بشكل عام وحزب الخضر لديهم جاهزية طبيعية للانقسام وعدم التوصل لاختيار قائد موحّد".

ويحاول الرئيس ماكرون أن يستميل ناخبي "الخضر" - خاصة بعد النتائج الإيجابية التي حققوها خلال الانتخابات البرلمانية الأوروبية الأخيرة شهر أيار/مايو العام الماضي – من خلال طرحه لمشاريع مستقبلية "تتماشى مع مبدأ الحفاظ على المناخ وحماية التنوع البيئي".

وحول سياسة ماكرون البيئية يشرح بورمو قائلا :"ماكرون لا يريد أن يظهر في موقع المعارض للخضر بل يريد أن يرافقهم في طروحاتهم لكي يركب الموجة الخضراء وقد سبق وبدأ القيام بذلك عبر الحوار مع حركات الدفاع عن البيئة. قضية البيئة ستكون محورية في سياسة ماكرون خلال الفترة المتبقية له في الحكم".

وصوّت الفرنسيون أمس الأحد في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية التي أُجلت أكثر من ثلاثة أشهر بسبب وباء كورونا. وبلغت نسبة المشاركة مستوى منخفض جداً وصل الى 41.6 بالمئة، بحسب وزارة الداخلية. 

وجرت الدورة الثانية من الانتخابات البلدية في ظل ظروف صحية استثنائية بعد قرابة شهر ونصف على رفع الحجر الصحي - الذي فرضته السلطات في السابع عشر من مارس الماضي لغاية الحادي عشر من أيار/مايو بسبب وباء كورونا.

أما الدورة الأولى من الانتخابات البلدية فكانت جرت في ال15 من مارس الماضي أي قبل يومين من فرض الحجر الصحي، إلا أن تدهور الوضع الصحي حال دون تنظيم الدورة الثانية التي كانت ستجري بعد أسبوع من الدورة الأولى أي في الثاني والعشرين من آذار/مارس الماضي.

وفاز رئيس الوزراء إدوارد فيليب برئاسة بلدية مدينته "لو هافر" الواقعة شمال البلاد بفارق كبير عن منافسه. ولا يمنع القانون الفرنسي أن يترشح عضو في الحكومة لرئاسة البلدية شرط أن يؤدي مهامه على أكمل وجه.

ويرى بعض المحللين أن أيام إدوار فيليب في رئاسة الوزراء أصبحت معدودة وهو ما دفعه الى الترشح لرئاسة بلدية مدينته.

أما فرنسوا كسافييه بورمو فيرى أن ماكرون لن يتخلى عن إدوارد فيليب لأنه "بحاجة إليه" في الوقت الحالي وقد تبين ذلك من خلال قبول ماكرون باعتراضات فيليب حول بعض النقاط في ميثاقية المواطنة للمناخ ( ماكرون تعهد عبر ميثاقية المواطنة للمناخ ببذل جهد أكبر لاتباع سياسات رفيقة بالبيئة وتخصيص  مبلغ 15 مليار يورو على فترة عامين لهذه الغاية) .

وفي باريس فازت عمدة مدينة باريس عن الحزب الاشتراكي آن هيدالغو بولاية ثانية متقدمة بفارق كبير عن منافستيها رشيدة داتي عن حزب "الجمهوريون" اليميني وآنييس بوزان عن حزب "الجمهورية الى الأمام".

أفكارك وتعليقاتك